باحث أكاديمي يكشف تورط المؤسسة البحثية الاسترالية "FDI" في نشر تقرير يخوف من حزب التحرير يفتقر إلى أدنى معاير المهنية
كتب البروفيسور مارانتشي مقالا نشره على مدونته أول أمس الجمعة 11/1/2013، يرُدّ فيه على تقرير كتبه "ميرزا صدقات" حول حزب التحرير بتاريخ 13/12/2012، نشرته مؤسسة التحليل الاستراتيجي المستقلة لمصالح استراليا الدولية "FDI"، التي تتخذ من مدينة بيرث في استراليا مقراً لها.
يقول البروفيسور مارانتشي أنّ المؤسسة البحثية "FDI" نشرت بتاريخ 13/12/2012 تقريراً تحت عنوان "حزب التحرير في استراليا: بحاجة ماسة إلى التزام دولي لمقاومة أفكاره"، وملخص التقرير الذي نشرته المؤسسة والواقع في ست صفحات هو:
التحذير من حزب التحرير الراديكالي، لإمكانية تشكيله تهديدا ثقافيا واجتماعيا لاستراليا على المدى القصير. وإمكانية أن يعمل على زيادة إثارة مستوى العنف الطائفي على المدى المتوسط. وإمكانية تحريضه على هجمات إرهابية بطريقة غير مباشرة، عن طريق جماعات أو أفراد تابعين له ومن ثم خلق مجتمع منقسم، على المدى الطويل.
كما ركز التقرير على مسألة تنظيم حزب التحرير ونشاطه في 40 دولة أخرى، وبالتالي وجوب تنسيق جهود استراليا مع تلك الدول، لتعزيز الإجراءات الوقائية ضدّ التهديد الذي يشكله حزب التحرير على الحياة الاجتماعية والثقافية لاستراليا في المدى القصير. وكجزء من الحل، أشار كاتب التقرير ميرزا إلى "الإسلام المعتدل" والقيم الثقافية والاجتماعية والهوية الوطنية، التي قد تكون مفاتيح لأفكار أساسية لمناهضة أفكار الحزب.
وقد علّق البروفيسور مارانتشي على التقرير بداية بالقول، إنّ هذا التقرير المفزع جلب انتباه وسائل الإعلام وانتباه حزب الحرير. وأضاف، هنا لا أريد أن أناقش قضية حزب التحرير في استراليا أو في بلاد أخرى –مع أنّ لي علاقات مع باحثين في المملكة المتحدة واندونيسيا وماليزيا وحتى في سنغافورة، المكان الذي لا يتواجد فيه حزب التحرير بشكل رسمي-، بل أريد أن أناقش نوعية هذا التقرير وطرح بعض الأسئلة المحددة وذات العلاقة.
وقد شكك البروفيسور في المنهج الذي سلكه ميرزا في كتابة التقرير، حيث قال: الخطوة الأولى لتقييم أي تقرير هو السؤال عن المنهج، وسأل عن المنهج الذي اتبعه السيد ميرزا في كتابته للتقرير، وقال، عادة ما يتم الإشارة للمنهج بشكل واضح في التقارير وأوراق التحليل. إلا أنّ هذا ليس هو الحال في هذا التقرير. أما الخطوة الثانية فهي التحقق من المصادر أي المراجع المستخدمة في التقرير، وهذا يمكن أن يقودنا إلى أمرين: إمكانية استنتاج المنهج ونوعية المصدر. وبالرجوع إلى المصادر والمراجع المذكورة في التقرير، خلُص البروفيسور إلى أنّ واحدا من المصادر التي ذكرها ميرزا يعود إلى مؤسسة أبحاث، والمصادر الأخرى تعود لمواقع وصحف، ليؤكّد البروفيسور على أمر غاية في الأهمية، وهو أنّ المنهج الذي اعتمده ميرزا قائم على أساس مصادر ثانوية، وأنّ هذه المصادر الثانوية ضعيفة جداً.
وقد نفى البروفيسور عن ما كتبه ميرزا صفة "التقرير"، حيث قال، لذلك، ما نقرأه ليس ورقة تحليلية ولا تقريراً، وإنما هو رأي لا يختلف عن أي رأي في مدونة أو منتدى أو صحيفة، وأنّ الأمر في مقالات الرأي، لا يتعلق بالمنهج أو المصدر، وإنما يتعلق بسمعة وخبرة الكاتب. ما دعا البروفيسور لأن يتحقق من أوراق اعتماد السيد ميرزا ، ومن مؤهلاته ذات العلاقة وخبرته الأكاديمية.
واستطرد البروفيسور قائلا: إنّ السيد ميرزا وفقاً لمؤسسة التحليل الاستراتيجي "FDI"، فإنّه باحث كبير مشارك في معهد مشروع بنغلادش، وهو حاصل على شهادة الماجستير في الدراسات الأمنية من جامعة مكويري في سيدني، وشهادة البكالوريوس من جامعة كانبيرا، وأنّ السيد ميرزا لديه بعض الاهتمام بـ "التعاون المتعدد الأطراف بشأن القضايا الأمنية غير التقليدية في جنوب وجنوب شرق آسيا"، وكما يمكن أن نقرأ على موقع مؤسسة أخرى، أنّه "كتب عدة مقالات حول قضايا أمنية نشرتها وسائل إعلام محلية وعالمية." وأضاف بأنّ ميرزا لم يحصل على شهادة الدكتوراه.
