بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة من حزب التحرير / ولاية مصر إلى الضباط الملتحين المعتصمين أمام قصر الاتحادية
الحل هو تطبيق الإسلام كاملاً في دولة الخلافة!
أيها الضباط المعتصمون!
نحييكم بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إننا في حزب التحرير نقدر لكم شجاعتكم، وتمسككم بالحكم الشرعي، كما نقدر لكم وقفتكم هذه من أجل السماح لكم بالعودة إلى ممارسة وظائفكم كضباط ملتحين، فإن هذا الأمر إن دلّ على شيء فعلى أن الإسلام حي في مصر الكنانة، ليس في شعبها وعامة الناس فحسب، بل أيضاً في جيشها وأجهزتها الأمنية!
وإنه لمن المؤسف حقاً أن تعجز حكومة من يسمون "بالإسلاميين" عن تطبيق حكم شرعي بسيط كهذا وتسمح لمن يلتزم الإسلام في مظهره أن يمارس عمله في الدوائر الأمنية. ليس هذا فحسب... بل ويأتي وزير داخلية حكومة "الإسلاميين" فيطعن في حكم المحكمة الذي يسمح لكم بمزاولة عملكم ويستأنف... وكأنه يتحدى الإسلام! ثم تأتي المحكمة الإدارية العليا فتقر الطعن، وتثبت المنع!!
أليس في هذا أدل دليل على أن النظام الحاكم - نظام ما بعد الثورة - كسلفه لا يمت إلى الإسلام بصلة؟! وأنه بعيد عن الإسلام كل البعد، وأن دخول من يسمون "بالإسلاميين" فيه لم يغير من هذا الواقع شيئاً.. إلا أنه خدع الناس بأن ألبس الكفر ثوب الإسلام؟!
أيها الضباط الأفاضل!
إن القضية في حقيقتها هي أكبر بكثير من هذا الأمر الجزئي من السماح بإعفاء اللحية في وظيفة أمنية، إن قضيتنا نحن المسلمين - ضباطاً ومدنيين - هي في تطبيق الإسلام كاملاً في كل شئون الحياة، فهذا الذي فرضه علينا رب العالمين حيث قال: ((فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) [النساء: 65].
فهل يرضيكم مثلاً أن يُسمح لكم بالعودة لمزاولة مهنتكم، ثم تكلفون - وأنتم ملتحون - بحماية "الكباريهات" والنوادي الليلية في وسط القاهرة، بعد أن مدّت حكومة "الإسلاميين" ترخيصها لها من سنتين إلى ثلاث سنوات؟! فهل هذا هو الإسلام الذي نرنو إليه أيها الضباط الأفاضل؟
أيها الضباط المسلمون!
إن الله تعالى لن يرضى عنا إلا بتطبيق الإسلام كاملاً في كل شئون الحياة، فقد قال سبحانه في كتابه الكريم محذراً: ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)) [البقرة: 85]، فإن هذا الخزي قد وقع علينا منذ أن هدم الكافر المستعمر دولتنا دولة الخلافة، وفتت أوصال الأمة بأن قسمها إلى بضع وخمسين دولة ودويلة، وهذا الخزي مشاهد محسوس في كل مكان في بلدنا مصر؛ من فقر، وعوز، وبطالة، وفوضى، وأمراض، وذلّ، واستجداء بالدول الكبرى، التي لا تزيدنا تدخلاتها إلا ذلاً بعد ذل، وفقراً بعد فقر... ولن ننجو من هذا الخزي إلا بتحكيم شرع ربنا كاملاً في كل شئون حياتنا، سياسية كانت أم اقتصادية أم اجتماعية أم غيرها...، وهذا لا يكون إلا في دولة الخلافة التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي يعمل حزب التحرير جاهداً لإقامتها.
أيها المسلمون! أيها الضباط الأفاضل!
لقد ثبت الآن بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يمكن تغيير نظام فاسد مخالف للإسلام من داخله... بأخذ حقائب وزارية هنا أو هناك أو حتى بتشكيل حكومة كاملة، ما دام أصل النظام القائم في دستوره وقوانينه جمهورياً علمانياً مخالفاً للإسلام، يجعل السيادة في التشريع للشعب من دون الله، وما دامت القوى العلمانية لا تزال تتحكم في مفاصل الدولة، ولقد أظهرت هذا التحكم بشكل مستفز سافر في قرارها الأخير بمنعكم من مزاولة أعمالكم والعودة إلى وظائفكم، فما أغنت لحية الرئيس ولا لحية رئيس وزرائه عنكم شيئاً...!
إن التغيير الحقيقي المثمر الناجح إنما يكون بكنس النظام الفاسد من أساسه وإقامة النظام الصحيح مكانه، فهذا ما ينطق به الواقع... وهذا ما فعله نبراس الهدى الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما هاجر إلى المدينة، فقد أزال النظام الجاهلي من جذوره وأقام دولة الإسلام مكانه، أقامها على أساس إسلامي خالص من أول يوم، جعل فيها السيادة المطلقة للإسلام وحده، فقد جاء في وثيقة الرسول صلى الله عليه وسلم التي كتبها فور وصوله إلى المدينة: "وإنّه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حديث أو اشتجار يخاف فساده، فإنّ مردّه إلى الله عزّ وجلّ وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فأي نزاع مردّه إلى الله ورسوله فحسب... ليس إلى هوى الناس ولا إلى هوى نوّابهم... هذا ما يعنيه تحديداً المصطلح الحديث أن تكون السيادة للشرع لا للشعب!
أيها الضباط الأفاضل، يا من تمسكتم بحكم الله!
إن تمسككم بحكم اللحية رغم الإقصاء والإبعاد من الوظيفة الذي تعرضتم له، والحرمان من الدخل... لهو دليل واضح على مدى حبكم للإسلام، وإصراركم على الانصياع لأحكامه، وإن كان على حساب المال والمهنة والمستقبل، فما دام هذا هو حالكم... أليس حري بكم أن تضحوا من أجل ما هو أعظم من هذا الحكم الجزئي، ألا وهو العمل لإقامة حكم الإسلام كاملاً في مصر الكنانة، بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي بشرنا بها الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم، فتفوزوا بالعزة والكرامة في الدنيا وبرضى الله والثواب العظيم يوم القيامة؟
فإلى العمل معنا وإلى هذا الفوز العظيم ندعوكم أيها الضباط المسلمون!
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)) [الأنفال: 24]
22 من رجب 1434
الموافق 2013/06/01م
حزب التحرير
ولاية مصر