إن ما يردده بعض الساسة الليبيين والعرب في الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة من ضرورة تدخل ما يسمى بالمجتمع الدولي للمساعدة وتقديم يد العون للشعب الليبي من أجل الإطاحة بالقذافي، إن هذا الطلب هو خيانة عظمى يقترفها هؤلاء بحق أمتهم ودينهم.
فأن يقول قائل: يجب على الدول الكبرى أن تفرض منطقة حظر جوي على الطيران الليبي لمنع النظام من قصف الناس فهذا الطلب يعتبر جريمة بحق الأمة لا يجوز لمسلم أن يفعلها تحت أي ظرف من الظروف.
وأن يقول قائل: إن على المجتمع الدولي أن يعترف ويتعامل مع الهيئات البديلة المعارضة للنظام والموجودة في بنغازي وأن يقطع صلاته مع النظام الليبي فذلك أيضا خيانة لا يصح أن تصدر عن مسلم مهما كانت الظروف عصيبة.
إن المجتمع الدولي إنما هو الدول الغربية الاستعمارية الكبرى كأمريكا وبريطانيا وفرنسا ومطالبته بالتدخل ضد القذافي يعني مطالبة هذه الدول بالتدخل في الشؤون السيادية لبلد مسلم وهو الأمر الذي كدّت الشعوب وجاهدت طويلا من أجل منع التدخل ومنع عبث هذه الدول الاستعمارية بمصائر العباد والبلاد.
إن أمريكا وبريطانيا هما اللتان منحتا الشرعية الدولية لنظام حكم القذافي وهما اللتان مكنتاه من التسلط على رقاب الناس وارتكاب جرائمه ضد شعبه وإعدامه للآلاف وهما اللتان جعلتاه يهدر المليارات من الدولارات على المنشآت والمعدات النووية التي دمرها بيده وسلّم ما تبقى منها إلى أمريكا.
فكل جرائم القذافي التي ارتكبها بحق أمته وشعبه وبلده طيلة الأربعين عاما الماضية كانت هذه الدول الغربية شريكة فيها فهل يعقل بعد معرفة ذلك الاستعانة بها واللجوء إليها للمساعدة في إنهاء عمل لأحد موظفيها الذي عمل لحسابها فترة طويلة؟
إننا إن فعلنا ذلك نكون كمن يطالبها بتعيين موظف جديد بقناع جديد لإكمال مشوار التبعية لهذا الغرب المستعمر المجرم.
إن المجرم الحقيقي ليس هو معمر القذافي في هذه الحالة بل هو المجتمع الدولي المتمثل في أمريكا وبريطانيا وفرنسا لأنه هو الذي جاء بالقذافي ودعمه طول فترة حكمه الطويلة ليتسيد علينا.
فعلى الأمة وعلى سياسييها التنبه جيدا في حركتها وهي تتحرك للتخلص من الحكام الطغاة المفروضين عليها من قبل الكافر المستعمر، عليها أن تكون حذرة جدا وحريصة كل الحرص من مسألة الوقوع مرة ثانية في شرك الغرب فهذا إن حصل فيكون خطأ قاتلا بل خطيئة مميتة ارتكبتها الأمة وسياسيوها في مرحلة بالغة الحساسية.
فان كان لابد من إسقاط القذافي فلتسقطه الأمة بيدها ليكون ذلك شرفا لها. أما إن كان إسقاطه على أيدي الدول الغربية فهذا عار عليها وليس شرفا لها. فمهما اشتد الكرب وكثر الهرج وضاقت السبل فلا يجوز بحال التفكير ولو للحظة واحدة بطلب المساعدة من عدونا الحقيقي وهو دول الغرب الرأسمالية الاستعمارية لأن مجرد التفكير في ذلك يعني أننا سلّمنا زمام أمورنا ومقاليد حياتنا ووضعناها تحت رحمة عدونا الكافر المستعمر وهذا معناه أننا حكمنا على أنفسنا بالتبعية السياسية الدائمة للغرب وهو أمر لا يتناسب مع معاني الثورة والتحرير والتغيير.
 
 
4-3-2011