أدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اليوم عمليات القتل الواسعة والاستخدام المفرط للقوة الذي استخدمته السلطات الليبية ضد المظاهرات الشعبية، ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف إراقة الدماء.
*****
قد يبدو موقف مجلس حقوق الإنسان رافضاً للمجازر التي ارتكبت في ليبيا أو مناصراً لأهلها، وقد يبدو أن الأمم المتحدة بمؤسساتها المختلفة قد بدأت بالانحياز لشعب أعزل يواجه حاكماً مجرماً لا يتحلى بأية قيم أو أخلاق أو دين بعد صمتها المطبق، لكن ذلك الظن سرعان ما يتبدد عندما نعلم أن هذه الإدانة جاءت بعد ثمانية أيام مريرة من استمرار القتل والقصف والمجازر، وتتضح الأهداف الخفية وراء هذه الإدانات وتلك القرارات عندما نضعها في سياق الدعوات الامريكية المنادية بالتدخل العسكري (الاحتلال) لحسم الوضع في ليبيا وإرسال قوات دولية!!
إن التواطؤ الأوروبي الأمريكي على المجازر التي تقع في ليبيا يعكس اتفاق تلك القوى على اختلاف مصالحها السياسية على البطش بالمسلمين واثخان الجراح فيهم كي يعيدوا النظر مرات ومرات حال تفكيرهم بالتخلص من ربقة الاستعمار وأدواته الحكام الأتباع، كما يعكس هذا التواطؤ على مدى الحقد والكراهية التي يحملها هؤلاء تجاه المسلمين وأن الحروب الصليبية لا زالت تسكن أرواحهم وأن انتصارات المسلمين وفتوحاتهم في أوروبا لا زالت تدق نقاوس الخطر لديهم كلما علا صوت الإسلام في قطر من الاقطار.
إن القوى الغربية الاستعمارية وعلى رأسها امريكا وأوروبا لم تُلق يوماً بالاً لما يسمى بحقوق الإنسان لا سيما إن تعلق الأمر بالمسلمين، بل كانت دوماً تبحث عن مصالحها وترسيخ أقدامها الاستعمارية، وهو ما يفسر سكوتها دهراً على حكام وطواغيت وجبابرة ودكتاتوريين أمّنوا مصالحها، ويفسر دعواتها وتذرعها بحقوق الإنسان عندما تقتضي مصالحها ذلك.
إن المسلمين باتوا يدركون عداء الدول الغربية الاستعمارية لهم، وأنها على اختلافها ترمي المسلمين عن قوس واحدة، كما أنهم ما عادوا ينخدعون بمعسول الكلام ودعاوى حقوق الإنسان، فمن يتباكى على أهل ليبيا المسلمين هو من أباد ملايين المسلمين في العراق وأفغانستان، ومن يتباكى على أهل ليبيا هو من أمد نظام القذافي بالأسلحة حتى تواردت أنباء عن اشتراك الطائرات الإيطالية في قصف أهل ليبيا المسلمين،  ومن يتباكى على اهل ليبيا (كبريطانيا) هي من وجهت القذافي وابنه ورسمت لهم نهج القمع والتنكيل وأرشدتهم لإيقاع المجازر علّ أهل ليبيا والمسلمين من خلفهم أن يرتدعوا.
لكن خاب فأل هؤلاء وطاش سهمهم، فإن المسلمين اليوم على اتم ما يكون من وعي وإدراك، وهم اليوم يستشعرون أكثر من أي وقت مضى أنهم أمة واحدة تواجه عدواً واحداً وان تنوعت الصور وتبدلت الوجوه، وهم اليوم ماضون نحو التغيير والذي سيقودهم حتماً إلى التغيير الحقيقي والجذري وإقامة الخلافة، وما عاد يرهب المسلمين قتل ولا تدمير، بل إنهم يتطلعون إلى نصرٍ وفتح قريب، وبشر المؤمنين.
25-2-2011