اجتماع الأمناء العامين يخدم مؤامرات السلطة
ولا يخدم قضية فلسطين
ترأس رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مساء الخميس اجتماعاً ضم الأمناء العامين لكافة الفصائل الفلسطينية بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، وعقد الاجتماع بمقر الرئاسة في مدينة رام الله وفي بيروت عبر تقنية الفيديو كونفرنس، وبحث الاجتماع عدة ملفات وقضايا كان من أبرزها نظرة السلطة لقضية فلسطين في ظل موجة التطبيع ووضع منظمة التحرير وملف المصالحة.
وباستعراض هذه الملفات وما تم تداوله بخصوص كل ملف يتبين أن هذا الاجتماع يخدم السلطة ومخططاتها التصفوية ولا يخدم قضية فلسطين...
نظرة السلطة لقضية فلسطين في ظل التطبيع الحاصل
أكد رئيس السلطة محمود عباس خلال كلمته التي استهل بها الاجتماع على التمسك بمشروع الدولتين والشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس أمنها، وأعاد مراراً وتكراراً التأكيد على التمسك بالمبادرة العربية، وقال: "أريد الشرعية الدولية كاملة، وإننا مستعدون لعقد مؤتمر دولي للسلام تحت مظلة الأمم المتحدة تنطلق من خلاله مفاوضات جادة على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية"، وبين عباس بشكل صريح أن المشكلة في تطبيع الإمارات أنه لم يأت وفق المبادرة العربية والتي تنص على أن التطبيع يجب أن يلحق إقامة دولة فلسطينية على حدود المحتل عام 1967 وفق مبدأ الأرض مقابل السلام، فقال عباس: "إذا حصل حل للقضية الفلسطينية فكل مسلم عربي يستطيع أن يطبع علاقاته مع إسرائيل لا مانع لدينا" وهو بهذا التأكيد والتكرار يريد أن يبين مدى التمسك بمشروع الدولتين الأمريكي وكذلك يريد إظهاره على أنه مشروع أهل فلسطين وكل الفصائل! وفي تناغم من حركة حماس مع هذا الطرح وصف صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي للحركة بأن المؤتمر "تميز بالتزام أطروحاته بسقف وطني ملتزم تجاه القضية الفلسطينية... وأن هذا الاجتماع خطوة مهمة في بناء الوحدة الفلسطينية وصولاً لإنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال والتحرر الوطني وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين وفق القرار 194"، وهو ما تجنبته حركة الجهاد التي رغم مشاركتها ومباركتها للاجتماع ومطالبتها بإنجاح الخطوات العملية التي وردت فيه إلا أنها تحفظت على مشروع الدولتين وأصدرت بيانا تؤكد فيه على "تمسكها بفلسطين كاملة من البحر إلى النهر وعدم التفريط بأي ذرة من ترابها المقدس".
· ترسيخ دور منظمة التحرير وأنها الممثل الوحيد والشرعي لأهل فلسطين وتعزيز ذلك
كان واضحا خلال الاجتماع تركيز رئيس السلطة على دور منظمة التحرير في أكثر من مفصل في كلمته التي قاربت الساعة، وقد أرسل رسالة خارجية للدول العربية فكان مما قاله: "لا أحد يتكلم عنا، نحن الذين يجب أن نتكلم والعرب من خلالنا ومن خلال موقفنا فقط يمكن لهم التكلم... ونحن الذين نتكلم فقط عن قضيتنا الفلسطينية... ونحن الذين نتحدث باسم الشعب الفلسطيني، آن الأوان لنقول لقد شببنا عن الطوق، لقد كبرنا لم نعد بحاجة إلى وصاية أحد ولا لحماية أحد، نحن قادرون على حماية أنفسنا وقضيتنا وشعبنا"، ورسالة داخلية للفصائل وذلك باستعراض كيفية إنشاء المنظمة وتاريخها (النضالي) وأنها الأصل والأساس ولا يحق لأحد تجاوزها أو يكون بديلا عنها حتى قال فيها "إنها بيت الشعب الفلسطيني المعنوي الجامع الذي يجب أن تتضافر جهود أبنائه وفصائله جميعاً من أجل حمايته وتقويته وبقائه مظلة لجميع الفلسطينيين في الوطن والشتات"، وفي تجاوب مع هذا الطرح أكدت حماس "أنه يجب الإسراع في إعادة بناء وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية لتكون إطاراً جامعاً للكل الفلسطيني وكافة فصائله ومكوناته دون استثناء لتصبح ممثلاً حقيقياً للكل الفلسطيني"، واعتبر صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي أن من أبرز مخرجات المؤتمر هو "الاتفاق على إنجاز رؤية متفق عليها وتطبيقها لتوحيد الشعب الفلسطيني في منظمة التحرير خلال 5 أسابيع"، وأضاف "أن هذا الاجتماع يجب أن يشكل بداية جديدة للنهوض الوطني الفلسطيني تحت راية منظمة التحرير"، وكذلك كان موقف حركة الجهاد الإسلامي مشابهاً لموقف حماس حيث "دعت الحركة إلى إعادة بناء وتفعيل (م.ت.ف) وفق أسس نتفق عليها لتشمل وتمثل جميع القوى الفلسطينية".
