طهران- قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن العالم بأسره لديه واجب مواجهة"إسرائيل" لتحقيق السلام العالمي، داعياً إلى التحقيق في المحرقة اليهودية التي شكك فيها مجدداً. ونقلت محطة (برس تي في) الإيرانية عن نجاد قوله الجمعة في ختام مسيرة شهدتها العاصمة طهران بمناسبة يوم القدس العالمي أن محاربة "إسرائيل" هو مبدأ إنساني
وحث الرئيس الإيراني جميع دول العالم، وبشكل خاص دول المنطقة، على الوقوف في وجه "إسرائيل"، معتبراً أن وجود هذا النظام يضع المنطقة بأسرها فيخطر. وأوضح إن وجود النظام الصهيوني يزعزع استقرار المنطقة، مؤكداً أن الدول الإقليمية لن تعترف أبداً "بإسرائيل". وقال إن النظام الصهيوني هو رمز الكذب والاحتيال وتأسس على أفكار استعمارية. وقال نجاد أن الصهيونية تسعى لبناء إمبراطورية عالمية للهيمنة على العالم بأسره لذلك فمن المصلحة الوطنية لكل دولة مواجهة هذا النظام المزيف.
وشكك مجدداً بالمحرقة اليهودية على يد النظام النازي في الحرب العالمية الثانية، ودعا إلى التحقيق فيها. وقال: إذا كانت الهولوكوست صحيحة كما تدّعون، لماذا لا تسمحون بالتحقيق فيها.
****
يبدو أنّ نجاد يستخدم ورقة "إسرائيل" لترجيح كفته الشعبية و"الإسلامية" كلما احتاج إلى ذلك، فقد سمعنا مثل هذه التصريحات النارية من نجاد عام 2005 والتي سرعان ما تبعها بيان صدر عن وزارة خارجيتها أكدت فيه على أن إيران لا تنوي مهاجمة "إسرائيل"، والجدير بالملاحظة أن كلا من التصريحين (القديم والجديد) جاءا بعد أيام قلائل من فوزه في الانتخابات الرئاسية، فليس من المستبعد أن تخرج علينا طهران على لسان أياً كان لتستدرك من كلام نجاد ما تشاء، ولكن المهم الآن أن يجني نجاد حصاد قوله، حيث أنّ هذا التصريح الأخير يأتي في وقت بدأت فيه شعبية نجاد وخامنئي بالتراجع وباتت مكانتهما مهددة في إيران.
فعلى مستوى المرجعية الدينية فما زالت المرجعية في قم ترفض الاعتراف بشرعية حكومة نجاد وتدعو إلى إطلاق سراح المعتقلين،وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حيال الانتخابات والاضطرابات التي وقعت بطهران. مما يشكل تهديدا لمكانة خامنئي خاصة في ظل ما يوصف ببوادر شرخ بين قم وطهران. وعلى المستوى السياسي الداخلي فما زال نجاد لم يحظ بالتأييد الكافي من قبل الأحزاب ولا من قبل الشخصيات السياسية خاصة في ظل حالة القمع والتجاوزات التي وصلت إلى حد حالات اغتصاب بحق أفراد في المعارضة حسب ادعاء كروبي.
والذي يدفعنا إلى عدم أخذ كلام نجاد على منطوقه الداعي إلى محاربة "إسرائيل"، هو الشواهد الكثيرة التي جعلت من نجاد شأنه شأن بقية حكام العرب والمسلمين الذين يلعبون دور الممانعة والاعتدال، مثل ذلك رجب طيب أردوغان الذي صرح التصريحات النارية بحق "إسرائيل" في مؤتمر دافوس دون أن يتبع ذلك أي تصرف تجاه كيان يهود، بل وعندما طُولب بقطع العلاقات مع كيان يهود رفض ذلك. وكل ما في الأمر أن تصريحه كان قبيل موعد انتخابات البلدية في تركيا التي كان بحاجة إلى رفع أسهم حزبه فيها.
وهذا هو نجاد، الذي صرح قبل أشهر بأنه لن يمنع الفلسطينيين من الاعتراف بالدولة العبرية في إطار حل إقليمي على أساس "دولتين"، وقال نجاد "مهما كان القرار الذي يتخذونه، لا مشكلة بالنسبة إلينا، لن نحول دونه، مهما كان القرار الذي سيتخذونه فإننا سندعمه"، وأضاف قائلاً "بالنسبة إلينا، المسألة تتعلق بحق للشعب الفلسطيني، ونأمل أن تكون وجهة نظر الدول الأخرى على هذا النحو".
مما يكشف حقيقة معاداته المزعومة لكيان يهود، والذي يدلل على ذلك أيضا هو موقف إيران من كيان يهود منذ نشأته. فما الذي يمنع نجاد من التحرك لنصرة فلسطين؟ وما الذي يمنعه من تحريك الجيوش لتحرير فلسطين إن كان صادقا في حبه لفلسطين ومعاداته لكيان يهود؟ ثم ما الذي منعه من أن يطلق صاروخا واحدا تجاه دولة يهود منذ أن جاء إلى سدة الحكم ؟!
كل ذلك يؤكد أن نجاد إنما يتخذ من "إسرائيل" ورقة يلعب بها لدغدغة مشاعر المسلمين الكارهة لهذا الكيان الغاصب، وهو يستخدمها متى احتاج إلى ذلك دون أن يتبع ذلك بتحرك أو عمل.
ولكن نجاد غفل عن أن الأمة لم تعد تجهل حقيقة الحكام الذين أسلموا الأمة لأعدائها لقمة سائغة. فالأمة والحمد لله، قد نفضت يدها من كل حكام العرب والمسلمين، وعين الأمة اليوم ترنو إلى خليفة راشد يحكمها بكتاب الله وسنة نبيه، فيعيد لها العزة والمكانة التي تستحق. وهذا ما بات قريبا بإذن الله.
21-9-2009