تعليق صحفي

روسيا وأمريكا تتقاسمان الأدوار للقضاء على ثورة الشام

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الطائرات الحربية الروسية قامت بشن غارات عدة، على بلدات وقرى في حمص وريفها. كما قصفت الطائرات الروسية جبلي الأكراد والتركمان في اللاذقية، (سكاي نيوز عربية 2016/1/31).  

وفي سياق آخر، دعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري طرفي المفاوضات السورية إلى انتهاز الفرصة في جنيف لتحقيق تقدم ملموس في الأيام القادمة، وذلك بعد أن تبادل الطرفان الاتهامات بشأن عدم الجدية. وأضاف إن المفاوضات بين الجانبين ستناقش ترتيبات اتفاق لوقف إطلاق النار وتحقيق انتقال سياسي للسلطة في سوريا (راديو سوا 2016/1/31).

اجتمعت القوى الاستعمارية في الهجمة على ثورة الشام رغم اختلاف مصالحها، لأنها تلتقي في مصلحة التصدي لتحرر الأمة وانبثاق فجر الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وهي لا تختلف في حجم عدائها للأمة ولثورتها المباركة في الشام، وإن اختلف تركيزها على أساليب التصدي لها.   ففي الوقت الذي تحرك فيه أمريكا القوى الناعمة وتتحرك على قشاط الدبلوماسية، وتدفع نحو إنجاح مسيرة المفاوضات الباطلة، تتابع روسيا استخدام القوة الصلبة والهجمة العسكرية لمنع سقوط النظام، وتقبل روسيا أن تلطخ وجهها بعار قصف المدنيين، والدفاع عن الدكتاتور المستبد

إن الخط العريض الذي فرضته أمريكا على الحراك الدولي والإقليمي هو استمرار الدماء حتى ينضج البديل عن بشار، وها هي تستخدم المفاوضات لإيجاد البديل، وتستفيد من الهجمة الروسية في الحفاظ على وتيرة التدمير. ومن المعلوم أن المفاوضات تحتاج للقوة العسكرية وإلى أن تراق الدماء لأجل دفعها قدما، إذ تنهك الحرب الروح المعنوية للناس من أجل ترويضهم على القبول بنتائج تلك المفاوضات الباطلة.   إنه مما لا شك فيه أن المفاوضات مجرد أداة تسخرها الدول الاستعمارية كما تسخر الحروب العسكرية، ولقد تتابعت المؤتمرات المتعلقة بثورة الشام دون أن توقف شلال الدم المتفجر، وها هي الدماء تراق رغم جعجعة المفاوضين في جنيف.  

وهذا ما يعري منطق المفاوضين، ويفضح التآمر الإقليمي على الثوار، لأن الجميع يتحرك تحت ذلك السقف الأمريكي، وقد التقت جميعا على التخوف من انبثاق خلافة حقيقية تهدد مصالح القوى الاستعمارية، والدول الإقليمية التي لا تخرج عن سياق الهيمنة الأمريكية.  

إنه مما لا شك فيه أن هنالك بوناً شاسعاً بين النضال ضد الاستعمار وبين النضال من أجل إعادة إنتاج الاستعمار، مما تمارسه ما تُسمى قوى المعارضة. بل إن القبول بوصف المعارضة، يعني أساسا أن التحرك هو سياسي مجرد، كمعارضة للنظام من أجل تعديله (كمصطلح ديمقراطي)، وهو يُسوق كبديل عن قوى الثورة التي توجب القضاء على النظام واجتثاثه من جذوره.   وأمام هذه الهجمة الاستعمارية بأساليبها المتنوعة لا بد للتحرر من "الاستحمار" الوطني ضمن مسيرة التحرر من الاستعمار الغربي والشرقي، قبل أن تنجح تلك المعارضة المصنّعة على عين الغرب وبصره من خطف الثورة وبيع الثوّار في مزاد المفاوضات، مع القضاء على قواهم في القصف الذي لن توقفه المفاوضات.