في لقاء على BBC صرح أكمل الدين احسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي بأنّ منظمة المؤتمر الإسلامي هي بديل عن الخلافة الإسلامية، وذلك يوم 19/1/2010 وعبر برنامج "في الصميم". وهنا لا يسعنا إلا أن نقول بأنّ من حسنات اللقاءآت عبر الفضائيات أنّها قد فضحت فعلاً الكثير من السياسيات دون أن يكون هناك متسع من الوقت للقائمين على هذه القنوات الفضائية للتحكم بأقوال البعض، ففي الكثير من الأحيان لا يتمكنون رغم الدهاء والحنكة من ابقاء المستور بعيداً عن الأعين فينفضح الأمر وتنكشف العورة.
وهنا وعند سماع هذه الكلمات يقوم المرء باسترجاع الأفكار التي قالها حزب التحرير قبل عقود من أنّ الهدف من إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي كان تنفيساً لعواطف المسلمين التي بنتها قرون من وجود الخلافة ورسختها في الأذهان حزم كبيرة من الأحكام الشرعية الخاصة بالحكم والسياسة.
إنّ الذي لم يقله أكمل إحسان أوغلو هو، هل رباه أبواه على منع اقامة الخلافة الاسلامية، بل وهل طلب منه حاكم من بلاد المسلمين أن يقوم بذلك. ونحن إذ نعلم بأنّ المسلمين قد وقعوا فريسةً لهذه المخططات الشيطانية ونعلم كذلك علم اليقين بأنّ التفكير على هذا المستوى وحشد الحكام له من كافة أرجاء المنطقة الإسلامية هي أكبر بكثير من أحلام الحكام الصغار في العالم الاسلامي لنؤكد بأنّ ما لم يذكره أوغلو هو أنّ مشروع منظمة المؤتمر الاسلامي هو مشروع بريطاني تم تنفيذه بأيدي أزلام الغرب في المنطقة. وهذا المشروع البريطاني الخسيس لا يختلف كثيراً عن المشاريع الأوروبية الأخرى تحت مسميات جميلة مثل مساندة المرأة وتقويتها وإعطائها حقوقها في الشرق الأوسط والهادفة الى نزع الاسلام من العلاقات الأسرية، وكذلك مشاريع أمريكا وأوروبا تحت مسميات الحد من العنف والسلام، والهادفة إلى قتل الروح المعادية لليهود لا سيما عند فئة الشباب مما يخفف من وطأة الاستشهاديين والمنخرطين في المقاومة المسلحة ضد يهود.
نقول بأنّ هذه المشاريع لا يجمعها إلا هدف وحيد هو معاداة الإسلام وأهله ومنع أحكامه من أن تسود كما كانت، ويأمل الغرب من هذه المشاريع أن يثبت أقدامه في المنطقة ويمنع الخطر عن نفسه وعن مصالحه. والحقيقة التي يدركها الغرب وكذلك أزلامه أمثال أوغلو بأنّ الغشاوة التي نجح في وضعها بين المسلمين وبين الاسلام قد اكتمل ذوبانها أو كاد، وأنّ العائق المتبقي لنسف كافة المشاريع الغربية من منظمة أوغلو ومشاريع المرأة ومناهضة "العنف" هم الحكام،
ولعل الغرب يرى في أكثر من منطقة بأنّ كراسي هؤلاء الحكام قد أخذت تهتز. ولعل الأكثر رهبة وخطراً ما يراه الغرب بأنّ قواه كافة من عسكرية واقتصادية وسياسية لم تعد قادرة على الوقوف في وجه الموجات المنبعثة من العالم الإسلامي، فلا عملاء أمريكا والغرب في العراق وأفغانستان قد استطاعوا منع الخطر عنهم ولا الجيوش العسكرية الغربية استطاعت ذلك. وإذا كان ذلك قد تم تحقيقه بموجات غير منتظمة تبنتها حركات فما بال الغرب بموجات المد الإسلامي الحقيقية المسنودة بجيش دولة الخلافة ورسم وتخطيط أعظم الخبراء الاستراتيجيين المسلحين بالعقيدة الإسلامية.
وأخيراً فإنّ أوغلو هذا الذي يعلن بأنّ منظمته هي بديل عن الخلافة الإسلامية، لا بد أنه يرى شدة استهتار المسلمين به وبمنظمته فقد كان آخر جرائمها ما صرح به محمود عباس بأنّ منظمة المؤتمر الاسلامي هي التي طلبت منه أن يؤجل نظر مجلس حقوق الانسان بتقرير اليهودي غولدستون، فحرص هذه المنظمة ودولها، دولةً دولة على إرضاء أعداء المسلمين من يهود وغربيين يراه المسلمون صباح مساء، ولسان حال المسلمين يقول: يا ليتكم وفرتم على أمتكم ثمن بنزين الطائرات التي تصرفونها لعقد اجتماعاتكم وعدو أمتكم يقتل مئات الآلاف من المسلمين في العراق وأفغانستان وفلسطين وباكستان والهند والشيشان وغيرها، بل إنّ المسلمين باتوا يحتقرون وسائل الاعلام التي تنقل أخباركم وكأنكم قادة للأمة بما تتسمون به من رئيس وملك ووزير وليس فيكم من تلك الألقاب الا الاسم، فيا ليت وسائل الإعلام تلك قد بثت مقاطع من برامج تنفع الأطفال أو تسليهم بدل مضيعة وقتها في نقل أخباركم والتي لا فائدة منها حتى للتسلية.
وأما الأمة فقد صار سهلاً عليها أن تميز الخبيث من الطيب. فأين منظمتك يا أوغلو واليهود يقتلون في فلسطين ولبنان، وأمريكا وبريطانيا ودول الكفر تقتل في العراق وأفغانستان وباكستان، وروسيا تقتل في الشيشان، والهند تقتل في كشمير وغير ذلك كثير، أين أنت ومنظمتك من دولة الخلافة التي يقض اسمها مضاجع أوروبا وأمريكا ويخلخل أركانها، أين منظمتك والتي لا أظن المسلمين ينتبهون حتى لوجودها من خلافة مسئولة عن المسلمين كمسئولية المعتصم العباسي عن أفراد أمته، تلك المسؤولية التي لم تكن طفرة في تاريخ المسلمين، فلم تخل أي حقبة من دولة الخلافة من مثيله في كافة مستويات الحكام الذين يخدمون دينهم وأمتهم. وأين الحروب التي خاضتها منظمتك أيها البديل عن الخلافة، والى أي مدى قد دحرت العدو الداهم عن بلاد المسلمين أيها البديل.
فأنت كمن يريد بسراج لا يغني ولا يسمن من جوع أن ينافس الشمس في ضيائها ودفئها.
عصام الشيخ غانم
22/1/2010