·
المصالحة
اعتبر رئيس السلطة الاجتماع خطوة أولى نحو إنهاء الانقسام، فقال: من هنا البداية، ودعا من خلال الاجتماع إلى إنهاء الانقسام واستبدال الشراكة الوطنية به من خلال الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية، وأكد أنه لا دولة في غزة ولا دولة من دون غزة.. وختم كلمته بالدعوة إلى الاتفاق على الآليات الضرورية لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والشراكة الوطنية في أطر زمنية محددة وبمشاركة الجميع، والدعوة إلى حوار وطني شامل، ومطالبة عباس فتح وحماس بالشروع في حوار لإقرار آليات لإنهاء الانقسام وفق مبدأ أننا شعب واحد ونظام سياسي واحد، وهو ما لقي ترحيبا من الجهاد وحماس.
بالنظرة إلى أبرز الملفات السابقة التي تناولها الاجتماع يظهر بشكل واضح وجلي أن السلطة أرادت من خلال اجتماعها:
- جعل مشروع الدولتين مطلباً لجميع الفصائل وإظهار أنه بمثابة المطلب الموحد للشعب الفلسطيني ليسهل تطبيقه وتصفية القضية، وهي كذلك تريد جرّ حركتي الجهاد وحماس إلى مستنقعها الخياني القائم على التنازل عن جل الأرض المباركة لكيان يهود والسير وفق مشروع الدولتين الأمريكي لتصفية القضية.
- ترسيخ دور المنظمة وجعلها المظلة الوحيدة التي تنضوي تحتها جميع الفصائل بما فيها حماس والجهاد وتعزيز مقولتها أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني؛ وذلك حتى يسهل عليها فصل قضية فلسطين عن عمقها العقدي والإسلامي وجعلها قضية منظمة لقيطة مفرّطة حتى يسهل على الأعداء من خلالها تصفية القضية لصالح كيان يهود.
- إظهار أنها ليست مع الانقسام وأنها تريد الوحدة ولكن في الوقت ذاته تجعل طريق ذلك من خلال الدخول في الانتخابات التي تفرز سلطة تخدم المحتل والمشاريع الغربية.
إن هذا الاجتماع يمثل حلقة من حلقات تآمر السلطة على قضية فلسطين، وكان الأولى بفصائل المقاومة ألا تحضره وأن تكفر بالغرب وأداته السلطة الخائنة ومشاريعه وعلى رأسها مشروع الدولتين الخياني، لا أن تباركه وتنخرط فيما جاء فيه، وعليها أن تحذر من الفخاخ السياسية ومن الوقوع فيما وقعت فيه المنظمة من قبلهم فيخسروا الخسران المبين ولا يستيقظوا إلا وقد وجدوا أنفسهم يسيرون وفق المشاريع الغربية وترتيباتها، وأن يتمسكوا برباطهم وجهادهم حتى يأذن الله لهذه الأمة بحاكم مخلص يحرك الجيوش فيقتلع كيان يهود من جذوره، ويخلص فلسطين والمسلمين من شروره.
بقلم: الدكتور إبراهيم التميمي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين