تعليق صحفي

 دولة عباس: مولود موهوم لحَمْلٍ كاذبٍ في رحم "الأمم المتحدة" !

وافق المؤتمر العام لليونسكو يوم الاثنين 31-10-2011م بالاقتراع على اعتبار فلسطين دولة عضوا في اليونسكو، فهللت قيادات سلطوية لهذا القرار واعتبرته انتصارًا للشعب الفلسطيني، فيما رحبت حركة حماس بهذا القرار واعتبرته خطوة هامة في حماية القضية. وكالة معا.

يقال أن الحكم على الشيء فرع من تصوره، ولذلك وجب التعريف بحقيقة "اليونسكو" بعيدًا عن "الماكياج اللغوي".

إن "يونسكو" هي اختصار لــ (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة)، وتعرّف هدفها بأنه: (بناء حصون السلام في عقول البشر عن طريق التربية والعلم والثقافة والاتصال.)، وهي منظمة تابعة لــ"منظمة الأمم المتحدة" أنشأتها دول أوروبا وبمشاركة أميركا بناء على قرار من الأمم المتحدة أواخر عام 1945م بهدف إعادة بناء النظم التعليمية قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية.

ومنظمة الأمم المتحدة بدورها أسستها الدول الكبرى لضمان سيطرتها وتدخلها في العالم ومنع غيرها من السيطرة تحت شعار وحجة الحفاظ على السلام والأمن الدوليين! بينما اتخذت ستارًا ومبررًا قانونيًا لتحقيق المآرب الاستعمارية، وها نحن نرى اليوم السلام والأمن اللذين يعمّان العالم نتيجة هذه المنظمة الدولية الظالمة، فبلاد المسلمين ساحات حرب وخيراتهم موضع النهب!

وعلى هذا فإن منظمة الأمم المتحدة ليست كيانًا مستقلاً، وإنما أداة بيد الدول الكبرى تستعملها حسب قوتها على أرض الواقع بما يخدم مصالحها، ومن الغباء السياسي تصوّرها على غير حقيقتها وتصديق شعارات الأمن والسلام وحقوق الإنسان والنزاهة و.. التي تطلقها هذه المنظمة، فهذه الشعارات هي بمثابة "عدة الشغل" فقط، وأي قرار فيها هو انعكاس لإرادة الدول المسيطرة عليها وعلى رأسها أميركا بغض النظر عن شكل إخراج القرار.

واليونسكو ما هي إلا امتداد لسياسة المنظمة الأم، ووجه مجمَّل لتحقيق مآربها من خلال التدخل في دول العالم الضعيفة والفقيرة تحت شعارات السلام وثقافة السلام، لصياغة عقول الناس في هذه البلدان بما يتناسب مع غاية الدول الاستعمارية، فهذه الدول لا مكان للأخلاق في سياساتها ولا وجود في قاموسها للصدقات، فلا وجود إلا للمصالح ولو على جماجم الناس.

لقد بدأت منظمة التحرير مشوار التنازل المعلن مع منظمة الأمم المتحدة الظالمة هذه عندما خطب ياسر عرفات في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974م ثم أعلن من تونس عام 1988 الالتزام بكل قرارات الأمم المتحدة التي تقر "شرعية"  كيان يهود، ووضعت هذه المنظمة التي اصطنعها طواغيت العرب مفاتيح القضية بيد الدول الكافرة المستعمرة، وألغت من قاموسها مسألة الكفاح المسلح، وتحولت إلى الانبطاح اللامحدود، وها هو محمود عباس قد حارب كل مقاومة مسلحة وخاض جولات السوم في المقدسات، ها هو يخرج مخذولاً مدحورًا من سوق المفاوضات والوعود طيلة حوالي عقدين، ويحاول الهروب إلى سوق جديد –سوق الأمم المتحدة-ليقبض ثمن بيع فلسطين التي باعها ولم يجن سوى الخسران والهوان.

