الكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة،
الكرة الآن في ملعب اللجنة الرباعية. الكرة الآن في ملعب الأشقاء العرب.

بهذه الأقوال كانت السلطة الفلسطينية ورئيسها ينادي غداة كل أفق لجولة مباحثات أو مفاوضات، أو حتى انتخابات أو مؤتمرات تجري ولها علاقة بقضية فلسطين، وحق لهم ذلك و السلطة الفلسطينية دائما بكرمها في التنازلات والالتزامات صاحبة اليد العليا.
ولكن الذي حصل أن هذه الكرة التي يتحدثون عنها قد ضربت الآن رأس عباس، وأصبح في حيرة من أمره بعدما لعق كلامه مرة تلو المرة، فبعد أن أمتشق عباب تصريحاته -والتي لا أرى أنها من رأسه- صَدّق الرجل نفسه وكأنه الحاكم بأمر الله، ثم جاءه أمر الرجل الأسود في البيت الأبيض، أن لا تصدق كلامك ووعودك، و تذ ّكر نفسك ولا تخف فانا نفسي دائما ألعق كلامي، وكم من كاذب يصدِق كذبته.
فينبري المريدون والناصحون، قد أحسن رئيسنا عملا، فلقد أحرج النتن بذهابه وركونه إلى الشرعية الدولية، فلا أمجاد ولا أسياد لنا، ومكارم أبي زيد قد ولت بلا رجعة، و إياك أن تعلقها يا سيادة الرئيس في ربطة عنقك، فحينها ستكون قد حكمت على نفسك بالذبح من الوريد إلى الوريد، كما أبان من قبل صاحب الشماغ الانكليزي الأصيل.
 وتستمر الضغوط والانفعالات وأهل فلسطين يعانون الأنات والهنات، ثم يطير الرئيس المبجل إلى كوبا حنينا إلى غزة، وكلاهما قد اتخذت منهما أميركا أنموذجا لما يمكن أن يصيب من يعصي أوامر الأسياد، أو على الأقل يتظاهر بعصيان أوامر الأسياد.
ويأتي الرد مجلجلا من صاحب الكرة عندنا، إن الضغط علينا سيأتيكم بحمام الدم، وصوت بلا صدى، وكأن الرجل يعيش في عصور الرموز الآفلين، وكأن الزمان قد يعيد نفسه إلى زمن انتفاضة النفق، حيث قدمت الدماء والأشلاء، كي يجمعنا ويصلح بال أمرنا صاحب البيت الأبيض ومع من؟ مع النتنياهو أيضا، أو كأن الزمان قد يعود إلى مخيم كامب ديفيد، والذي خرّج الرجال الذين يقولون ما لا يفعلون، ثم يشعلون الأرض لعل أهل فلسطين يرضون بإطفائها بأي ثمن، وما أخبروا ميتشيل وزيني وكارتر ودايتون وكل لجان التحقيق والتدقيق، أن هذه أرض الإسراء والمعراج وليست ايرلندا أو حتى صربيا.
كل هذا وقد يظن البعض خيرا بعباس، مع أن حسن الظن بمهندس أوسلو شبهة، لا أحب أن تلتصق بجبين من يسجد لله.
أما جماعة النتن، فهم من شدة فرحتهم بانجازاتهم، يكادون يشكرون كل حكام العرب والمسلمين، بدءا من عباس إلى وزير خارجية المغرب مرورا بأحمدي النجاد وانتهاء بموريتانيا.
فلم يعد يخجل الفاسي وزير المغرب من مصافحة المنبوذ ليبرمان، بعدما صافحه مسئول مفاوضات السلطة عريقات.
وكم كان سرور يهود بنجاد وتصريحاته النارية، بعد أن أحرجوا أمام العالم بتقرير غولدستون، فجاء نجاد كي يعيد حياكة السجادة وتغيير الصورة، وإثارة أصحاب القلوب الرحيمة من قوم بني الأصفر ومن جاورهم، ولسانه يكاد ينادي العالم: إن اليهود كانوا دائما هم الضحية.
وان غضب اليهود على تجار الفستق والنفط في طهران، فلربما لأنهم ينافسونهم على خدمة أميركا في المنطقة شرقا وغربا، وهذا ما قد يخيف "إسرائيل".
أما عباس مرة أخرى فهو أكثر دهاء، فقد أراد أن يحرج قادة "إسرائيل"، ويضعهم أمام استحقاقاتهم في عملية السلام!!!!، كما قبلت السلطة من قبل بنود خارطة الطريق دون أي اعتراض بينما أصيبت "إسرائيل" بكثير حرج عندما أعلنت عن مئة تحفظ، ثم اختصرتها إلى أربعة عشر تحفظا على ثلاث ورقات!!!!.
وكم بلغ حرج "إسرائيل" من عباس وكرمه، عندما لم تجد ما تتوارى فيه إلا في الأنفاق التي تشقها تحت المسجد الأقصى، حتى كادت الأنفاق تبتلع الأقصى ومن حوله.
عذرا إليك يا أقصى، ويا بيت المقدس فالكل يتغنى بك ومن حولك ويريدك، حتى الفضائيات التي تحمل اسمك واسم مدينتك القدس، فقد ملئت الأرض صراخا وعويلا من أجل عيونك، وعندما انتهى البث كفى الله المؤمنين القتال، و لا داعي لتحريك الجيوش وتوريطها في حروب خاسرة كما قال أحدهم، أما أهلك المستضعفون فهم أولى بالقتل والذبح ولا يريدون سوى الدعم المادي والسياسي، لربما كي تعمل تلك الفضائيات.
عذرا إليك يا أقصى، ومن حولك سلطتان، ود أمريكا وأوروبا والأمم المتحدة وحكام الضرار تطلبان وفي ذلك تتنافسان.
عذرا إليك يا أقصى، وجيوش من حولك تنتظر ساعة الخلاص كي تقلب وجه الكون، فتعود شامة على وجه الأرض ودرة لا تكتمل إلا بفكاكك وفكاك الحرمين الأوليين.
 حسن المدهون
28/9/2009