وهنا كشف البروفيسور عن حقيقة مهمة حيث قال، لكن بما أنه يعلن أنّه نشر عدة مقالات في وسائل إعلام عالمية، فإنّ خطوتنا التالية هي التحقق من أوراق اعتماده الأكاديمية ونوعية منشوراته. هذه المهمة سهلة للغاية هذه الأيام: يمكن للشخص أن يبدأ من قاعدة البيانات لغوغل، عن طريق البحث عن الكاتب ميرزا صدقات.
النتيجة المدهشة هي أنه لا يوجد ولا منشور تحت ذلك الاسم، وأيضاً إذا حاولت استخدام قواعد بيانات أخرى فإنّ النتيجة واحدة وهي صفر. وفي هذه الحالة يمكن للشخص أن يبحث فيما وراء قاعدة البيانات الأكاديمية الدولية ويتحقق عن طريق " infinity of Google". وهنا يمكن أن تجد شيئا لميرزا منشوراً في صحيفة " The Daily Star" بتاريخ 14/1/2012، بعنوان "سابر الإرهاب: الحقيقة أو المبالغة"، مرة أخرى المقال عبارة عن رأي يقوم على أساس ضعيف جداً ولا يوجد مصادر ولا شواهد على ما كتب. وهناك الكثير من الآثار التي تركها ميرزا، لكن ليس منها ما هو أكاديمي ولا عالمي ولا حتى محلي.
ويخلص البروفيسور إلى أنّ ميرزا ليس خبيراً في هذا المجال، وأنّ لديه معرفة قليلة وبضع مقالات في الصحف وتقرير قديم نشر في سنة 2007 من قبل مؤسسة بحثية حول الموضوع نفسه. وبناءً على ما تقدم رفض البروفيسور ورقة ميرزا بالقول، لذلك يجب رفض التحليل والورقة لأنها دون المستوى المطلوب لموضوع في أي جامعة.
وبعد أن وصل إلى تلك المعلومات الخطيرة تساءل البروفيسور، لماذا تلوث مؤسسة مثل مؤسسة التحليل الاستراتيجي المستقلة لمصالح استراليا الدولية "FDI"، سمعتها بنشر وتوزيع مثل هذه الكتابات الضعيفة على الصحافة وتقرنها بها. هذا هو السؤال الملحّ خصوصا أنّ هذه المؤسسة البحثية تتعامل مع قضايا جدية أخرى. ولماذا ينشرون مثل هذه الورقة الضعيفة في الوقت الذي ليس لديهم أي تركيز خاص على التهديدات الإسلامية؟ ولمن يريد التأكّد يطلب البروفيسور مراجعة أرشيف المؤسسة. ويستمر بطرح الأسئلة، من الذي يشرف على إصدار الكتابات؟ ولماذا لم تطلب المؤسسة كتابة التقرير من خبير، أو حتى من لجنة لتقديم مشروع بحثي مناسب على الموضوع؟
وقد زاد من التشكيك في المؤسسة عندما ذكر البروفيسور أدلة واضحة تشير إلى إمكانية تورطها، حين قال، ليس من السهل تجاهل هذه الأسئلة ووضعها جانباً. فللمؤسسة جامعات مثل جامعة مردوك وجامعة ويسترن استراليا وجامعة كرتن للتكنولوجيا وجامعة نوتر ديم استراليا، التي هي من بين الجامعات التي ترعاها المؤسسة. بالإضافة إلى ذلك فإنّ لدى المؤسسة مجلس إدارة يحظى باحترام كبير، وأنّ من بينهم الكثير ممن يحملون شهادة البروفيسوراه ويعملون في جامعات استرالية، وأنّ لديهم الكفاءة والخبرة الجيدة للقيام بأبحاث صحيحة. وقد تمنى على المؤسسة أن تعيد النظر في سياساتها الداخلية لضمان جودة الكتابات التي ينشرونها.
ونصح البروفيسور المؤسسة بالقول، إنني كأكاديمي لديه خبرة في الأبحاث لأكثر من عقد من الزمن، في الأصولية والحركات والجماعات الإسلامية السياسية، فإني أنصح بشدة مؤسسة التحليل الاستراتيجي أن تسحب الورقة التي نشرتها لتتجنب المساومة على جودة معلوماتهم وإصداراتهم وعملهم.
وختم البروفيسور رده بالإشارة إلى علاقة الاستخبارات بما سمي زوراً وبهتاناً "تقريرا" حيث قال، لغاية اليوم، لا يوجد أبحاث أكاديمية واسعة وموضوعية حول حزب التحرير في استراليا، وبناءً على ذلك فإنّ أي "نصيحة" حول مستوى التهديد الحقيقي أو الخطر الذي يشكله مثل هذا التنظيم، ما زال مخفياً في ملفات المخابرات الاسترالية وتقارير الشرطة. لكننا نعرف أنّ هناك اختلافا جوهرياً بين العمل الإستخباراتي وبين العمل البحثي الأكاديمي الجدّي، ولا يمكن أن يَحلّ أحدهما محلّ الآخر. فللبحث الأكاديمي -في معظم الحالات- المصلحة وهي العامة ووضوح المجال والهدف وهي عادة ما تستند إلى الأخلاق والمنهج السليم في البحث.
13/1/2013