تنويه:
تبدلت كتب المناهج الفلسطينية أكثر من مرة، ولا تزال في طور التغـيير، وننـوه أن الاقتباسات الواردة في هذا الإصدار مأخوذة من الكتب التي كانت تدرس في المـدارس حتى حزيران ٢٠٠٤.
مقدمـة
الثقافة جزء من كيان الأمة. ففي ثقافتها وجهة نظرها في الحياة والرابط الذي يـربط أبناءها معا والنظام الذي تعيش بحسبه، فالثقافة هي المعارف التي تؤخذ عـن طريـق الإخبار والتلقي والاستنباط مثل التاريخ والفقه واللغة والفلسفة وسائر العلـوم غـيرالتجريبية، وتنبع ثقافة الأمة من وجهة نظرها في الحياة، بخلاف العلم وما يلحق به، فهو عالمي لا تختص به أمة، بل تتسابق الأمم على تحصيله وتأخذه بل تسرقه أحيانا بعضـهامن بعض. وتناضل الأمم في الحياة من أجل سيادة ثقافتها ووجهة نظرها في الحياة فوق الثقافات الأخرى والأفكار الأخرى، وتعمل الأمم الحية على أن تكون وجهة نظرها في الحياة ونظام حياتها هو وجهة نظر العالم والنظام الذي يسود فيه.
وتحافظ الأمم على ثقافتها وتعمل على تخليدها فتنقلها من جيل إلى جيل وتبذل في ذلك الجهود العظيمة. ويتم نقل الثقافة من السلف إلى الخلـف بطـريقتين: الأولى طريقة العيش الطبيعي في ظل هذه الثقافة دون نظام رسمي في الأسر ة وفي المجتمع عامة، والثانية التعليم المنهجي في المدارس بأنواعها وفي الجامعات. ولا تستطيع أمة أن تنقـل ثقافتها ووجهة نظرها في الحياة إلى أبنائها إلا إذا اتخذت قاعدة أساسية لوضع المنـاهج بحيث تسهم جزئيات المنهاج كلها في التكوين الثقافي لأبنائها، فلا تخرج جزئيـة مـن الجزئيات عن تلك القاعدة ولا تتناقض معها ولا تضعفها ولا تشكك فيها، فإن حصل ذلك كان التكوين الثقافي لأبناء الأمة مشوشا أو ضعيفا، فإن كثر ذلك فصار كثير من المنهاج غير متفق مع القاعدة أو كان متناقضا معها أو مشككا فيهـا، صـار التعلـيم المنهجي عملا هداما لأنه يهدم ثقافة الأمة في نفوس أبنائها، ولا يبنيها، وكـان واقـع المنهاج أنه تبعية للأجنبي وعمالة له لأنه يعلم وجهة نظر الأجنبي ويحشو عقـول أبنـاءالأمة بها. ولا عذر في ذلك، يعني لا يقبل القول بأن ذلك قد يكون خطـأ وقـع، لأن المنهاج إذا كان في جملته مبنيا على غير عقيدة الأمة بل على عقيدة تناقضها تبين مـن ذلك أن هناك نهجا مدروسا يراد منه أن يحمل أبناء الأمة ثقافة غريبة عن ثقافة أمتهم.
وإذا قيل عند المسلمين ثقافة غريبة أو ثقافة أخرى كان معنى ذلك ثقافة كفر أي فكـر كفر وعقيدة كفر. ولا بد من لفت النظر هنا أن العقائد والثقافات في نظر المسـلمين هي إما كفر أو إسلام ولا ثالث لهما. فليس هناك تصنيف ثالث بينهما، والأوصـاف التي جاءت في الكتاب والسنة لبعض الكفار هي ليس صنفا بين الإسلام والكفر بل هي نوع أو وصف لبعض الكفار، وذلك كوصفهم بالمشركين أو بأهل الكتاب.
|