بسم الله الرحمن الرحيم
أكبر عملية قمعية أسندت للمخابرات الجوية كانت ضد حزب التحرير
- عبد الكريم النبهان، رئيس فرع المخابرات الجوية في المنطقة الوسطى (حمص) لاحقا.
حين أسس جهاز المخابرات الجوية، كانت المهمة الأساسية الموكلة إليه، إن لم نقل الوحيدة، هي أمن سلاح الجو السوري، وفي المقدمة أمن "الطائرة رقم 1" في هذا السلاح إذا جاز التعبير. أي الطائرة الرئاسية، وكل ما يستتبع ذلك من جوانب أمنية ولوجستية تتعلق بالرئيس الأسد لاسيما أثناء سفره خارج القطر. هذا بالإضافة لبعض العمليات الخاصة في الخارج، سواء منها المتعلقة بأمن سلاح الجو مباشرة (أمنيا وتقنيا)، أو تلك المتعلقة بشخصيات سياسية معارضة. والمعلومات المتوفرة تشير إلى أن عملية اغتيال إيلي حبيقة قد نفذت من قبل هذا الجهاز، خصوصا إذا علمنا أن الأمن الخاص لإيلي حبيقه، ومنذ أن دبر اللواء حويجة عملية انشقاقه عن جعجع وحتى تصفيته، كان من جهاز المخابرات الجوية السوري!
بسبب طبيعة المهام الخاصة التي أوكلت لهذا الجهاز، من الصعب الحديث عن دور بارز له، على الأقل من ناحية الكم لا النوع، في عمليات القمع الداخلية التي اضطلعت بها المخابرات العسكرية بالدرجة الأولى، والمخابرات العامة بالدرجة الثانية والأمن السياسي (التابع لوزارة الداخلية) بالدرجة الثالثة. وقد ظل دور المخابرات الجوية "ملتبسا" دوما لجهة علاقتها بالحياة السياسية الداخلية، وإن يكن من المؤكد لدينا أن اللواء محمد الخولي كان وراء إنشاء عدد من "الدكاكين" السياسية خلال الثمانينيات، لعل أبرزها "دكان" كريم الشيباني، الذي يحمل اسم "الحزب الوطني الديمقراطي". مع الإشارة إلى أن الشيباني ينحدر من قرية "عين قيطة" وهي عمليا حارة من حارات بلدة محمد الخولي "بيت ياشوط"، وأن الخولي كان وراء تعيين الشيباني عضوا في "مجلس الشعب" خلال الفترة 1986 - 1990. والملاحظ أن إغلاق "دكان" الشيباني قد تزامن مع انطفاء اسم الخولي وخروجه من الحياة العامة!
عموما، يمكن القول إن أكبر عملية قمعية أسندت للمخابرات الجوية ضد المعارضة السياسية هي العملية التي قادها ضد "حزب التحرير الإسلامي" مطلع التسعينيات الماضية، والتي أسفرت عن تفكيك البنية التنظيمية لهذا الحزب واعتقال حوالي المئتين من قياداته وكوادره المؤهلة تأهلاً علمياً عالياً (أطباء، مهندسون، محامون.. إلخ). وكانت إناطة هذه المهمة بالمخابرات الجوية دون غيرها من الأجهزة لسبب أقرب ما يكون إلى "المصادفة" منه إلى أي التخطيط المسبق، إذ إن أول من اعتقل من كوادر حزب التحرير الإسلامي كان ضابطا في سلاح الجو. وبعدها كرّت السّبّحة! وثمة عرف متبع في سورية يقوم على أن الجهاز الأمني الذي يكتشف قضية، أو تنظيما معارضا، يسند إليه أمر متابعتها إلى آخرها، فيما تقوم الأجهزة الأخرى بمساعدته إذا تقاطع نشاطها في مرحلة من مراحل المتابعة مع الجهاز الذي اكتشفها.
أما القضايا السياسية الأخرى التي تولت المخابرات الجوية الاضطلاع بها فكانت قضايا أقرب إلى "الفردية"، إذا ما استثنينا قضية "المحاولة الانقلابية" الوهمية التي فبركها هذا الجهاز في العام 1986 كفخ لاصطياد الضباط المشكوك في ولائهم. وقد تمت العملية بالتنسيق مع اللواء أحمد عبد النبي قائد الفرقة السابعة آنذاك، الذي قام بدور الطعم المسموم!
ينبغي أن نضيف أيضا، ولو على صعيد ممارساته القمعية الخارجية البارزة، لكن غير المعروفة إلا على نطاق محدود، عملية مطاردة أتباع الجنرال ميشيل عون (المدنيين، لا العسكريين) فيما كان يسمى "بيروت الشرقية" ومحيطها بعد أن دخلتها القوات السورية، وبشكل خاص مناطق المتن والضبية والأشرفية وعين سعادة وبيت مري وبرمانا و"المونت فيردي". وقد تمت هذه العملية بدعم كبير من عناصر جهاز الأمن الخاص لحزب الكتائب - جناح بقرادوني، الذين عملوا مع المخابرات الجوية السورية كدلاّلين (..)! ولا بد من الإشارة هنا إلى أن ابراهيم حويجة أسس مركزا هاما له في منطقة حرش تابت - سن الفيل في بيروت منذ العام 1978. وقد تولى هذا المركز جميع العلمليات المشار إليها أعلاه. وليس مصادفة أن القيادي الكتائبي بطرس خوند قد اختطف من هذه المنطقة بالذات في أيلول / سبتمبر من العام 1992!
المصدر: ملفات سوريا - موقع الوكيليكس
11 من محرم 1434
الموافق 2012/11/25م