إن ما حصل اليوم من اشتباكات بين الجيش اللبناني والجيش اليهودي عقب تجاوز جنوده الخط الأزرق يذكّر بحقائق قديمة، وفي الوقت نفسه يحمل دلالات جديدة.
أولاً: يذكّر بأننا إزاء عدو دائم العدوان ولا يؤمَن جانبه، وأنه ينظر إلى الأرض التي يحتلها وما يحيط بها من أراض على أنها أراض مباحة له يحق له انتهاكها والعربدة فيها متى يشاء دون حسيب ولا رقيب، بل ها هو يتوعّد برفع شكوى إلى مجلس الأمن لقيام الجيش اللبناني بمواجهته ومنعه من اختراق الخط الأزرق. لذلك يجب أن يتخذ من هذا العدو موقف العداء المطلق، وأن تطرد من الرؤوس وساوس السلام والاعتراف بكيان يهود مهما انسحب من أراض محتلة، إذ عند انسحابه من جميع الأراضي التي اغتصبها فلن يكون هناك دولة يقام معها سلام.
ثانياً: كان لافتاً أن جنود الجيش اللبناني بادروا إلى صد جند يهود واشتبكوا معهم اشتباكاً حقيقياً أوقع إصابات في صفوفهم وأدى إلى إخفاقهم في مهمتهم التي تقدموا من أجلها. وإننا لنرى في هذا الحدث بادرة جيدة من الجيش الذي لطالما قيل إنه لا يخوض مواجهات عسكرية إلا في الداخل، فإذا بهذا الاشتباك يخرج عن هذه القاعدة. وإننا لنرجو أن لا تكون هذه البادرة مجرد استثناء لا يكسر القاعدة.
وإننا إذ نعزي أهالي الجنود الذين قضوا في هذه الحادثة، نذّكر بأن أشرف ميادين القتال هو ميدان المواجهة مع هذا العدو الغاصب الذي تمتد عداوته بامتداد كافة الأراضي التي يحتلها في البلاد الإسلامية منذ ما قبل سنة 48 وإلى يومنا هذا.
ثالثاً: إن عدواناً مثل هذا يشنه العدو يجب أن يدرأ النزاعات والشقاقات الداخلية إذ ينبه إلى الخطر الماثل في الجوار، لا أن يكون مدعاة إلى تصعيد الخطاب التحريضي بين أطراف النزاع الداخلي في لبنان، وهو ما قد يكون هدفاً للعدو من عدوانه هذا.
قال تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}