تعرضت الأمة الإسلامية للكثير من التضليل في طرح الحلول لمشاكلها، سواء على المستوى الاجتماعي، أو الاقتصادي، أو السياسي وهو الأكثر تأثيرا على جميع المستويات.
وتعتبر قضية فلسطين، أو حسب ما يطلق عليها – ملف الشرق الأوسط- من القضايا التي مورس فيها التضليل على الأمة الإسلامية، منذ أن تم إنشاء ما يسمى بكيان يهود على أرضها المقدسة، وحتى أيامنا هذه.
فكان إنشاء كيان يهود منذ بدايته حرفا للأمة وإشغالها عن التفكير في إعادة استئناف الحياة الإسلامية وإقامة دولة الخلافة الإسلامية التي هدمها الكافر المستعمر بمعاونة خونة العرب والترك للإنجليز في 3/3/1924م.
ثم بعد أن أُقيم هذا الكيان، سعى الغرب لتثبيت أركانه من خلال عملائه في المنطقة، إلى أن أصبح كيان يهود تحميه دول جوار فلسطين المحتلة من كافة جهاته.
ولم يكتف الغرب الحاقد بهذا، بل زاد في تضليله وبمعاونة عملائه، بإبعاد قضية فلسطين عن جذورها، بجعلها قضية الفلسطينيين وحدهم، حركاتهم "النضالية"، وقياداتهم "الوطنية"، ومنظمة تحريرهم الفلسطينية هي التي تقرر وهي التي تتنازل، وهي التي تنبطح، وهي التي "تذود عن الحمى"!.
فكانت "السلطة الفلسطينية"، المشروع الخياني المنبثق عن أوسلو، كارثة وضع القرار بأرض فلسطين في أيد خيانية، بعد كارثة منظمة التحرير الفلسطينية "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".
ثم كانت مهزلة الانتخابات التشريعية والرئاسية، والتي وقعت حركات المقاومة في فخها، واتبعت سنن من سبقها في المقاومة، وانتهت معه لكراسي السلطة والرئاسة والوزارة والتشريعي.
ثم تصبح السلطة سلطتين، والوطن وطنيين، ثم تأتي الدعوات للمصالحة على أسس واتفاقيات وتقسيمات، بناء على أوراق وأجندات سياسية مشبوهة.
وفي كل مرحلة من المراحل التي يتعرض فيها أهل فلسطين ومقدسات المسلمين للاعتداءات، من قتل، واعتقال، وتشريد، وتهويد، تخرج علينا القيادات من رام الله وغزة – على حد سواء – مناشدين المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، وأميركا، وبريطانيا، والمنظمات الحقوقية،... بالضغط على "إسرائيل"، للرجوع عن قراراتها في التهويد والتهجير.
وهكذا نرى أن الحلول – وكأنها – وبشكل حصري، لا تتجاوز في أحسن حالاتها، ضرورة التوقيع على المصالحة، وضرورة بدء المفاوضات، بشكلها المباشر أو غير المباشر، وضرورة إجراء الانتخابات، وشجب واستنكار التهويد والتهجير والتقتيل.
مع أن القاصي والداني يعرف تماما، أن مثل هذه الحلول، قد تجاهلت وتجاوزت مسألة مهمة وأساسية في قضية فلسطين، ألا وهي أن المشكلة هي في الأصل وجود هذا الكيان السرطاني المحتل الغاصب على أرض إسلامية، لا تملك سلطة غزة أو سلطة رام الله أن تتنازل عن شبر واحد منها لكيان يهود الكافر المحتل.
عجبا، على مثل هكذا حلول، ولكن لماذا العجب؟! نعم لماذا العجب!؟ فمثل هذه القيادات، الساعية واللاهثة وراء الحلول الأميركية، ومثل هؤلاء المنبطحين، الساعون لكراسي سلطة تحت الاحتلال، لم يفكروا يوما بالرجوع لحل كافة مشاكلهم بأحكام الإسلام وأفكار الإسلام.
لهذا تراهم يفكرون، ويصرحون، ويطرحون الحلول حسب ما يرون في ذلك مصلحة لهم، بل قل حسب المنظومة الدولية الأميركية والغربية التي تحيط بهم، وتفرض عليهم، فهذا يريد المصالحة، وذاك يريد الهرولة والتوسل لبدء المفاوضات بأي ثمن، مباشرة كانت أم غير مباشر،وهم بذلك يؤكدون أنهم لا يفكرون بالصالحات، لا يفكرون بالحلول الشرعية، لا يفكرون بالحل الجذري على أساس الإسلام، الذي لا يعترف لا بدولة في حدود 67 ولا بدولة فيها كيان ليهود ولو كان على شبر واحد من أرض فلسطين، بل إن الحل الشرعي يقضي بعدم إنشاء كيان لا يحكم بالإسلام حتى ولو لم يكن يهود يحتلون أي جزء منه. والحل الشرعي يقضي بإزالة كل الكيانات غير القائمة على أساس الإسلام، وتوحيد الأمة في كيان واحد يحكم بالإسلام.
ومن خلال وسائل الإعلام، والتي تنشر هذه الحلول، وتبحث في تفاصيلها، وتنشر استطلاعات الرأي حولها، يريدون بذلك أن تكون نظرة أمة الإسلام لحل قضاياها، وخاصة قضية فلسطين، من غير الإسلام، وبالتالي يكون حالها كما قال الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول
والأمة الإسلامية ليست كذلك، فقد أدركت أن النصر والتمكين والعز والحل الجذري لا يكون إلا بالإسلام.
إن الصالحات... لا المفاوضات، هي الحل الجذري لقضية فلسطين، وهي الحل الجذري لكل مشاكل الأمة الإسلامية، وبالصالحات والصالحات فقط تحرر فلسطين.
وهذه الصالحات، يقوم بها المؤمنون المخلصون الصادقون الساعون لإقامة أعظم الصالحات، وتحقيق وعد الله لهم بالاستخلاف والتمكين في الأرض، وإقامة خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة، التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.