فخطب في الجمعية العامة للأمم المتحدة وقدّم كل شعائر التعبد لقوانينها في خضوع وخشوع وكأن الله لم يرسل نبيًا أو ينزّل قرآنًا، وها نحن اليوم أمام خطوة من خطوات "الأبالسة" الدوليين لإيهام السلطة بتحقيق إنجاز ما في خضم الفشل والإحباط الذي يخيم عليها، وذلك في سبيل عدم انهيارها وخاصة أنها مصلحة غربية و"إسرائيلية"، وفي سبيل دعم منهج عباس في تحصيل ثمن فلسطين عبر المفاوضات أو المحاجات القانونية وتغييب موضوع المقاومة أو موضوع الجهاد الشامل لاقتلاع كيان يهود نهائيا، وذلك ما يؤكده تصويت 107 دول لصالح العضوية منها الصين وروسيا وفرنسا، وامتناع بريطانيا عن التصويت ومعارضة أمريكا كتحصيل حاصل لإرضاء يهود، فهل عدمت أميركا نفوذها إلى الصفر؟

وعلى الصعيد الفعلي لا يوجد أي أثر سياسي ذو قيمة للعضوية في اليونسكو، ولا يجدي حتى في المحافل الدولية، ولا يغير شيئًا على الأرض ولا يحرك حاجزًا واحدًا، فلا يوجد إلا دفعة معنوية من دفعات الشيطان للاستمرار في مسلسل الضياع في أروقة الأمم المتحدة، وتحويل قضية فلسطين إلى قضية قانونية على أساس قانون الغرب، ولكن كل قرارات العالم لا يمكن أن تنشئ دولة ولكن السيادة على الأرض تنشئ الدول رغم كل قرارات العالم.

وإذا كانت اليونسكو ترعى الثقافة وتحافظ على التراث، فإن كيان يهود عضو فيها وله الحق في ثقافة وتراث حسب قرارات الأمم المتحدة الظالمة، فالسلطة بذلك تزيد من خدماتها ليهود عندما تشارك في الترويج لتهويد معظم فلسطين المحتلة (أراضي الـ48 وتشكل 78%)، والتي اعتبرتها السلطة حقوقًا لليهود!

ولمن قرأ القرآن ويتعظ به، فإن الله تعالى قد قسم الناس إلى مؤمنين وكفار ومنافقين، وبيّن عداوة الكفار والمنافقين للمؤمنين وأنهم لا يريدون بهم إلا السوء، وحث على معاداة من يعادي المؤمنين، فكل من يوالي أعداء الله فهو في صفهم ولن ينال في الدنيا إلا الخزي ولعذاب الآخرة أخزى.

إن هذه منظمة التحرير والسلطة قد مارست أبشع الأدوار في تصفية قضية فلسطين وتحويلها إلى قضية وطنية خاصة وبيعها بثمن بخس ليهود، ثم تغييب البعد العقائدي وتصويرها كقضية عقارات، ثم تجريم المقاومة وحراسة الاحتلال وسحب السلاح من الناس المحتلين وتركهم في مواجهة المستوطنين المحميين من جيشهم، ثم ممارسة دور رأس الحربة في محاولة اختراق ثقافة أهل فلسطين الإسلامية من خلال رعاية مسابقات ملكات الجمال، وعروض الأزياء ومباريات كرة القدم النسائية كما حصل قبل أيام في يطا ودورا والاعتداء على شرفاء ووجهاء البلد الذين يقفون في وجه حملات تخريب الوعي والهجوم على ثقافة الأمة...

فواجب على كل مخلص لربه، محب لدينه، وفي للأقصى أن يقف في وجه هذه السلطة وقوف المحاسبين ضد الظالمين، وألا يخلي لها الطريق للعبث بقضية فلسطين وأهل فلسطين، وإلا كان من الذين رضوا بما يجري فيكونون مع أزلام هذه السلطة عند الله سواء والعياذ بالله.

(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ).

1/11/2011