تعليق صحفي

تقليصات وكالة الغوث قضية سياسية

 بين خيانة الحكام وتآمر الأمم المتحدة وعجز الحركات

شهدت الأيام الماضية تحركات عديدة وتصريحات تجاه ما أعلنته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين من احتمال تأجيل بدأ العام الدراسي وإيقاف عمل موظفي التعليم من خلال منحهم إجازة بدون راتب خلال تلك الفترة في عدة مناطق أبرزها قطاع غزة، وذلك بحجة عجز وكالة الغوث عن تأمين ما يقارب 100 مليون دولار لسد العجز في ميزانيتها، وذلك بعد عدة تقليصات في تقديم الدعم للاجئين قامت بها وكالة الغوث خلال السنوات والشهور الماضية، بحجة تقلص دعم المانحين.

 لا شك أنه في حالة تأجيل العام الدراسي سيتضرر مئات آلاف الطلبة المسجلين في مدارس الوكالة، عدا عن انضمام عشرات آلاف من موظفي الوكالة إلى قائمة البطالة المتفاقمة في عدة مناطق وأبرزها في قطاع غزة المنطقة المنكوبة جراء الأزمات المتكررة التي يعيشها من حصار وتضييق مالي وأزمات الكهرباء المزمنة والسجال السياسي بين شقي السلطة.

وإنه من المقطوع به أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين هي إحدى أدوات هيئة الأمم التي تتحكم من خلالها الدول الاستعمارية الكبرى وعلى رأسها أمريكا في العالم مسخرة له لخدمة أهدافها.

فقد وجدت هذه الوكالة لتقديم الإغاثة الأساسية للناس بعد احتلال أرض فلسطين وطرد أهلها منها إلى مناطق شتى داخل فلسطين وخارجها، فكانت تلك الإغاثة أشبه بنوع من تسكين أهلها وتخدير المنطقة حول ضرورة حل مشكلة فلسطين بإزالة كيان يهود.

وكحال أي قضية فإن قضية اللاجئين تبقى في نظر أمريكا والدول الاستعمارية مجرد أداة يمكن استغلالها والتلاعب بها لمصلحة هذه الدول التي ترعى كيان يهود.

فتصفية وتقليل إغاثة مثل هذه الوكالة ليست بعيدة عن الاستغلال السياسي لقضيتهم، سيما وأن مبلغ العجز المالي يقل عن سعر طائرة يشتريها الحكام، بل هو رقم لا يذكر بجانب الدخل اليومي لمبيعات النفط في بلاد العرب والمسلمين، حيث أن مساهمة مثل تلك الدول في دعم أهل فلسطين ولاجئيها تكاد لا تذكر، وهي التي تنفق المليارات بذخا وترفا وعمالة ورشاوي سياسية لإرضاء الغرب الكافر.

فهل توصف أزمة الوكالة الأخيرة بأنها أزمة مالية كما تعلن بسبب توقف دعم المانحين، أم أنها في حقيقتها أزمة سياسية كانت لتحل بطرفة عين من أمريكا لعملائها في الخليج وغيره لحلها.

وسواء أكانت الأزمة الحالية تصب في خانة تصفية ما يعرف بقضية اللاجئين كأحد توابع وآثار احتلال فلسطين، وغير منعزلة عن ما حصل من قبل من للاجئي فلسطين في العراق تحت نير الاحتلال الأمريكي له وبوجود عملائه، ومن ثم الأحداث التي افتعلها النظام السوري العميل في مخيم اليرموك لتهجير أهله، وهو الموصوف بأنه عاصمة مخيمات اللجوء، وبعد الأحداث التي حصلت في مخيم نهر البارد وتهجير أهله وتأخير إعماره، والأحداث الأمنية في مخيم عين الحلوة، أم كانت في سياقات وأهداف أخرى، إلا أن الحقيقة تبقى أن المسؤولية الكبرى عن أهل فلسطين ولاجئيهم لا يصح أن تبقى رهينة بيد من أجرم بحقهم وأمد كيان يهود بأسباب الحياة كأمريكا وأوروبا وغيرهم من أقطاب العصابة الدولية "الأمم المتحدة"، بل هي مسئولية الأمة الإسلامية كلها ومسؤولية الحكام العملاء الذين أضاعت أنظمتهم فلسطين في حروب مسرحية ثبتوا بها كيان يهود، ثم قاموا على حمايته، ومحاولة تصفية آثار هذا الاحتلال، ظانين أنهم بذلك سيجعلون منه كيانا طبيعيا تقبله الأمة.

أما الحركات الفلسطينية التي تعترض اليوم على تقليصات وكالة الغوث، فإنها هي ذاتها التي قبلت بدولة في حدود عام 67، وهي بذلك تتحمل جزئيا مسؤولية اللاجئين بقبولها دولة في حدود 67، وكأن لا أرض للاجئين إلا في إطار تلك الدولة الوهمية، فكيف بمن يقبل بهذه الدولة أن لا يدرك أن في هذا تآمرا على فلسطين وأهلها، فضلا عن تقديم التنازل لكيان يهود.

إن التضليل الذي يجري بشأن فلسطين يقع في جزء كبير منه على اعتبار فلسطين قضية شعب يفتت ويهجر ثم تصفى توابع جريمة الاحتلال شيئا فشيئا ومنها قضية اللاجئين.

وإن ظن الغرب والأمم المتحدة بأنه في حال تصفية قضية اللاجئين وتوابع الاحتلال إن ظن أنه سيصفي قضية فلسطين فهو واهم، فأرض فلسطين وقضيتها قضية إسلامية لن تحصر في إطار أهلها أو بعض أراض لهم هنا وهناك، فهي قضية أمة إسلامية بامتياز.

إن أزمة اللاجئين والاستيطان والأسرى والقدس هي أعراض لمرض يسمى كيان يهود، ولن تحل قضية فلسطين والأزمات الناتجة عنها إلا بإزالة هذا الكيان كله، والخلافة الراشدة على منهاج النبوة ستحقق ذلك إن شاء الله.