مواقف عزة وتضحيات 
17 يوماً من الاعتقال دون أن يستطيعوا أخذ توقيع من بركات
 
ومع قصة جديدة لشاب أخر من شباب حزب التحرير ضرب مثلاً في الثبات على الحق والتمسك بمبدئه، ودفع 17 يوماً من الحبس لدى السلطة الفلسطينية ثمنا لرفضه التوقيع علي أي تعهد، فتركهم في حسرتهم دون أن ينالوا من عزيمته شيئا.
نترككم مع قصته التي مع قصرها إلا أنّ عظمتها في سجل المؤمنين تكفي لأن تسطر في صحائف الرجال.
وكم رجل يعد بألف رجل ... وكم ألف يمر بلا عداد
 
صلف الأجهزة وعنجهيتها
كعادة أجهزة السلطة الفلسطينية في دوسها على القانون الذي تزعم تطبيقه وتتشدق بحمايته، فبينما كان بركات ذاهباً إلى الصراف ليقبض راتبه الذي بالكاد يكفيه كحال بقية الموظفين الشرفاء، والذين في العادة ينتظرون ساعة صرفة على أحر من الجمر من قلة ذات اليد. فاجأه الظلمة ليلقوا القبض عليه، ودون إبراز أي مذكرة اعتقال أو ما شابه ذلك مما ينص عليه قانونهم، واقتادوه إلى مركز الاعتقال ودون أن يأبهوا أيضا بما سيحل بأهله الذين ينتظرون عودته براتب الشهر لينفقوا منه على أنفسهم، هذا إن بقي منه شيء بعد سداد الديون التي اعتاد الموظف على أن يغرق فيه كل شهر إلى حين صرف الراتب.
فهكذا جرى اعتقال بركات، حيث داست السلطة على قوانينها في أن يتم اعتقاله بناء على مذكرة اعتقال بحقه من النيابة- والتي هي جزء من السلطة أيضا- ولكن الاستخفاف بالبشر وحقوقهم وعقلية البلطجة التي تسود الأجهزة الأمنية للسلطة هو ما يدفعها للتصرف بصلف وعنجهية لا حدود لها، ودون مراعاة لاحتياجات أهله إلى راتب الشهر للإنفاق على أنفسهم في ظل غياب المعيل.
 
{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ }الشورى42
 
التحقيق بعد أربعة أيام من الحبس الانفرادي
لو كان بركات مذنباً لسارع الجهاز بالتحقيق معه وتجريمه ومن ثم عرضه على النيابة فالقضاء، مثلما تفعل السلطة مع المجرمين كالسارقين والمحتالين، ولكن لأن بركات مؤمن لا مجرم، واعتقاله ظلم وهم يعرفون ذلك، فقد تركوه في الحبس الانفرادي أربعة أيام دون تحقيق. وبعد أربعة أيام جاء التحقيق معه وإذا به نقاش حول فكرة الحزب وأدبياته وحمل الدعوة وفرضيتها!!!
طبعا يريدون أن يبدؤوا بحجزه أربعة أيام حجزاً انفراديا قبل أن يبدؤوا التحقيق معه لينالوا منه ومن عزيمته، فيسهل عليهم بعدها تحقيق غرضهم من الاعتقال.
 
لم استجب لاستدعائكم لأننا لا نعترف بالسلطة
كانت السلطة قد وجهت لبركات استدعاء للحضور، ولكن بركات لم يستجب له، فلما سأله المحقق لماذا لم تحضر بناء على الاستدعاء؟
هنا ربما توقع المحقق أن يكون الجواب: نسيت أو انشغلت أو مرضت أو غير ذلك من الأجوبة التي تريحه، ولكن الرد جاءه ليسكب الماء البارد على وجهه.
بركات: حزب التحرير لا يعترف بالسلطة وقوانينها وأنا من حزب التحرير.
المحقق: كف عن السباب والشتيمة والجعجعة حتى لا نعتقلك.
بركات: وهل حمل الدعوة والنطق بالقرآن والأحاديث النبوية يسمى جعجعة؟
المحقق: لا، ثم أخذ يمجد بحركة فتح وجهادها.
بركات: عن أي جهاد تتحدث وقد حبستم من يحاول الجهاد وحمل الدعوة؟
أراد المحقق أن يحرج بركات فقال: لماذا تحرم العمل في أجهزة السلطة وأنت موظف في السلطة؟
ولكن بركات يعرف حلال الله وحرامه ولا ينتظر المحقق لينبهه
بركات: عملي ليس فيه ارتباط بالأجهزة الأمنية التي يسيطر عليها يهود.
أسقط في يدي المحقق فلم يجد حجة له مع بركات، فطلب من زبانيته أن يعيدوا بركات إلى الحجز.
 
وتستمر المحاولات
يعود المحقق بعد فترة للتحقيق مع بركات بأسئلة استخباراتية بهدف جمع معلومات عن الحزب.
المحقق: من نظمك في الحزب؟
بركات: اقتناعي بالفكرة.
المحقق: من هم الذين يدرسون معك أو تدرسهم؟
بركات: قلت لك أن اسألني عن نفسي فقط فلن أجيبك عن غيري وعند مناديبكم ما يكفي.
ولما لم يأخذ المحقق من بركات ما يريد وبعد أن امتحنوا بركات فوجدوه صلبا سلموا بالأمر الواقع وكتبوا إفادته ليحيلوه إلى المحكمة العسكرية في اليوم التالي.
 
تهديد ووعيد
أدخل بركات على المدعي العام العسكري، والذي لا ولاية قانونيه له على غير العسكريين، ولكنها مرة أخرى العنجهية والصلف الذي تتصرف به السلطة.
فقال المدعي العام لبركات : سأوقفك 48 ساعة فقط بشرط أن توقع على تعهد تكتبه بيديك.
بركات: لن أوقع على أي تعهد.
فأمر بإعادته إلى الحجز لأسبوع كامل استغلوه في تهديد بركات بفصله من الوظيفة ظناً منهم أن بركات يخشى على رزقه من أحد.
فكان جواب بركات لهم: لا تحدثني عن الوظيفة، لأنّ الله هو الرزاق وما دمت مظلوما فالله وكيلي وهو المستعان، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.
 
وأخذوا يراودون بركات على التوقيع في كل حين وساعة، واستمروا بتهديده أن عدم توقيعه سيفقده وظيفته التي يعتاش من ورائها، ولكن جواب بركات دائما: الله هو الرزاق ولن أوقع .
 
{إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }آل عمران120
 
وهل بعد العسر إلا اليسر؟!
وبعد 17 يوما من الحجز والتهديد والوعيد، والذي قابله صمود وقوة وصبر من بركات، دب اليأس في قلوبهم من بركات، وأدركوا أنهم لن ينالوا منه ولا من عزيمته، فجاء الله بفرج من عنده بعد 17 يوما ليُطلق سراحه وهو ما زال متمثلا قول الله تعالى: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ }يونس106
 
15-12-2010