ما إن يتوقف المرء عند مشهد استشهاد قادة غزوة مؤتة الثلاث، زيد بن حارثة، وجعفر ابن أبي طالب، وعبد الله بن رواحه، رضي اللهم عنهم، ويتأمل في حرصهم على إبقاء راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرفوعة في المعركة، لا سيما ما فعله جعفر بن ابي طالب، والذي قطعت يمينه فابتدر الراية بيساره، ثم قطعت يساره فاحتضن الراية بعضديه إلى أن استشهد وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله أبدله يديه جناحين في الجنة يطير بهما حيث يشاء، ما إن يتأمل المرء ذلك كله حتى يشعر بأحاسيس تسري في عروقه يكاد لا يقدر على الإبقاء عليها بداخله من هول المشهد وعظمته.