إن زيارة الرئيس الروسي للسلطة ولأرض فلسطين المحتلة لا تجعل من الرئيس الروسي ولا دولته صديقاً حميماً ومناصراً لقضايا المسلمين وعلى رأسها قضية فلسطين.
 
فروسيا كانت وما زالت، بالرغم من ضعف مكانتها الدولية، رأس حربة في حرب الإسلام وأهله، وهي كأمريكا لا زالت تحتل أراضي المسلمين في الشيشان وتقتل أبناءهم وتشرد نساءهم، ولا زالت تلاحق حملة الدعوة من شباب حزب التحرير وغيرهم في روسيا وتزج بهم في غياهب السجون، ولا زالت تقف خلف الطغاة المتجبرين في أوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان وغيرها، فهي في العداوة مع الإسلام وأهله والاعتداء على حرماتهم كأمريكا سواء بسواء، فعلام تروج السلطة لزيارة عدو الإسلام هذا على أنها دعم لأهل فلسطين المسلمين وقضيتهم؟! وهل مسلمو فلسطين يستهوون أفئدة النظام الروسي على خلاف إخوانهم في القوقاز الذين تريق وتسفك روسيا دماءهم؟!
 
إن مما لا شك فيه أن لروسيا أطماعاً استعمارية في بلدان المسلمين، وما المتحف الروسي في أريحا ودعمها لبناء الكنائس في فلسطين والأردن إلا مثال متواضع لتطلع روسيا لدور استعماري لها في المنطقة، لكن قلة ذات اليد وضعفها السياسي هو من يحجم دورها في المنطقة والعالم، وهو ما دعا كيان يهود لأن يرفض استقبال ميدفيديف استحقاراً له وتقليلاً من شأنه بحجة إضراب في وزارة الخارجية "الاسرائيلية".
 
إن استقبال السلطة لميدفيديف على أنه بطل مغوار ومناصر للشعب الفلسطيني، واعتبار هذه الزيارة زيارة تاريخية، يحمل دلالات عدة؛
 
فمن جهة تسعى السلطة التي تعيش أزمة فشلها السياسي، جراء سيرها خلف الوعود الأمريكية، لأن تسجل لنفسها إنجازاً يذكر مهما كان متواضعاً، علّها أن تحفظ لنفسها ماء وجهٍ طالما أراقه كيان يهود وأمريكا في مسلسل المفاوضات المخزية.
 
ومن جهة أخرى فالسلطة لم تعتد أن ترد يد لامس ومتطفل في قضية فلسطين، بل إنها تشرع الابواب أمام أي تدخل استعماري.
ومن جهة ثالثة هي تغفل الدور الذي لعبته روسيا والاتحاد السوفيتي سابقاً في قيام كيان يهود واحتلاله لهذه الأرض المباركة.
 
إن الواجب على السلطة لو كانت تعقل أو تملك من أمرها شيئاً أن ترفض أي تدخل استعماري في قضية فلسطين، لأن الارتماء والتطلع إلى الأعداء هو انتحار سياسي بل تآمر مع أعداء الأمة ضدها.
 
إن سلم المسلمين واحدة وحربهم واحدة، وكل سعي للتفريق بين قضايا الأمة وتصنيف أعدائها نسبة لقضاياها المحلية هو تضليل للمسلمين ومخالفة شرعية وجريمة سياسية سواء اقترفتها السلطة أو تيارات اسلامية.
 
إن الواجب على المسلمين، وهم يشاهدون تضييع السلطة والحكام لقضية فلسطين، أن يعلوا الصوت في وجه السلطة والحكام، أن آن لكم أن ترفعوا أيديكم عن قضية فلسطين، فلستم أهلاً لها ولا تمثلون أهلها، لتعود قضية فلسطين لحضن المسلمين الذين باتوا يتحفزون للتغيير الحقيقي بإقامة الخلافة التي ستقتلع كيان يهود وتطهر الأرض المباركة.
 
18-1-2011م