تعليق صحفي

عباس يصطنع الأزمات والزوابع للتغطية على فشله واحتراق وجهه

نشرت وكالة سما الإخبارية صباح الأربعاء حول زيارة عباس لواشنطن خبرا جاء فيه: "أكدت مصادر سياسية فلسطينية’ أن الأفكار التي طرحها الرئيس الأمريكي باراك أوباما على الرئيس محمود عباس، تضمنت الاعتراف بإسرائيل كـ ’ دولة يهودية’، مع وجود قوات لإسرائيل في منطقة الأغوار، مع طرحه عرضا ‘غير ناضج’ تجاه ملف القدس، وأن أبا مازن أبدى اعتراضه على الكثير من الطروحات، ما حذا بالطرفين للاتفاق على تكثيف الاتصالات في الأيام المقبلة، بغية منع الإعلان عن ‘انهيار المفاوضات’ في نهاية فترتها المقررة."

وكان قد سبق زيارة عباس لواشنطن موجة تراشقات بينه وبين دحلان، واتهامات واتهامات متبادلة تدور حول تآمر كل منهما على أبناء فلسطين وقيادات، واتهامات بالعمالة، وكذلك مجموعة فعاليات لحركة فتح ومؤسسات السلطة تأييدا لعباس.

من المستبعد أن تكون زوبعة تراشق الاتهامات بين دحلان وعباس، والتي أسماها البعض "نشر الغسيل الوسخ" قد جاءت مصادفة مع قرب انتهاء المهلة المحددة للمفاوضات، وقبيل زيارة عباس لواشنطن، حيث سبق ذلك تهاوي شعبية عباس وسلطته في أعين الناس على إثر التصريحات الأخيرة التي صدرت منه بخصوص استقدام قوات احتلال صليبي لفلسطين، والاعتراف بأنّ الشغل الشاغل للأجهزة الأمنية هو حماية كيان يهود، وما تبع ذلك من نشاط مشهود لحزب التحرير في فلسطين لفضح عباس وسلطته وأجهزته الأمنية لإفشال مشروع التصفية والتفريط، وهو ما فت في عضد السلطة، وسخّن من وجه عباس إلى درجة الاحتراق، وهو ما دفع بعباس إلى إصدار تعليماته المشددة للتنكيل بشباب الحزب وإبقاء المعتقلين رهن الاحتجاز غير "القانوني" لأكبر فترة ممكنة في مختلف مناطق الضفة الغربية على نحو افتضح فيه الأمر وبان لكل مراقب.

وكما حاول حينها عباس وأزلامه سعيا لإطفاء الحريق إلى الخروج بنشاطات وبيانات تأييد لعباس وجرائمه المشهودة، وكذلك محاولة تصوير أنّ يهود يعادون عباس ويريدون النيل منه، في محاولة لتصوير أنّ من يعارض عباس يخدم يهود! وهو ما بدا كذبة ممجوجة لم تنطل على عاقل يرى سلوك السلطة ومواقفها المخزية المتواصلة.

وفي محاولة للتفكير ببديل يكون أكثر قبولا لدى القاعدة الفتحاوية التي يعول عليها عباس، في ظل إدراك عباس أنّه سيذهب إلى واشنطن ليعود بخفي حنين وبمزيد من التهاوي والفشل، وهو ما حدث فعلا كما هو واضح في الخبر أعلاه، من أجل ذلك وجد ضالته في دحلان، صاحب السمعة السيئة، فشن عليه حملة شعواء اتهمه فيها بالعمالة والخيانة والمساهمة في تصفية قيادات بالتعاون مع الاحتلال، متعاميا عما سيتبادر إلى ذهن أبسط المتابعين بأنّ دحلان فعل كل أفعاله تلك وهو في حضن عباس ومستشاره للأمن القومي وأحد أهم القيادات المقربة منه!!. وعباس يعرف هذا الأمر، ولكنه في أمس الحاجة إلى استنفار أتباعه ورفع درجة التأهب من خلال اصطناع زوبعة يأخذ بها الأنظار إلى مكان بعيد عن تنازلاته وتهاويه، وباختراع عدو يتوحدون حول عباس ضده، ويرد بذلك على بعض الأطروحات التي نادت بدحلان كبديل عنه إن فشل في المفاوضات، تماما كما فعل عرفات حينما دفع أتباعه إلى الخروج في شوارع رام الله واصفين عباس بكرازي، حينما أحس بالخطر من عباس في حينه.

ووسط كل ذلك، تستمر المفاوضات، بل التنازلات، كما كان متوقعا، دون أن يحصد عباس إلا الشوك والخزي في الدنيا، ولعذاب الآخرة أكبر.

 

وهو ما يتطلب من أهل فلسطين الوعي على المؤامرة التي تعمل السلطة على تسويقها وتمريرها عليهم، والحذر من فقدان البوصلة في دهاليز الحياة السياسية ومستجداتها. وهو ما يحتم على كل المخلصين الوقوف في وجه المتآمرين على فلسطين، "دحلانيين" كانوا أم "عباسيين"، ممن يدّعون تمثيل أهل فلسطين، ليعلموا أنّ فلسطين وأهلها براء منهم.

22/3/2014

للمزيد من التفاصيل