لقد تحولت الأحزاب الحاكمة في كثير من البلدان العربية والإسلامية –غير الملكية- إلى ما يشبه العائلات الحاكمة، حيث باتت تقوم بدور الحواضن التي تُفرخ الزعماء بمواصفات ومقاييس تُرضي مطالب الدول الاستعمارية، مع إضفاء الصبغة القانونية والدستورية على هؤلاء الزعماء المُنْتَجين. فمثلاً حزب السلطة في مصر قرّر وضع جمال مبارك على رأس الحزب والمسؤول عن وضع السياسات فيه، وهو ما يعني صيرورته رئيساً للدولة بعد وفاة والده تلقائياً من غير حاجة لفرض قانون توريث.
وأما حزب المؤتمر الحاكم في اليمن فهو منشغل –ومنذ فترة طويلة- بتجهيز ابن الرئيس وابن أخيه لتولي دفة الحكم في حالة رحيل الرئيس علي عبد الله صالح.
وأما حزب البعث الحاكم في سوريا فكان السَّباق في تنصيب بشار رئيساً للجمهورية خلفاً لوالده.
وأما حزب الشعب في الباكستان فقد حصر الحكم في أفراد أسرة بوتو ذات الانتماء الإسماعيلي الباطني.
وأما في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تخضع لسلطات الاحتلال اليهودية فقد تكيفت حركة فتح مع الواقع وتماهت مع الأحزاب الحاكمة في البلدان العربية فأفرزت الحركة في مؤتمرها الأخير الذي انعقد تحت حراب الاحتلال اليهودي، وبإذن منه، مجموعة من الزعامات المعروفة بعلاقاتها المشبوهة أمنياً وسياسياً مع الاحتلال، ومع الأمريكان، فتمخض مؤتمرها السادس عن تكريس زعامة محمود عباس للحركة وللسلطة ولمنظمة التحرير دفعة واحدة، وهو المعروف بنبذه لاستخدام الوسائل العسكرية في المقاومة، وفي التصدي للاحتلال. وقام بُعيد المؤتمر بإسقاط خيار المقاومة نهائياً حيث خاطب حكومته بالقول إن المفاوضات هي الطريق الوحيد الموصل إلى السلام، وإلى إقامة الدولة الفلسطينية، ولا يوجد أي طريق آخر غيرها.
وإلى جانب محمود عباس فقد تم إفراز مجموعة من القيادات على شاكلته لتوطيد العلاقات مع الاحتلال ومع أمريكا وذلك لكي لا يُكتفى بشخص واحد في السير على طريق الخيانة وعلى طريق تمكين اليهود من فلسطين.
وقد وصفهم أحمد جبريل أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين –القيادة العامة- بأنهم مجموعة من "الجواسيس والعملاء في الأجهزة القيادية لحركة فتح".
وهكذا فبدلاً من أن تُفرز الأحزاب قادة وسياسيين يمثلون شعوبهم تمثيلاً حقيقياً، فإنها أصبحت تفرز سياسيين عملاء يمثلون مصالح الدول الاستعمارية.