تعليق صحفي

ثمن دماء أهل غزة تحرير فلسطين والأقصى وليس شكوى في محكمة الجنايات الدولية!

أخذ موضوع الانضمام لاتفاقية روما ورفع قضية ضد قادة الكيان اليهودي المجرمين في محكمة الجنايات الدولية جانباً كبيراً في بحث السياسيين والسلطة والحكام باعتباره "رداً مناسباً" على جرائم الاحتلال، بل إن السلطة قد اعتبرت الانضمام لمعاهدة روما حدثاً ضخماً وخطوة تستلزم توقيع الفصائل على ورقة تدعوها للانضمام للمعاهدة المذكورة.

إن قادة الاحتلال الغابرين والحاليين هم مجرمو حرب، سواء منهم من وقع اتفاقيات سلام مزعومة مع الحكام كرابين وبيرس أم كان رأس حربة في قتل أهل فلسطين كشارون ونتنياهو، فكلهم شركاء في قتل وتشريد أهل فلسطين واحتلال أرضهم ومقدساتهم وإن تبادلوا الأدوار.

إن تصوير الرد على جرائم الاحتلال بأنه يكون عبر تفعيل المسار القانوني هو مغالطة سياسية وتحوير لمنحى القضية وتضييع للدماء الزكية التي أريقت على ثرى غزة هاشم وكل فلسطين.

فجرائم الاحتلال يكون الرد المناسب عليها كما بيّن الحق سبحانه (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) وبقوله (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)، وغير ذلك من ردود كتفعيل المسار القانوني وأشباهه هي ردود العجزة بل لا ترقى لمستوى أن تسمى رداً.

وتفعيل المسار القانوني هو مغالطة سياسية، فهو من جهة يعتبر جرائم الكيان اليهودي تصرفات لأفراد بينما هي في الحقيقة نهج دولة محتلة مغتصبة قامت على جماجم أهل فلسطين، ومن جهة أخرى تجعل الخصم المتآمر والمتواطئ مع المحتل (الأمم المتحدة ومؤسساتها) حكماً، وفي ذلك من التضليل السياسي ما فيه.

ثم إن جوهر القضية ليس عدوان الكيان اليهودي المجرم على غزة هذه المرة فحسب، بل في نشوء هذا الكيان واحتلاله للأرض المباركة ومقدساتها وعدوانه المستمر الذي لم ينقطع، مع تفاوت وتيرته، على غزة وفلسطين، لذا فحصر القضية في محاكمة قادة هذا الكيان هو قفز عن حقيقة بطلان نشوء كيان يهود على أرض فلسطين وطي لها في صفحات التاريخ، وذلك مغالطة وتضليل سياسي كذلك.

وعلاوة على ما ذكر، فمحكمة الجنايات الدولية منذ أنشئت عام 2002 لم تنصف أحداً ولم توفر القصاص من مجرمي الحرب علاوة على أنها لا تحاسب الدول الكبرى على ما تقترفه من جرائم كما فعلت أمريكا وبريطانيا في العراق بل توجه "عدالتها" المشكوك فيها نحو الأمم والدول الفقيرة خدمة لأجندات استعمارية.

وإزاء ذلك كله، وأمام عظم الدماء التي أريقت والتضحيات التي بذلت على أرض غزة وفلسطين، هل يكون ثمن هذه الدماء والتضحيات تقديم شكوى ضد قادة يهود تضيع في غياهب سجلات محكمة الجنايات الدولية؟! هل ثمن كل تلك التضحيات الحديث عن مسار قانوني مسيّر بإرادة أمريكا والدول الكبرى وإذنها؟!

إن دماء المسلمين غالية، يهتز عرش الرحمن لإراقتها، وهي أغلى مما يصوره لنا حكام الضرار الذين تآمروا على المسلمين وقدّموهم قرابين على مذابح المستعمرين، وإن هذه الدماء والتضحيات الغالية لن تكافئ إلا بأن تكون دافعاً ووقوداً لتحرير الأرض المباركة مسرى رسول الله والقضاء على كيان يهود قضاءً مبرماً، لا بفتح معبر أو إنشاء ميناء أو استجلاب قوات احتلال دولية، وإن تحقيق ذلك لن يكون عبر عصابة الحكام المتآمرين بل بجيوش المسلمين المتوضئة التي تقضي على كيان يهود وتلقنه درساً ينسيه وساوس الشياطين التي سولت له الاعتداء على المسلمين واحتلال أرضهم المباركة، وإن قيام الخلافة التي ستحقق ذلك في ظل خذلان الحكام والأنظمة لفلسطين وأهلها بات قريباً بإذن الله.

(وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا)

25-8-2014