تعليق صحفي: أصحاب المذاهب الإسلامية بريئون من الحكام العملاء

 انتقد مفتي السعودية، عبد العزيز آل الشيخ، المرشد الإيراني، ، واتهمه بأنه "مجوسي معاد للإسلام والمسلمين". ورد آل الشيخ على طعن خامنئي في تنظيم موسم الحج من قبل السعودية، قائلا: "أمر غير مستغرب على هؤلاء، يجب أن نفهم أن هؤلاء ليسوا مسلمين، فهم أبناء المجوس، وعداؤهم مع المسلمين أمر قديم وتحديدا مع أهل السنة والجماعة". فقد اتهم خامنئي الاثنين السعودية "بقتل" الحجاج، الذي علقوا في ازدحامات العام الماضي، وقال: "لقد زجّهم الرجال السعوديون المجرمون القساة القلوب مع الموتى في حاويات مغلقة، وقتلوهم شهداء بدل معالجتهم."

هكذا تستعر نار الحرب بين المذاهب الإسلامية بسبب الحكام العملاء الذين يتخذون المذاهب أداةً لتثبيت حكمهم ولتبرير خدماتهم للكفار المستعمرين. فكلا الطرفين، (السعودية وإيران) مشهودٌ له بخدمات جليلة للكفار سهّلت عليهم احتلال بلاد المسلمين، واستخدام القواعد العسكرية في بلادهم، والتحكّم بأسعار النفط، وإغاثة بلاد الغرب من أزماتهم المالية. واليوم تشترك السعودية وإيران في المؤامرة على بلاد الشام لمنع الثورة من إسقاط نظام البعث العميل، وكلاهما يسمح لطائرات الكفار بالانطلاق من أرضهما لتقصف المسلمين في الشام. وكلاهما تشتركان أيضاً في تدمير اليمن في حرب استعمارية تؤجّج الأحقاد المذهبية.

يأتي هذا التكفير المتبادل في أعقاب مؤتمر "أهل السنة والجماعة" في مدينة غروزني في الشيشان، الذي ادّعى فيه المشاركون أن أهل السنة والجماعة هم "الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علمًا وأخلاقًا وتزكيةً." وبذلك استثنوا أهل الحديث الذين انبثق منهم السلفيون أو الوهابيون. مؤتمرٌ مشبوه عُقد في كَنَف روسيا الاتحادية التي دمّرت الشيشان لمنع انفصالها والآن تُدمّر سوريا وتجرّب فيها شتّى أنواع السلاح بهدف تسويقها. وشارك فيه بعض علماء الأزهر وغيرهم من علماء السلاطين، وخرج بنتائج لا تُفيد المسلمين بشيء سوى تذكيرهم بتقسيماتهم المذهبية عبر التاريخ واستثناء بعضهم البعض من رحمة الله بحسب الأهواء السياسية لأنظمةٍ لا تمتُّ للإسلام بصلة!

ليس غريباً على علماء السلاطين أن يخونوا أماناتهم ويُصدروا الفتاوى التكفيرية بحسب أهواء الحكام. وإلا فكيف يعتقد مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ بكفر الشيعة وفي الوقت نفسه يبقي الباب مفتوحاً لهم لأداء الحج والعمرة في المسجد الحرام الذي لا يجوز دخوله للكفار؟ وكيف يصف الشيعة الاثني عشرية بالكفر علماً أن الإمام ابن تيمية مرجع السلفيين وصفهم بالمسلمين؟ مثل هذا التناقض يدلُّ على أن فتاوى علماء السلاطين هي فتاوى موسمية بحسب الوقائع السياسية، وأنهم لا يمثّلون المذاهب الإسلامية، ولا يتورّعون عن تحريف الدين لمصلحة السلاطين.

على المسلمين بكافة مذاهبهم أن يفتخروا بأنهم مسلمون لأن الله تعالى اختار لنا هذه التسمية (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ)، وأن يعلموا أن المذاهب هي وسيلة لفهم الإسلام بهدف تطيبقه في واقع الحياة وليست وسيلة لتفريق المسلمين وإيغار صدورهم على بعضهم، وأن يتوقفوا عن الاستجابة للتحريض المذهبي الذي يمارسه علماء السلاطين.

(إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)