في تصريحات تستخف بالعقول، وتسلط الضوء على واقع الأمة المرير في ظل الأنظمة التابعة، وبعد أيام من اعتراف إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما بفشل جهودها لإقناع كيان يهود بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية ولو بشكل ظاهري،
 
 قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أمام العديد من المسؤولين السياسيين "الإسرائيليين" والفلسطينيين والأميركيين: "حان الوقت لمعالجة القضايا الأساسية لهذا الصراع: الحدود والأمن والمستوطنات والمياه واللاجئين والقدس نفسها".
 
وعلى صعيد متصل بسياق التصريحات الأمريكية قال وكيل وزارة الخارجية الأمريكي وليام بيرنز خلال زيارة إلى تشيلي يوم أمس الجمعة، ان اعتراف البرازيل والأرجنتين بدولة فلسطينية أمر سابق لأوانه.
 
من الواضح لكل ذي بصيرة أن هذه التصريحات لا تخضع لأي منطق ولا يمكن وضعها في أي سياق جدّي أو عملي، ولا تفهم إلا في سياق التضليل وبيع الأوهام والاستخفاف بالعقول.
 
فانتقال التصريحات والبيانات في أقل من أسبوع من الاعتراف بفشل الجهود لإقناع "إسرائيل" بتجميد الاستيطان، إلى "حان الوقت لمعالجة القضايا الأساسية لهذا الصراع" إلى "إن اعتراف البرازيل والأرجنتين بدولة فلسطينية أمر سابق لأوانه"، يدل على عدم جدية الولايات المتحدة في التعاطي مع هذه القضية، فالإدارة الأمريكية التي لم تقنع الكيان اليهودي بوقف الاستيطان ...تطلب منه – وباستعجال- معالجة القضايا الأساسية للصراع ..وفي نفس الوقت تعتبر "اعتراف البرازيل والأرجنتين بدولة فلسطينية أمر سابق لأوانه"، وفي دلالة واضحة على عدم جدية إدارتها ترى وزيرة خارجية الدولة الأولى في العالم "إن الإسرائيليين والفلسطينيين هما الطرفان الوحيدان اللذان يستطيعان إرساء سلام مستدام" و"لا يمكن للولايات المتحدة والمجتمع الدولي فرض حل. لابد وأن يكون الطرفان نفسهما يريدانه".
 
 إن هذا التناقض وعدم الدقة والتراجع عن المواقف السابقة، يرسم ملامح السياسة الأمريكية تجاه الأمة الإسلامية وتجاه قضية فلسطين على وجه الخصوص؛
 
فالولايات المتحدة الأمريكية لا ترى قضية احتلال الأرض وقتل أصحابها وتشريدهم إلا من زاوية مصالحها في المنطقة، فإذا شكلت قضية فلسطين تهديدا على حياة جنودها المنتشرين في العالم الإسلامي فإنها تسعى لتحسين صورتها وتنخرط في "مشروع سلام" لذر الرماد في العيون، وهذا الانخراط لا يعني بحال من الأحوال السعي الجاد إلى إيجاد حل ...ولو كان حلاً على مزاج الكيان اليهودي ومقاسه، فالمهم عند الإدارة الأمريكية هو دوران عجلة "العملية السلمية " وليس إيجاد حل.
 
 إن الإدارة الأمريكية والكيان اليهودي على قناعة تامة أن "المفاوض الفلسطيني" لا يمثل إلا نفسه، وأن التوصل مع السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية إلى اتفاق مع يهود، لا قيمة حقيقة له، وأن الاتفاق مع هؤلاء لا يقدم ولا يؤخر في واقع فلسطين شيئاً، فالإدارة الامريكية وكيان يهود يدركون أن الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية ليسوا سوى أدوات بأيديهم وأنهم لا يمثلون الأمة الإسلامية صاحبة الحق بفلسطين...فليس من المنطقي ان تخدع الإدارة الأمريكية نفسها وتفاوض أتباعها الذين هم محل تلقي الأوامر ليس غير!.
 
إن الإدارة الأمريكية تدرك أن قضية فلسطين هي محل صراع بينها وبين الأمة الإسلامية التي ستجسد قرارها في دولة الخلافة القادمة بإذن الله قريبا، وهي تدرك بأن الخلافة حال قيامها لن تبقي لها في بلاد المسلمين أثراً، وهي لا ترى قيمة لإتباعها من سلطة فلسطينية وأنظمة عربية ولا تقيم لهم وزنا.
 
إن قضية فلسطين ستبقى تدور في فضاء التصريحات المتناقضة والعبثية حتى ينادي منادٍ من السماء أميركم فلان، فيجوس خلال الديار ويقتلع ذلك الكيان ويعيد فلسطين درة في بلاد المسلمين، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
 
(فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا)
11-12-2010