تعليق صحفي

لا الدولة الدينية ولا الدولة الديمقراطية كذلك موجودة في ثقافة الأمة يا دكتور مرسي!!

أكد الدكتور محمد مرسي، رئيس جمهورية مصر، أنّه لن يتم طرح مسألة إقامة حكومة إسلامية طالما كان رئيسا لمصر، وذلك رغم انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، مؤكدا أنّ الدولة التي يؤمن بها هي الدولة الحديثة، التي يتم فيها تداول السلطة سلميا في ظل مناخ من الحرية والديمقراطية، ولا يؤمن بإقامة الدولة الدينية، بل لا يعتبر ذلك المصطلح موجودا أصلا، ولا يرى أن الدولة الدينية كانت موجودة خلال فترات التاريخ الإسلامي، مشيرا إلى أنّه عندما يتحدث عن مفهوم الدولة فهو يقصد الدولة المدنية.

صحيح أنّه لا يوجد في الإسلام مصطلح الدولة الدينية الذي يشير إلى تلك الدولة التي كانت موجودة في أوروبا في العصور الوسطى والتي كان فيها الملك ورجال الدين يستعبدون الناس باسم الدين والرب، وهو ما دفع المفكرين إلى الثورة على القياصرة والملوك ورجال الدين والمطالبة بإقصاء الدين عن الحياة والحكم بشكل كامل ليخرج مصطلح الدولة العلمانية أو المدنية بالتعبير الحديث.

ولكنه صحيح أيضا وهذه حقيقة يعرفها مرسي بأنّ لا يوجد في الإسلام ديمقراطية أو حرية بالمفهوم الحديث، فالديمقراطية التي تقوم على السيادة للشعب لا للشرع، وعلى الحريات الأربع التي تترك للإنسان حريته في أن يعيش كيفما يشاء، ويعتقد بما يشاء، ويرتد متى شاء، ويدعو لأفكار الكفر والفساد والانحلال كيفما شاء، وغيرها من ضروب الحرية التي تجعل الإنسان يعيش بلا قيم أو مفاهيم إسلامية، في نموذج يحاكي المجتمعات الغربية في انحلالها وانحطاطها وعهرها. والتي تقوم أيضا – الديمقراطية- على التداول السلمي للسلطة والذي يعني أن يحكم المسلمين الفاجر والكافر، العلماني والليبرالي، العميل والمخلص، ما دام هناك صناديق للاقتراع!!

فلماذا يصر مرسي على مواصلة مسيرة التضليل واستغباء المسلمين كغيره من الحكام؟! فهل من الإسلام الديمقراطية والحريات الغربية؟! أم أنه اكتفى بنفي وجود الدولة الدينية وملأ الفراغ الباقي من عنده ليخدم وجهة نظره ليبرر لنفسه أمام الجماهير هرولته صوب الغرب!!

ثم، هل من يطالب بتحكيم الإسلام في الحياة وإخضاع الدولة لقوانين الله، يكون مطالبا بالدولة الدينية النصرانية؟!! وهل من يطالب أن تكون دولتنا كدولة الفاروق عمر والصديق أبي بكر رضي الله عنهما يكون مطالبا بدولة ظلم وجور كالدولة الدينية التي يستخدم مصطلحها للتدليس على المسلمين؟!

وفي المقابل، هل طبق أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم الديمقراطية أم شرع الله الحنيف؟!ّ

إنّ حياة التخلف والفقر والتبعية التي يحياها المسلمون سببها البعد عن تطبيق الإسلام، وتطبيق الحكام للرأسمالية الغربية بديمقراطيتها وديكتاتوريتها، والمسلمون حينما طبقوا الإسلام كانوا سادة الدنيا، وبلادهم كانت قبلة العالم ومحط أنظاره، ولن تعود تلك المكانة للمسلمين إلا بعودتهم إلى مصدر عزتهم وقوتهم.

وهذا أمر قريب إن شاء الله، وحينها لن ينفع مرسي ولا الغنوشي ولا أردوغان تقربهم للغرب زلفى، لأنّ الأمة لا تنسى من غدر بها ووالى أعداءها.

23/1/2013