تطبيع الإمارات مع كيان يهود حلقة في مسلسل خيانة الأنظمة لقضايا الأمة
د. مصعب أبو عرقوب*
اتفقت الإمارات العربية المتحدة وكيان يهود على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما، وذلك بحسب بيان مشترك أصدره رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال مسؤولون بارزون في البيت الأبيض إنه بموجب الاتفاق، وافق كيان يهود على تعليق بسط سيادته على مناطق من الضفة الغربية، كان يدرس ضمّها.
وقال ابن زايد إنه تم الاتفاق في اتصال مع ترامب ونتنياهو على خارطة طريق لتعاون مشترك، من أجل إقامة العلاقات الثنائية المتفق عليها، وبموجب الاتفاق، سيتبادل البلدان السفراء والتعاون في مختلف المجالات، ومن بينها الأمن والتعليم والصحة.
تأتي هذه الاتفاقية الخيانية الجديدة لتجسد حال الحكام الذين تسلطوا على رقاب الأمة الإسلامية، فحكام الإمارات هم مثل غيرهم من حكام المسلمين باتوا مجرد أدوات رخيصة بأيدي أعداء الأمة الإسلامية ينفذون ما يأمرونهم به دون تردد أو خجل، فعبر اتصال تلفوني يدخل حكام الإمارات رسميا نادي المطبعين علنا مع كيان يهود وينضموا بلا خجل إلى زمرة المعترفين بهذا الكيان الغاصب وبحقه في الوجود على جل الأرض المباركة، ويطبعوا العلاقات معه كأي دولة أخرى على الأرض، وكأن كيان يهود لا يحتل أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى النبي عليه وآله الصلاة والسلام!
فحكام المسلمين سواء في الخيانة منهم من طبع علنا وأقام العلاقات أو من ينادي بحل الدولتين كأساس لحل قضية الأرض المباركة، فالمطبع في العلن أو عبر دعوته لتبني حل الدولتين هما في الخيانة سواء، فحل الدولتين الذي ينادي به حكام المسلمين والسلطة الفلسطينية، أو المبادرة العربية الخيانية، يقود للنتيجة ذاتها من خيانة وتفريط وتنازل عن جل الأرض المباركة مقابل دويلة هزيلة على الورق وظيفتها حماية كيان يهود والتنكيل بأهل فلسطين والتضييق عليهم لتهجيرهم طوعا أو تطويعهم ثقافيا لكي لا يشكلوا عائقا أمام كيان يهود ومستقبله في عيش آمن على الأرض المباركة كهدف لكافة الحلول الاستعمارية التي يطرحها الغرب وتنفذها أدواته المتسلطة على رقاب الأمة الإسلامية من أنظمة وحركات وهيئات تنصلت من الأمة ولا تمثل في الحقيقة إلا نفسها.
إن حكام الإمارات هم كسائر حكام المسلمين لا يمثلون إلا أنفسهم التي باعوها للشيطان عبر عمالتهم لأمريكا والمستعمرين الغربيين، وتطبيعهم مع كيان يهود هو تطبيع الخادم مع سيده، والأمة منه براء. فالأمة التي يسكنها القرآن الكريم وسورة الإسراء لا ترى إلا تحرير فلسطين حلا لقضية الأرض المباركة، حلا شرعيا عاشته في حطين عندما كنس البطل صلاح الدين الأيوبي الصليبيين، وستعيشه واقعا عندما تنتفض جيوش الأمة وتزمجر من جديد لترفع راية الإسلام على أسوار القدس وربوع الأرض المباركة وتقتلع كيان يهود مرة واحدة وللأبد في حدث يشفي صدور المؤمنين ويعيد العزة والمكانة المرموقة للأمة الإسلامية ويحفر أسماء القادة المحررين في تاريخ الأمة.
إن التاريخ لا يرحم وسيحفظ للحكام الخونة خيانتهم، وسيكتب أيضا أن حكام الإمارات، وقد باعوا أنفسهم للشيطان، لم يتمكنوا من حفظ ماء وجوههم لساعات، فقد أراقه لهم حليفهم الجديد رئيس وزراء كيان يهود فأعلن بعد سويعات فقط عن أنه ملزم بمسألة الضم، مشددا على أنه لن يتنازل عن ضم الضفة الغربية، فقد صرح نتنياهو في كلمة مساء الخميس، بأن قضية الضم ستبقى على الطاولة وبأنها لا تزال على جدول الأعمال، حيث قال: "أنا من جلبت قضية الضم على الطاولة، وملزم القيام بها بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية فقط". وبذلك الإعلان يسقط كيان يهود سريعا حجة حكام الإمارات وذريعتهم الواهية والتي تمثلت بمقولة التطبيع مقابل تعليق الضم وبسط السيادة على الضفة. وهذا مصير كل خائن لدينه؛ خزي في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وأخزى، لتبقى قضية الأرض المباركة قضية عظيمة بعظم الأمة التي تنتمي لها.
إن قضية الأرض المباركة هي قضية أمة عظيمة عريقة خرجت منتصرة في أعظم حروب الأرض، فهزمت الصليبيين في حطين وكسرت المغول في عين جالوت، وستنهض من جديد لتنتصر وتستعيد الأرض المباركة وكل بلاد المسلمين المحتلة، فالأرض المباركة ليست ورقة انتخابية بيد ترامب أو غيره يحقق عبرها إنجازات سياسية واهية بإيعازه لحكام الإمارات بإقامة علاقات مع كيان يهود، إنها قضية أمة تسعى لاستعادة سلطانها بإقامة الخلافة على منهاج النبوة التي ستنسي ترامب وأشياعه وساوس الشياطين، فتقتلع نفوذه وأذنابه الخونة من حكام المسلمين وتعيد الأرض المباركة لحضن الأمة الإسلامية.
تلك الأمة الإسلامية التي آن لجيوشها وقادة جندها وضباطهم أن يتحركوا لتحرير الأرض المباركة فلسطين وأن يقتلعوا كيان يهود، ويعصفوا في طريقهم بالحكام الخونة المتآمرين على الأمة وقضاياها، فلا تحرير للمسرى ولا نهضة للأمة في ظل حكام يأتمرون بأوامر أعدائها وينفذونها بتفان وإخلاص ويروجون لها وكأنهم أعضاء في حملة ترامب الانتخابية، فلا خلاص للأرض المباركة إلا بخلاصنا من تلك الطغم الحاكمة التابعة للغرب المستعمر، والأمة زاخرة بالأبطال الذين يعملون لتغيير هذا الواقع الأليم ويتشوقون ليوم التحرير العظيم.
نعم فالأرض المباركة فلسطين على موعد مع التحرير الموعود وإن خيانة حكام الإمارات للأرض المباركة فلسطين، وتطبيعهم مع كيان يهود الغاصب هم وغيرهم من حكام المسلمين لا تزيد على أن تكون سطرا جديدا في صحائف خيانتهم، ومشهدا جديدا من الفصل الأخير في مسرحيتهم على الأمة، فالحقائق تتجلى واضحة أمامها، وخيانة الحكام وعمالتهم للغرب المستعمر باتت مكشوفة، والأمة لن تسكت وستستمر في حراكها، فهذه الحقبة الاستثنائية من حياة المسلمين لن تستمر وستنقشع عن خلافة راشدة على منهاج النبوة، لا تبقى ولا تذر لترامب وأقنانه من الحكام الخونة.
*عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين