بسم الله الرحمن الرحيم

((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ))

أيها المسلمون في باكستان!

هل رأيتم ما فعل الحكام بنا، فعلى الرغم من عظم النعم التي منّ الله بها علينا، من الموارد والقوة المادية وأمة نبيلة كريمة، بالرغم من هذه النعم فإننا نتعرض لتفجيرات واغتيالات شبه يومية في أنحاء البلاد وخاصة في عاصمة مقاطعة بلوشستان المهمشة من قبل الحكومة، كويتا. ونحن إذ نعد موتانا بالمئات ونسمع صرخات آهات آلاف الجرحى فإنّ الحكام يرشون الملح على جراحنا من خلال إذلالنا على نقاط التفتيش وقطع وإرباك شبكات الاتصالات وخطوات أخرى، ومع ذلك تتظاهر الحكومة كما لو أنها لم تفعل شيئا، ولكن في الحقيقة فإنّ الحكومة لم تقصر في حفظ أمن الناس فحسب، بل هي السبب الفعلي لبؤس الناس ومعاناتهم وقتلهم وجراحهم.

ألم تروا كيف تواطأ الحكام مع سيدتهم، أمريكا، في التنسيق لقتل المسلمين في جميع أنحاء البلاد؟ ألم تروا كيف يتم دعم الإرهابيين الأمريكان من أمثال شبكة ريموند ديفيس، من خلال الخونة في القيادة السياسية والعسكرية وأجهزتها مجهولة الهوية، والبلطجية المرتزقة؟ لذلك، فإنّه بينما يتم إيقافنا على نقاط التفتيش، فإنّ سيارات الدفع الرباعي للإرهابيين الأمريكيين، ذات الشبابيك المظللة والتي تحمل لوحات تسجيل مزورة تمر من أمام هذه النقاط من دون أن يتم توقيفها بأمر من هؤلاء الحكام، وبينما يتم تفتيش سيارات أهل البلاد قطعة قطعة، فإنّ هؤلاء الحكام يرتبون للأميركيين استيراد معداتهم الإجرامية في حاويات مختومة، والتي لا يُسمح لأي مسؤول باكستاني بلمسها ناهيكم عن تفتيشها، وبينما يقطع هؤلاء الحكام الاتصالات الهاتفية عن الناس، على الرغم من الحاجة الماسة لها لحالات الطوارئ الطبية وغيرها، يظل الإرهابيون الأمريكيون يتجولون في شوارع عاصمتنا والقواعد العسكرية الحساسة بهواتف تعمل بالأقمار الصناعية من أجل تنظيم أعمال القتل والفوضى في البلاد. وبينما نتوق إلى الأمن، حتى لو كان تحت صخرة أو تحت الأرض، يؤمن الحكام أفخم الأماكن لتسكين الإرهابيين الأمريكيين، ويرخصون لبناء ثاني أكبر سفارة أمريكية في العالم، حتى أصبحت قلعة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

ألم تروا كيف حول هؤلاء الحكام أقوى قوة في البلاد الإسلامية إلى بلد تحت الحصار الدموي، وما ذلك إلا لمصلحة أعدائنا؟ وهذه الفوضى هي لخلق البلبلة والخوف بين المسلمين، ما يسمح لأمريكا والدولة الهندوسية  بإلحاق الأذى بباكستان، وهي القوة النووية الوحيدة بين البلدان الإسلامية، ومعلوم أنّ قوات الاحتلال الأمريكية في أفغانستان هي المستفيد المباشر من هذه الفوضى، في الوقت الذي تسعى فيه أمريكا إلى التحضير لوجود دائم لها في المنطقة تحت ستار الانسحاب المحدود. وكذلك الأمر لتأمين تغلغل المخابرات والقوى العسكرية وشبكات القتل التابعة لأمريكا. كما أنّ هذه الفوضى تخلق فرصا للدولة الهندوسية لتنفيذ مطامعها ضدنا في كشمير المحتلة وحتى داخل باكستان. فهذا هو المعنى الحقيقي لعبارة صيغت من قبل وزير الدفاع الأميركي السابق، دونالد رامسفيلد، "الفوضى الخلاقة". فالفوضى وانعدام الأمن وتدمير بلاد المسلمين هي "لخلق" فرص لأعدائهم.

وبينما تنزف الأمة أنهارا من الدماء من الجروح الغائرة التي سببها هؤلاء الحكام وأسيادهم، يختلق هؤلاء الحكام المنافقون "حلولا" من مثل: حكم الجيش، وسيادة حكم رئيس الوزراء، بينما المشكلة الفعلية هي هؤلاء الحكام أنفسهم وأسيادهم الكفار الاستعماريون!

أيها المسلمون في باكستان!

