نقلت الأنباء أن قسا أمريكياً يدعى تيري جونز، وهو صعلوك طرده أنصاره من كنيسته في ألمانيا والذين لا يزالون قيد العلاج نتيجة رعايته لهم، وقد سبق إدانته أمام المحاكم الألمانية والحكم عليه بالتزوير، يعتزم حرق نسخٍ من القرآن الكريم مع أنصاره، الذين لا يتجاوزون العشرات، في كنيسته في فلوريدا يوم السبت القادم في ذكرى أحداث 11-9-2001. وقد ذرف بعض المسؤولين الغربيين دموع التماسيح على فعلته هذه مظهرين شجبهم وإدانتهم لها مؤكدين أنهم يكنون الاحترام للدين الإسلامي.
إن الناظر في تاريخ العلاقات بين الغرب والإسلام يجد سياسة منهجية متبعة منذ قرون عديدة قام على تنفيذها تحالف السلطة الكنسية مع السلطة السياسية تهدف إلى إيجاد كراهية متجذرة في قلوب الغربيين ضد الإسلام وأهله.
وليس أدل على هذا من موقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي وصفت حملة حرق نسخ من القرآن الكريم السبت المقبل في ذكرى هجمات 11 سبتمبر/أيلول بأنها "غير جديرة بالاحترام ومنفّرة وخاطئة"، وقالت إن الحرية دائما "مرتبطة بالمسؤولية".
أما مناسبة قولها هذا فكانت تكريمها للمجرم الرسام الدنماركي الذي تطاول على الحضرة النبوية حين نشر رسومه الكاريكاتورية المهينة، في احتفال حاشد مساء الأربعاء 8-9-2010 أمام اتحاد "أ 100" وبحضور أقطاب وسائل الإعلام في مدينة بوتسدام الألمانية. وواقع الأمر أن هذا الصعلوك جونز لولا أنه وجد كل الدعم من المؤسسات الحاكمة وذراعها من الوسائل الإعلامية التي تعمل على تأجيج نار الكراهية والحقد ضد الإسلام والمسلمين، لما سمع بتفاهته أحدٌ من العالمين. ولكن خطوته هذه تصب في خدمة السياسة الاستعمارية الغربية حيث تواجه أمريكا سلسلة من الأزمات لا خروج لها منها إلا على دماء وأشلاء المسلمين ونهب ثرواتهم، ومن هنا حاجتها المستمرة لخلق شبح وفزاعة الخطر الإسلامي بعد سقوط وزوال الخطر الشيوعي .
فتصريح ميركل هذا أمام الحشد الإعلامي الرفيع أكبر دليل على نفاقها ونفاق السياسات الغربية، لا يضاهيها نفاقاً وكذباً إلا تصريحات المسؤولين الأمريكان من أنهم يحترمون الإسلام بل ويذهب بعضهم لإقامة موائد إفطار رمضانية.
وكان جون برينان كبير مستشاري أوباما لشؤون الإرهاب صرّح وهو يستعرض أجزاء من الوثيقة الجديدة لإستراتيجية الأمن القومي التي أعلنها الرئيس أوباما في آخر شهر أيار الماضي بأن الولايات المتحدة "لا تعتبر نفسها في حرب مع الإسلام" وزعم "لم نكن أبدا ولن نكون في حرب مع الإسلام"
أما قتل مئات الآلاف من المسلمين من الرجال والنساء والأطفال في العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان فلا ندري ماذا يعتبره السيد برينان؟ ولعله لا يعتبره أكثر من القدر المحتومManifest Destiny (وهو التعبير الأمريكي الموازي لـ"عبء الرجل الأبيض" The White man Burden التعبير البريطاني الذي برر بناء الإمبراطورية البريطانية على جماجم ملايين الضحايا إبان الهجمة الاستعمارية في القرن التاسع عشر). إن الحرب على الإسلام والمسلمين لم تتوقف منذ بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أكد عليها الرئيس الأمريكي الأسبق بوش بوصفها (حرباً صليبية) وإننا نعيش فصولها الرهيبة في هذه الأيام من احتلال وقتل وشتم لنبينا الحبيب وحرق للقرآن الكريم والتعدي على الحجاب وغيرها من شعائر الإسلام وصدق الله حيث قال: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ)
أيها المسلمون
يشاع على ألسنة البعض مقولة أن فعلة هذا الصعلوك تدينه وتشينه هو وقومه وتفضح عوار الحضارة الغربية ونفاقها. ومع صحة هذا القول إلا أن هذا ليس هو صعيد البحث، وإنما هو الحكم الشرعي الذي يوجب على المسلمين افتداء دينهم بالمهج والأرواح، ويوجب ردع السفلة من الصعاليك من التطاول على حرمات الدين بل وأعراض المسلمين كما حصل في تعدي يهودي على عرض امرأة فكان ذلك نقضا لعهد بني قينقاع مع رسول الله فكان أن أجلاهم عن المدينة المنورة.
وإذا كان حكام المسلمين مشغولين باللهاث وراء سادتهم في العواصم الغربية عن الانتصار لدين الله بل وفي التنافس في محاربة الله ورسوله إرضاء لأمريكا فيما أسمته الحرب على الإرهاب، فإن الواجب الشرعي يوجب على الأمة خلع هؤلاء الحكام ومبايعة إمام يحكمها بكتاب الله وسنة رسوله فيطبق أحكام الشرع ويحمي بيضة المسلمين ويذود عن أعراضهم وكرامتهم فلا يتطاول عليهم الأراذل.
إن أدنى الواجب الفوري على الأمة جمعاء هو أن لا تنام حتى يطرد سفراء الدول الاستعمارية من ديارنا، وأن يعلن نفير الجهاد لإخراج كل أثر للجيوش الغربية الغازية في ديار المسلمين، والقاعدة الشرعية "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" وحيث إن هذا لا يتم في ظل حكام باعوا أنفسهم للشيطان فإن الإسلام يوجب خلعهم اليوم وليس غدا ومبايعة حاكم يحكم بما أنزل الله ويعلي راية الجهاد ويقود جحافل المسلمين لتحرر البلاد المحتلة في العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرها ويتخذ الإجراء الحاسم الذي يجعل حكام الدول الغربية يعيدون حساباتهم قبل التفكير في التطاول على حرمات الإسلام وشعائره سواء كان في بناء المساجد أو في الالتزام بالواجب الشرعي في الحجاب أو غيرها. وعندها لن يحتاج المسلم أن يعيش في ذل وضيم في المجتمعات الغربية التي تتحدى دينه صباح مساء.