أوردت وكالات اخبارية عدّة منها صحيفة القدس نتائج الاستفتاء الشعبي الذي أجرته الحكومة السويسرية حول حظر بناء المآذن في سويسرا وتضمن الاستفتاء كذلك حظر صادرات بلادهم من العتاد الحربي إلى الخارج، وكانت نتيجة الاستفتاء أن وافق 57% من المصوتين على حظر بناء المآذن ورفض المصوتون حظر بيع الصادرات الحربية للخارج وعقب تلك النتيجة طالب حزب الحرية الهولندي الحكومة الهولندية باستفتاء مماثل.
 
ليس غريباً على الحكومات الغربية أن تضيّق الخناق على المسلمين فهي-بالجملة- تخوض حرباً ضروساً مع المسلمين وتسعى بجهود حثيثة للوقوف في وجه المد الإسلامي المتنامي والذي أمتد حتى عقر دار الدول الغربية، فلا زالت أعداد الغربيين الذين يعتنقون الإسلام يومياً تقض مضاجع الحكومات الغربية ولكم في سياسة الحكومة البريطانية مثال آخر حيث دأبت الحكومة وأنفقت الأموال الطائلة وأعدّت الخطباء والمدرسين لينشروا الإسلام "البريطاني" خشية انتشار الإسلام "الحقيقي" في أوساط المسلمين الذين يقطنون تلك الديار، ليس ذلك غريباً على دول تتخذ من الحكام الجاثمين على صدر الأمة أداتهم التي يقمعون بها كل توجه حقيقي نحو الإسلام كمشروع حضاري بديل للرأسمالية العفنة والمتهاوية، ودعم الحكومات الغربية للأنظمة القمعية في بلاد المسلمين بات واضحاَ وضوح الشمس في رابعة النهار، فذلك دعم بريطانيا وأمريكيا لحكام باكستان وكذلك دعم أمريكيا وبريطانيا لنظام الحكم السعودي في الحجاز ودعم أمريكا للنظام المصري وغيرها الكثير مما بات العوام لا المفكرين والسياسيين فحسب يدركونه عين اليقين، وهذا الدعم المتكرر للأنظمة القمعية من قبل الحكومات الغربية يزيل الغشاوة التي علقت في أذهان البعض من أن الحكومات الغربية أقل إضرارا بالمسلمين من حكومات البلدان الإسلامية فكلها تنهل من معين واحد ومردها لجهة واحدة وهي القوى الغربية الإستعمارية.
 
إن على الشعوب الغربية أن تدرك بأن حكوماتها تحاول أن تزج بها في أتون صراع لا ناقة لها فيه، إن الشعوب الغربية قد أدركت فساد الرأسمالية وظهر لها ذلك عياناً بعد الأزمة المالية العالمية ولا زالت حركات التصدي للعولمة تتنامى في الدول الغربية يوماً بعد يوم ولا زال إدراك هذه الشعوب لبشاعة المبدأ الرأسمالي يتعزز ويتجلى بل وإن تلك الشعوب أصبحت تتطلع لبديل حضاري يحل محل الرأسمالية.
 
لقد أدركت الحكومات الغربية ذلك حق الإدراك وسعت إلى زج تلك الشعوب في صراع الحضارات عن طريق تضليلها لتكون درعاَ للرأسمالية العفنة، وذلك عبر وصف الحكومات الغربية للمسلمين عموماً بالإرهابيين وكيل التهم لهم جزافاً وما ذلك إلا من أجل تكوين رأي عام ضد المسلمين في أوروبا مما يقود إلى نتائج كما حصل في سويسرا تلك الدولة التي تدّعي الحيادية السياسية، ولربما قاد هذا التصرف إلى ردة فعل من قبل المسلمين هناك أو لربما قام حزب الشعب اليميني المتشدد بإختلاق أعمال عنف وإلصاقها بالمسلمين لتبقى تلك الشعوب في خضم الفعل وردة الفعل فتبقى بعيدة عن الإسلام ولا ترى فيه سوى العدو التقليدي لها لا البديل الحضاري وبذلك تكسب الحكومات الغربية الجولة فتبعد الشعوب وأفرادها عن اعتناق الإسلام وتضييق الخناق على المسلمين بل وتسعى إلى تهجيرهم كما يحصل في هولندا وغيرها.
 
تلك هي مخططات الحكومات الغربية ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين فلقد مكر هؤلاء بما هو أشد ولقد سبقت هذه المحاولات محاولات فرنسا بمنعها الحجاب واللباس الشرعي في المؤسسات التعليمية وكذلك حركات الدنمارك الرعناء فباءت محاولاتهم بالفشل بل إنها دفعت الشعوب الأوروبية للإطلاع على الإسلام أكثر من ذي قبل.
 
إن دين الله سيظهر على الدين كله بعز عزيز أوبذل ذليل وسيبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار، وإن كيد الكافرين في تبار لكنها مواقف ستدّون  في سجلهم ليمتلأ سواداً بدل أن يقفوا موقفاً يشفع لهم عندما تدول الدول وتقوم للإسلام خلافته (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا)
 
30-11-2009