تعليق صحفي

آل سعود... خيانة تتأكد وتواصل تطبيعي يتجدد

نقلت وسائل الإعلام خبر لقاء ومصافحة الأمير السعودي تركي الفيصل -رئيس الاستخبارات السعودية وسفير بلاده في الولايات المتحدة- مع ايتمار رابينوبيتش الذي كان نظيره اليهودي في الولايات المتحدة، كما تناقش مع النائب اليهودي مئير شطريت، الذي عرض عليه المجيء لإلقاء كلمة في الكنيست اليهودي، فرد عليه الفيصل بأن "هذا لن يكون مجديا طالما لم ترد إسرائيل على مبادرة السلام العربية لعبدالله ملك السعودية"، ودعا الفيصل "إسرائيل" إلى قبول المبادرة كي يكون ممكنا بعد ذلك التفاوض على تفاصيلها.

وأشار الفيصل إلى أن عناصر الحل معروفة: إقامة دولة فلسطينية في حدود 67 مع تبادل للأراضي والقدس كعاصمة. واقترح عليه النائب اليهودي أن تلعب السعودية دور الشيخ الكبير فيمنح رعايته للمفاوضات، ونقلت وسائل الإعلام عن مقابلة الأمير السعودي مع صحيفة معاريف اليهودية قوله: "خطوطنا الحمراء أصبحت بيضاء" (رأي اليوم بتاريخ 16-12-2013).

إن هذا الخبر يمزق القناع الزائف عن وجه النظام السعودي القبيح الذي يحاول التزيّن بالإسلام فيما هو يمارس دورا خيانيا لترسيخ كيان الاحتلال اليهودي، ودورا تطبيعيا لكسر حاجز قبوله في وجدان الأمة، كما تكشّف من قبل لدى حضور السعودية لمؤتمر أنابوليس التطبيعي عام 2007، وذلك كله بموازاة تبنيها وترويجها للمشاريع التصفوية لقضية فلسطين.

والحقيقة أن الفيصل يضلل عندما يتحدث عن وجود خطوط حمراء أصلا لدى آل سعود، إذ إن خيانتهم لقضية فلسطين وسعيهم لتنفيذ مخططات أمريكا معروفة مشهودة منذ منتصف القرن الماضي، فقد ظل كبراؤهم منذ عقود مبادرين لطرح مشاريع الاعتراف بالكيان اليهودي وترويجها:

·       إذ بادر الملك سعود للترويج لمشروع الرئيس الأمريكي أيزنهاور المتمثلفي إقامة الكيان الفلسطيني مع الكيان اليهودي، عندما دفعه الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وقد تبنته السعودية علنا وعرضته على الجامعة العربية في اجتماعها الذي عقدته في القاهرة سنة 1959.

·       وقد مهّد الملك فهد لمشروع الرئيس الأمريكي ريغان (الذي طرحه في خطاب له قبل أيام من قمة فاس في المغرب في 6-9/9/1982)، حيث طرح "مبادرة الأمير فهد" وذلك في 7-8-1981، وتحولت المبادرة إلى مشروع الملك فهد للسلام في الشرق الأوسط، ثم أصبح مشروعا للسلام العربي، واستندت معظم بنود مشروعه الثمانية إلى قرارات الأمم المتحدة الباطلة، وقد تضمنت الاعتراف باحتلال فلسطين، فنص البند السابع منه على "تأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام". فيما رد شارون على انبطاح العرب في قمة فاس بمحاصرة مخيمات صبرا وشاتيلا التي تمخضت عن مجازر بشعة.

·   ثم جددت السعودية خيانتها بإعلان مبادرة للسلام أطلقها الأمير السعودي عبد الله، وقد كانت طبخة أمريكية أعدّها الإعلامي الأمريكي توماس فريدمان، تبناها الأمير عبد الله آنذاك وعرضها على العرب، فتبنتها القمة العربية في آذار 2002، وأصبحت تسمى المبادرة العربية للسلام، التي عرضت التطبيع الكامل مع الاحتلال اليهودي في مقابل الانسحاب إلى حدود 1967. وكرر شارون المشهد السابق فردّ على تلك المبادرة المتجددة باجتياح جديد، وسحق مخيم جنين.

·   وكانت السعودية عرابة اتفاق مكة الذي عقد تحت رعاية ملكها عبد الله وبمباركة أمريكية وذلك في شباط 2007، فتم فيه التوافق السياسي على منح التفويض لمحمود عباس لاستكمال نهج المفاوضات.

·   وحضرت السعودية قمة شرم الشيخ لمكافحة الإرهاب (في 3/6/2003) التي جمعت محمود عباس  وبوش ومبارك والأمير السعودي عبد الله والملك الأردني والملك البحريني. وأصدر العرب فيها بيانا تعهدّوا فيه بمكافحة الإرهاب وبدعم خارطة الطريق التي ترسخ التنازل عن فلسطين وتؤكد الدور الأمني للسلطة الفلسطينية في حماية أمن الاحتلال اليهودي.

فأي "شيخ وقح" يمكن للنظام السعودي أن يمارس دوره غير هذه الأدوار السياسية الوسخة. وقد أكدت السعودية مرة تلو الأخرى تلك العقلية المتآمرة على قضية فلسطين، وهي تغطي جرائم اليهود في كل مرة.

إن هذه الخيانة السعودية المؤكدة وهذه الاتصالات التطبيعية المتجددة جديرة بأن تحرك علماء الحجاز ورجاله للتصدي للنظام المتآمر على فلسطين وعلى مقدرات الأمة في الجزيرة، وخصوصا وهم يتلون قول الله تعالى:

"وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا"

17-12-2013