تعليق صحفي
سلطةٌ لا تقدر على دفع مستحقات المقاولين وتتحدث عن نمو اقتصادي وبناء دولة!!
بعيداً عن الخوض في الجدل السياسي الدائر حول إمكانية إعلان دولة فلسطينية في أيلول القادم من عدمها، وبعيداً عن وصف هذه "الدولة" التي ظهر واضحاً، عبر تجربة السلطة منذ ما يزيد عن 16 عاماً، ما يمكن أن تقدمه للكيان اليهودي المحتل وللقوى الاستعمارية من خدمات أمنية "جليلة"، فإن السلطة تخادع وتضلل في وصفها للواقع الفلسطيني، لا سيما الاقتصادي، بغية تعزيز توجهاتها السياسية.
فقد دأب رجالات السلطة ووزرائها في الآونة الأخيرة على الحديث عن استكمال الجاهزية، لا سيما الجاهزية الاقتصادية، لإدارة شؤون "الدولة العتيدة" والقدرة على القيام بأعبائها.
تحدث الوزراء وتحدث رئيس وزراء السلطة عن جاهزية السلطة، وعن نموها الاقتصادي والذي يفوق بنسبته المعلنة (9% ) نمو دول تُعد من العالم الثاني أو الاول بل تداني نسبة نمو اقتصاد الصين العملاق!.
لكن تلك التصريحات الإعلامية والأرقام التي تتفاخر بها السلطة سرعان ما تتحطم على صخرة الحقيقة، وسرعان ما يظهر زيفها بمجرد مراقبة أي شأن من شؤون الناس في فلسطين، أو بمجرد معرفة نسب البطالة أو الفقر التي تعلن عنها السلطة نفسها عبر جهازها المركزي للإحصاء.
فالسلطة التي تتحدث عن نمو اقتصادي، غير قادرة على دفع مستحقات لمقاولين باشروا انجاز مشاريع على حساب خزينة السلطة ويعود السبب في ذلك وفق الناطق باسم الحكومة إلى (الأزمة المالية الناتجة عن عدم إيفاء بعض المانحين بوعودهم)!.
والسلطة التي تتحدث عن نمو اقتصادي،يبلغ نسبة العاطلين عن العمل لديها، وفق المركز الفلسطيني للإحصاء، 22% من المشاركين في القوى العاملة والبالغة نسبتهم 67% من عدد السكان أي أن نسبة البطالة من عدد السكان 32.8%. كما تبلغ نسبة الفقر 25.7%!! دون أن تنعكس نسبة النمو الذي تتحدث عنها السلطة على هذه النسب الرهيبة!!.
 
والسلطة، التي تتحدث عن تقليل نسبة الاعتماد على أموال المانحين بنسبة 35% ، تُرجع ذلك، وفق وزير التنمية والتخطيط، إلى (نتيجةً للنمو الاقتصادي وإتباع سياسات ترشيدية، وتحسين الجباية، وبالتالي زيادة الإيرادات، التي بلغت خلال عام 2010 ولأول مرة في تاريخ السلطة الوطنية 2 مليار دولار)، ونظرة متفحصة للواقع الاقتصادي في فلطسين تبين أن زيادة الإيرادات ترجع فقط إلى (تحسين الجباية) أي أن النمو الذي تتحدث عنه السلطة هو من جيوب أهل فلسطين الفقراء، أي أن النمو الاقتصادي "السلطوي" يسهم في إفقار الناس لا في سد حاجاتهم. والواقع ينطق بذلك، فالمشاريع الاقتصادية المنتجة شبه معدومة، ودخل الفرد في تراجع مستمر!!.
 
ويشهد قطاع الصحة والتعليم إضرابات متواصلة جراء سوء رعاية السلطة وتقليلها لحجم النفقات على هذين القطاعين الهامين، بينما تنفق السلطة ملايين الدولارات سنوياً على استخدام "الجوال" و"كابونات البنزين" وبدل مهمات السفر.!!
 
إن الغاية التي أنشئت لأجلها السلطة، ليس تحسين أوضاع أهل فلسطين المعيشية، أو جعلهم "سنغافورة" جديدة أو "هونكونغ"، بل هو هدف استعماري خبيث، يرمي إلى إضفاء الشرعية على احتلال يهود لفلسطين وتقديم الخدمات الأمنية لهم، الأمر الذي ينفق لأجله المانحون الأموال الطائلة، فأموال المانحين تذهب لإعداد قوات السلطة الأمنية وتجهيزاتها لا إلى تعزيز الاقتصاد وتحسين الظروف المعيشية.
 
أما مباشرة السلطة لتسيير أحوال الناس فهو للتخفيف من أعباء الاحتلال، حيث سبق أن تحدث رئيس السلطة بأنه يوفر لليهود أرخص احتلال في التاريخ!!.
 
 إن السير وفق المشاريع الغربية الاستعمارية، لن يجلب لأهل فلسطين سوى الفقر والخوف، وإن ترويج المروجين لنمو اقتصادي كاذب أو "ازدهار!" شاهدنا آثاره المأساوية طوال 16 عاماً هو وعود شيطان لا تسمن ولا تغني من جوع بل تورث الخسران في الدنيا والآخرة.
إن أحوال أهل فلسطين، كما هم بقية المسلمين في كافة البلاد الإسلامية، لن تتحسن إلا بتطبيق نظام الإسلام في الاقتصاد وفي كل مجالات الحياة في ظل دولة الخلافة، ولقد بات تحقق ذلك قريباً بإذن الله.
(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
21-4-2011