يحضر الباجي قائد السبسي قمة مجموعة الثماني الصناعية الكبرى في مدينة "دوفيل" الفرنسية، وقد زار فرنسا منذ أيام قليلة تلقى خلالها تطمينات من الجانب الفرنسي بدعم البرنامج الاقتصادي التونسي، وقال الباجي قائد السبسي في مقابلة صحفية "إن تونس في حاجة إلى 25 مليار دولار على مدى السنوات الخمس القادمة وتعول على الدول المانحة للمساعدة في سدّ العجز بالميزانية.. وإن تونس شرحت حججها لطلب هذه المساعدة قبل اجتماع مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى". وأضاف "سيكون لدينا عجز يمكن سده بمساهمة من المجتمع الدولي".
1) إنّ ذهاب الباجي إلى فرنسا والتسوّل على أبواب الدوائر الاستعماريّة إهانةٌ لشعبنا المسلم الأبيّ الذي كانت ثورته من أجل استرداد كرامته وعزّته، فإذا بوزيرنا يسعى لتمريغها في التراب وإظهار شعبه في مظهر العاجز الذي لا يستطيع العيش والبناء إلا بمساعدة من استعمره وولغ في دماء أبنائه الزكيّة.
2) تدّعي هذه الحكومة أنها مؤقّتة لتصريف الأعمال، فإذا بها تتخذ قراراتٍ مصيريّةً خطيرةً تؤثّر في مستقبل البلاد، القريب والبعيد، وتضع البلاد والعباد في اتجاهٍ مُهلكٍ بإبرام اتفاقيات مع الدّول الاستعمارية التي سامتنا ألواناً من الشقاء، واستنزفت طاقاتنا ونهبت مواردنا. وتمكّن للدوائر الاستعماريّة من إنشاب أظفارها فينا بإغراقنا في ديون مهلكة لا تزيدنا إلا شقاءً وفقراً؛ بدليل أنّه في الوقت الذي يقول فيه السبسي أننا نحتاج إلى 25 مليار دولار، نجد خبراء صندوق النقد الدولي يقولون بأنّ أعباء موازنة تونس سببها خدمة ديونها خصوصاً الخارجية التي تعادل 50 في المئة (22 مليار دولار) من ناتجها المحلي. إنّه بنظرة بسيطة إلى هذين الرقمين يتبيّن لنا فداحة الجُرم الذي سيرتكبه في حقنا السبسي وأركانُ وزارته من تلامذة البنك الدولي، إنّهم لو تكلّموا بلغة بسيطة لقالوا لنا إنّنا نحتاج إلى دعم المجتمع الدولي لنسدّد لهم فوائد القروض الربوية التي أقرضوها لنا في السابق وتبقى البلاد رهينةً للاستعمار وشركات النهب والإجرام. وبوضوح أكثر إنّ الباجي سيرهننا خدماً وعبيداً للدول الاستعماريّة نشتغل ليل نهار لنسدّد ربا الديون ونشقى وينعم عدوّنا!.
3) أعلن زوليك في بيان أنّه سيقدّم 1.5 مليار دولار لتونس على مدار عامين، وذلك "تبعا لوتيرة اتساع نطاق الإصلاحات". وطبعا فالمقصود بالإصلاحات وَصْفَةُ البنك العالمي التي نشرت الخراب والفقر في العالم. وهي نفس السياسة التي كان بن علي وعصابته يسيرون بحسبها برقابة مشددة من خبراء البنك العالمي، وهي نفسها السياسة التي ثار أبناؤنا ليقتلعوها فإذا بوزيرنا المؤقّت يذهب إلى فرنسا باسم "تونس الثورة" ليمرر نفس السياسات الاستعماريّة باسم الثورة!.
4) قال أحد مساعدي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "نريد شراكة دائمة بين مجموعة الثماني الكبرى والدول العربية التي اختارت الديمقراطية". إنّ هذه القروض الظالمة المهلكة مشروطة بأن نطبّق ديمقراطيةَ الرأسماليّة، وقد رأينا من قبل ديمقراطيَّتَهم في فلسطين والعراق وأفغانستان. وهي شروط وضعتها الدول الاستعمارية للحيلولة دون نهضة الأمّة على أساس الإسلام العظيم الذي كانت به سيّدةً عزيزةً منيعة. يذهب الوزير المؤقت إلى فرنسا ليقدّم لهم فروض الطاعة والولاء معلناً باسمنا تلبيساً وتضليلاً أنّنا لن نرضى عن الديمقراطية بديلا. وكأنّ أهل تونس ليسوا بمسلمين ولا هم بأصحاب حضارة عريقة ملأت جنبات التاريخ!.
يا حكام تونس، يا من تسلّطتم على رقابنا وركبتم "ثورتنا"، أنتم غير قادرين على رعاية شؤوننا إلا بسياسة تسلّمنا لعدوٍّ أَشِر لا يألونا خبالاً ولا يُضمر لنا إلّا الخبثَ والمكر، فالزموا بيوتكم ودعوا أمر المسلمين لأنفسهم.
يا أهلنا في تونس، يا أحفاد الفاتحين، يا أحفاد عقبة وموسى بن نصير وطارق بن زياد، الآن وقد انكشفت لكم دخائل هذه الحكومة، حكومة الاستعمار ومن والاها وسايرها، أتمَّ الانكشاف، فإنه آن لكم أن تقفوا وقفة الرجال لتقلعوا الاستعمار ومشاريعه وعملاءه من بلادكم قلعاً، وتعودوا إلى إسلامكم العظيم الذي ارتضاه لكم العزيز الرحيم؛ ففيه عزّكم ومرضاة ربّكم وبه تتحررون وبه وحده تسودون.