سنظل نرى هذا التدمير على أيدي هؤلاء الحكام طالما بقينا نعيش من دون الخلافة، بغض النظر عن شخص الحاكم في هذا النظام الحالي، فإننا سنظل نشهد تدميرا لبلادنا لأنّ هذا النظام هو نظام الاستعمار، والعرش فيه لخونة شعبهم فقط، وفقط في ظل الخلافة نستطيع رؤية نهاية الوجود الاستعماري في باكستان، فهو السبب الحقيقي لعذاباتنا. والخلافة هي التي ستغلق القنصليات والسفارات والقواعد الأمريكية كافة وترحل جميع مسؤوليها. وهي التي ستنهي كافة الاتصالات مع المسؤولين في القوى الأجنبية المعادية، وبالتالي قطع أذرعها من بلادنا حتى لا تتمكن من العبث فيها. والخلافة وحدها هي التي ستوحد جميع البلدان الإسلامية، وتوحد القوات المسلحة فيها والتي تزيد عن ستة ملايين جندي، وهي التي ستجمع كل ما لديهم من موارد في دولة واحدة، من أجل حماية المسلمين من شر العدو الكافر. وفي الواقع، فقد كانت الخلافة على مر العصور درعا للمسلمين وغير المسلمين، تحمي أرواحهم وممتلكاتهم، فالخلافة هي التي قهرت التتار والصليبيين والرومان والفرس، وحتى عندما كانت في أضعف حالاتها أجبرت الخلافة أمريكا على دفع الجزية في اتفاق وُقع في 21 صفر 1210 هجري، الموافق 5 يونيو حزيران 1795م، والتي تنص على إلزام أمريكا بدفع 642,000  دولار من الذهب، ودفع 12,000 ليرة من الذهب العثماني إلى الدولة سنويا، وهذا الاتفاق هو الوحيد الذي وقعت عليه أمريكا بلغة غير لغتها.

بالخلافة وحدها تُصان أرواحنا وأموالنا وأعراضنا، فالخلافة هي التي تطبق أمر الله سبحانه وتعالى القائل ((وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)). والخلافة لا تميز بين المسلمين على أساس المذهب أو العرق أو اللغة، حيث قال الله سبحانه وتعالى ((هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ)). وبالتالي فإنّ دولة الخلافة ليست دولة مذهبية وإنما هي لجميع المسلمين، فالخلافة تحافظ على أرواح وممتلكات وشرف جميع رعاياها، بغض النظر عن اللغة أو العرق أو الدين. ولقد عاش المسلمون قرونا عدة باختلاف مذاهبهم دون أن يستبيح أحدٌ منهم دم الآخر، فلم يروِ لنا التاريخ الإسلامي على مدار ثلاثة عشر قرنا أنّ الشافعي استباح دم أخيه الحنفي، أو أنّ الحنفي استباح دم أخيه الجعفري، ولكن هذه الفتنة المعاصرة هي من صنيعة الغرب الذي غزا بلاد المسلمين، وغذّى فيها النعرات التي لا تمت للإسلام بصلة، من مثل نعرات الوطنية والقومية والمذهبية، أما المسلمون فقد عاشوا بوئام لقرون عدة، وأحسنوا حتى لأهل الذمة من نصارى ويهود ومجوس وهندوس ممن يختلفون معهم في العقيدة وليس في المذهب فحسب، دون أن يعتدي بعضهم على بعض، أو يُستباح دم ومال وعرض بعضهم بعضا.

أيها الضباط المخلصون في القوات المسلحة الباكستانية!

ألم تروا ما يكفي من الغدر من الجاثمين على صدوركم وعلى رؤوسكم؟ فإنّه لم يعد سرا أنّ القوات المسلحة الباكستانية هي القوة الحقيقية في باكستان، فإن ساءت الأمور فأنتم المسئولون عن ذلك، وعن السماح باستمرار الوضع السيئ، وتذكروا أنكم من أبناء المسلمين ومن ورثوا تركة من مئات السنين من الحكم الإسلامي لهذه المنطقة، وبسبب الإيمان الذي في صدوركم تزداد قدراتكم العسكرية، لذلك فإنّ أمريكا تعتمد على قوتكم بدلا من جنودها الجبناء، وهذا الإيمان هو الذي يمكنكم من التغلب على المخاوف، فتقومون بما يريدون منكم القيام به، فلا تسمحوا لأنفسكم أن تسيروا على خطى أولئك الذين وقفوا مع صانعي الأذى من خلال الصمت عنهم، كياني وزرداري وناديهم من البلطجية، حيث قال الله سبحانه وتعالى ((وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ)).

الآن هو الوقت المناسب للقيام بما يرضي الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وهو منوط بالضباط المخلصين من أجل انتزاع السلطة وإعطائها إلى الحزب المخلص الواعي، من أجل إقامة دولة الخلافة التي تحكم بالإسلام، وتحرر البلدان الإسلامية وتوحدها. فضعوا أيديكم بيد حزب التحرير الآن وتذكروا رفاقكم في السلاح الذين سبقوكم في إقامة الإسلام في المدينة المنورة، عن طريق إعطاء النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل سعد رضي الله عنه الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمه عند وفاته: "ليرقأ (لينقطع) دمعك، ويذهب حزنك، فإن ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش". [الطبراني]

                         

13 من ربيع الثاني 1434                                                                                     حزب التحرير 

الموافق 2013/02/23م                                                                                         ولاية باكستان

للمزيد من التفاصيل