تعليق صحفي
السلطة تعوم على بحر من الفساد وتتحدث عن المحاسبة والشفافية!!
 
صرح رئيس السلطة الفلسطينية في لقاء له مع رئيس الرقابة المالية الروسية بأن "'السلطة الوطنية تكرس مبدأ المحاسبة والشفافية من خلال المؤسسات التي أنشأتها لهذا الغرض"، واستشهد عباس على ذلك بقوله "أن مؤسسات دولية وكثير من دول العالم أشادت بما أنجزته السلطة على هذا الصعيد".
 
اذا أراد المدقق أن يستعرض مبدأ المحاسبة والشفافية والرقابة المالية التي يتحدث عنها عباس لدى السلطة الفلسطينية، ويبحث عنها في سلوكياتها، سيجد أنه يبحث عن إبرة في كومة قش، بل إنه سيصطدم بكتلة ضخمة من التصرفات والأحداث التي تعرّي هذه التصريحات عن الصحة وتجعلها مجرد تصريحات دعائية، وتجعل شهادة بعض المؤسسات الدولية للسلطة بالشفافية -التي يتغنى بها عباس- مجرد شهادة "حسن سير وسلوك" سياسية صادرة بتوجيهات من القوى الاستعمارية التي تسخر السلطة لخدمة مآربها ومخططاتها السياسية.
 
وللدلالة على ذلك نذكر في هذه العجالة قبضة أخبار وتصريحات تم تداولها عبر وسائل الإعلام مؤخراً، وما خفي منها اعظم:
 
-        اتهم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد دحلان الرئيس الفلسطيني وزعيم حركة فتح محمود عباس بالفساد المالي والإداري وتساءل دحلان عن أموال فتح والسلطة وتحدث عن قضايا متصلة بأبناء عباس.
 
-        قال رفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد في مقابلة مع رويترز "هناك ملفات... حصلنا عليها وطالبنا حسب الاصول القانونية من رئاسة مجلس الوزراء أن ترفع الحصانة عنهم "وزراء" حتى نبدأ التحقيق معهم وهذا ما لم يتم حتى الان." وأضاف "حول إلينا (النائب العام) 80 ملفا ولكن الذي لاحظناه ان كثيرا من هذه الملفات مضى عليه عدة سنوات دون أن يتخذ فيه إجراء".
 
-        كشف عضو المجلس الفلسطيني لحماية المستهلك ورئيس جمعية حماية المستهلك في محافظة الخليل عزمي الشيوخي النقاب عن أن وزير الاقتصاد الوطني في حكومة رام الله، الدكتور حسن أبو لبدة يقوم بعملية تدوير مضبوطات بضائع المستوطنات من الألمنيوم والحديد مخالفا بذلك قانون مقاطعة بضائع المستوطنات الذي يشدد على ضرورة إتلاف المضبوطات دون أي استثناء.
 
-        وكان النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة قد اعتبر أن الإعلان عن بعض قضايا الفساد هو" ذر للرماد في العيون". وأوضح أن هدر المال العام الفلسطيني يؤثر على الوضع الاقتصادي بالسلب لسلطة تحت الاحتلال اقتصادها ضعيف، وأن أموال الفقراء تنهب وتشيد فيها الاستثمارات في الغرب.
 
-        وكان فاروق القدومي اتهم أركان السلطة في رام الله في العام 2009 بارتكاب ما وصفه بالفساد المالي قائلا "غرق البعض من العاملين في جمع المال الحرام وتمرغوا في قضايا الفساد والتهريب وكان الإسرائيليون يغضون الطرف عن أعمالهم"، وأضاف "هل سمعتم بمسؤولين يجبون الضرائب والرسوم الجمركية لحسابهم الخاص؟ هل مر عليكم في التاريخ المعاصر أن تهدد ثورة أو دولة معاصرة بوقف صرف رواتب العاملين أو مخصصات المناضلين إن لم يتمردوا على قادة آخرين من رفاقهم أو يتجسسوا عليهم؟".
 
-        وبقية فضائح الفساد المالي والإداري والأخلاقي والسياسي التي رافقت السلطة منذ نشأتها وأزكمت رائحتها المنتنة الأنوف عصية على الحصر.
 
إذاً نحن أمام واقع أقل ما يقال فيه أن رأس الهرم في السلطة ووزراء حكومته ومن اتصل بهم بسبب متهمون بالفساد، وهم محصنون عن المساءلة أو التحقيق، ومن ثم يخرجون لينشئوا هيئات لمكافحة الفساد ويتحدثوا عن الشفافية والمحاسبة فعن أي شفافية ومحاسبة يتحدثون؟!
 
إن الحوادث التي عاينها أهل فلسطين ولم تخبرهم بها وسائل الإعلام أو تشهد عليها مؤسسات الشفافية الدولية، أن رموز السلطة يتخذون السلطة وقضية فلسطين مشروعاً استثمارياً يغنون منه ويجمعون الملايين ويكدسونها في أرصدتهم البنكية، وهم ومن لف لفيفهم من بارونات المال يحوزون على الامتيازات التجارية ويحتكرون أهم المنتجات لشركاتهم الخاصة، لذا كان من الطبيعي أن تكون سلطة هذا حالها وحال رموزها وقادتها غارقة في الفساد، وهي كذلك تبيع المواقف السياسية لقاء منح مالية وتسخر أجهزتها الأمنية لحماية يهود حتى تنال الرضى الأمريكي والدعم الأوروبي، فكيف يمكن لهكذا سلطة أن تقوم على المحاسبة والشفافية؟!
 
إن الفساد المالي والإداري ويضاف له الفساد السياسي المستشري في البلدان العربية ومنها السلطة، هي ثمار وجود هذه الأنظمة التي تدين بالولاء للقوى الغربية الاستعمارية، ولن ينتهي هذا الفساد إلا بنهاية هذه الأنظمة التي لا تعيش إلا في بيئة الفساد والتبعية.
 
أن مرحلة التغيير التي تعيشها الأمة تبشر بدنو نهاية عصر هؤلاء الفاسدين والمفسدين، حيث ستستعيد الأمة سلطانها فتخرج من بين ظهرانيها رجالاً يسوسونها كالفاروق وعمر بن عبد العزيز لا يستأثرون على الرعية بالمال بل لا يبيتون شبعانين وفي المسلمين جائع واحد.
 
إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً
 
12-6-2011م