هذه آية ربكم الخالق سبحانه وتعالى، من كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه، وهي تؤكد بأنّ الله سبحانه وتعالى هو وحده صاحب الصلاحية في تعيين الحق والباطل، وهي تؤكد بأنّ من لم يحكم بما أنزل الله كأن يحكم بأهوائه وميوله فهو من الظالمين، وهذا ينطبق على نظام الحكم في باكستان، سواء أكان نظام الحكم ديمقراطيا أم دكتاتوريا، فالأحكام الإسلامية قد وضعت جانبا بسبب حكم رئاسة الوزراء والرئاسة والبرلمان والمتنفذين بحسب أهوائهم.
أيتها الأخوات المسلمات في باكستان!
إنّ غياب الحكم بالإسلام واغتصاب الحكام الديكتاتوريين والديمقراطيين للسلطة أوقع المسلمين في باكستان في مآسٍ عديدة على مدار العقود الستة الماضية، وما مصير الدكتورة عافية صديقي إلا مثالٌ يتقاطع مع نظائره في مختلف البلدان الإسلامية، وما ضحايا ريموند ديفيس إلا مثالٌ آخر على العديد من الذين قتلوا على أيدي شركات القتل الأمريكية الخاصة، واستمرار الهجمات بالطائرات من دون طيار مثال أخر، وأمثلة أخرى مثل اختراق أمريكا لمجالنا الجوي وانتهاكها لحرمة البيوت في الإغارة عليها وقتل من فيها من المسلمين مع الإفلات من المحاكمة أو العقاب، والوضع الاقتصادي المستمر بالتدهور شهراً بعد شهر، حتى حُرم أهلونا من أبسط حاجاتهم الأساسية التي ضمنها لهم الإسلام، وتدهور قيمة صرف الروبية وارتفاع أسعار الوقود والكهرباء إلى مستويات لا يمكن تحملها، وانتشار الفساد في المجتمع من خلال السماح للثقافة الأجنبية بالانتشار والسماح بالاختلاط واتخاذ الخليلات، والله سبحانه وتعالى يقول: ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا)).
أيتها الأخوات المسلمات في باكستان!
بعد أن أيقن الحكام الظلمة أنّ الأمة تريد الإسلام ولا شيء غيره، أخذوا يبثـُّون بين الناس مثل وسوسة الشياطين بأنّ شيئاً من الإسلام يكفي ولا داعي لتطبيق كل الإسلام! وشـَجَّعوا المخلصين من المسلمين على مشاركتهم آثامهم من خلال دعوتهم لهم للمشاركة في أنظمة الكفر الديمقراطية والديكتاتورية كي يتمكنوا من تطبيق بعض أحكام الإسلام! فالحكام يأملون بأن يظل المخلصون لاهثين وراء النظام السياسي والقضائي الحاليين كي يضلوا الطريق عن استهداف السلطة الحقيقية، وهذه الشيطنة تدار من الخونة في القيادة العسكرية المدعومة من الاستعماريين الأمريكان.
إنّ هذه الأساليب لا تختلف عن الأساليب التي اتبعتها قريش عندما عزمت أمرها على ثني المسلمين عن الإسلام، فقد حاولوا وقف حركة رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال عرضهم عليه مشاركتهم في نظامهم في الحكم، حتى وصل بهم الحال إلى أن عرضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يكون مليكهم، وإلى الاستعداد إلى التناوب على السلطة "نعبد إلهك عاما وتعبد إلهنا عاما"، إلا أنّ الله سبحانه وتعالى قد قطع عليهم الطريق حيث أنزل قوله تعالى ((قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ *... لَكُم دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)).
أيتها الأخوات المسلمات في باكستان!
على المسلمين تطبيق الأحكام الشرعية في حياتهم بشكل انقلابي جذري وبأقصى سرعة، ولا يجوز أن يكون ذلك بالتدريج، وهذا أمر من الله سبحانه وتعالى، فمثلا عندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الميراث سكت رسول الله ولم يجب حتى جاءه الوحي بالإجابة، وقد كان التطبيق مباشرة بعد نزول الوحي، وكذلك الأمر عندما نزلت آية الحجاب وتحريم الخمرة، كان التطبيق مباشرة، حيث قطعت النساء الستائر ليسترن بها عوراتهن وأريقت الخمرة في الشوارع، كما أنّ البلدان التي كان يفتحها المسلمون لم يكن يسمح لهم فيها بتأخير التقيد بالإحكام الشرعية يوما واحدا، بل كانوا كلما بُلـِّغوا حكماً شرعياً يطبقونه بشكل مباشر ومن دون تأخير، كما لم يقبل الخليفة الأول أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) من بعض الناس عدم دفع الزكاة حتى لو كان عقال بعير، بالرغم من انتشار الردة حينها ورغبة بعض القبائل في الكف عن دفع الزكاة.
أيتها الأخوات المسلمات في باكستان!
إنّ الثامن والعشرين من رجب لعام 1432 هجري هو العام التسعين على سقوط دولة الخلافة على أيدي حفنة من خونة العرب والترك بدعم من بريطانيا الكافرة حينها، لذا فإنا ندعوكم اليوم للإطاحة بالحكام الخونة ورد دعوى تطبيق الإسلام بشكل تدريجي، فهي دعوة باطلة القصد منها تأجيل الإطاحة المحققة بالأنظمة الكافرة.
واعلموا بانّ الإسلام سيعود ليحكم الأرض كما كان، بشكل جذري وشامل، ومن دون حلول وسطى في أحكام الله سبحانه وتعالى، فعند إعطاء أهل القوة النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم طبق الإسلام عمليا في جميع شئون الحياة من دون تأخير وبشكل شمولي وجذري، وكذلك الأمر فإنّ حزب التحرير اليوم عندما يأخذ النصرة من أنصار اليوم من المخلصين في القوات المسلحة، سيطبق الإسلام جميعه من دون تأخير، ومن اليوم الأول بإذن الله.
أيتها الأخوات المسلمات في باكستان!
دعونا نذكركن بأنّ من بين الأنصار الذين أعطوا البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم امرأتان، ويمكنكن اليوم أن تقمن بالدور نفسه الذي قامت به تلك الأنصاريات، من خلال حثكن لأزواجكن وإخوانكن وأقاربكن من بين المخلصين في القوات المسلحة الباكستانية لإعطاء النصرة لحزب التحرير. فالوقت هو وقت الإطاحة بالخونة من القيادة العسكرية والسياسية، وتسليم السلطة لحزب التحرير لإقامة دولة الخلافة للحكم بالإسلام بشكل انقلابي جذري.
واعلموا بأنّ العمل لإقامة الخلافة فرض وعدم التلبس بهذا الفرض معصية، ولا يسقط عنكن هذا الإثم ما دام الحكام يحكمون بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى، فالمنكر الذي يقومون به لا يمنعكن من القيام بواجبكن والإنكار عليهم، فإنّ تقاعستن عن القيام بواجبكن فإنّ الحكام لن يكونوا الوحيدين الذين سيقفون أمام العزيز الجبار في ذل وعار، بل سيمسكن عذابه عز وجل أيضا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ حَتَّى يَرَوْا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ فَلَا يُنْكِرُوهُ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَذَّبَ اللَّهُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ)).