أكد د.صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير، بحسب وكالة معا، أن الجانب الفلسطيني سينسحب من محادثات السلام المباشرة مع "إسرائيل" إذا أعلنت الحكومة "الإسرائيلية" بناء إي مستوطنات جديدة على الأرضي المحتلة حيث يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم.
***
للوهلة الأولى وقبل التحقق من اسم صاحب التصريح، يُخيل للقارئ أن التهديد بالانسحاب من المفاوضات سيقيم الدنيا ولا يقعدها، وسيتسبب ذلك بإحراج الإدارة الأمريكية، وسيدفعها للضغط على الكيان اليهودي لكيلا يبدأ الأخير ببناء المستوطنات خوفاً من انسحاب المفاوض العتيد والمجرب الخبير في شؤون المفاوضات، والذي بحنكته وإدارته الفذة يمكن ان يخلق أزمة دولية ويهدد الأمن الإقليمي، بمجرد تهديده بالانسحاب من المفاوضات!!
لكن الأمر يختلف تماما بمجرد معرفة جهة التهديد وقائله، فالسلطة وكبير مفاوضيها وإن هددت فالكل يعرف وزنها الحقيقي حتى بات التهديد مجرد تصريح عابر لا يلقي له احد بالاً، فلا الإدارة الأمريكية ردت أو حاولت تهدئة خاطر عريقات أو سلطته، ولا الكيان اليهودي ارتعد من تهديده ووعيده، بل لم يحفل يهود بتصريحاته، لأنهم يدركون ارتباط السلطة وأزلامها بالإدارة الأمريكية وتبعيتهم لها وعدم خروجهم عن طوعها.
فتصريحات عريقات كالكتابة على الماء، فقد قال في تصريح صحفي قبل البدء بالمفاوضات غير المباشرة: "لقد جاءت لحظة الحقيقة ومصارحة الشعب الفلسطيني إننا لم نستطع تحقيق حل الدولتين من خلال المفاوضات التي استمرت ثمانية عشر عاما". وتابع: "لقد وصلنا إلى قناعة أن إسرائيل لا تريد دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967".
ولكن وبالرغم من اعترافه بفشل 18 عاما من المفاوضات مع "إسرائيل"، ذهب هو والسلطة إلى المفاوضات غير المباشرة مصرحا: "بأن المباحثات ستشمل كل قضايا الوضع النهائي، بما يشمل الحدود والقدس واللاجئين والاستيطان والمياه والأمن، وأضفنا في انابوليس الإفراج عن المعتقلين، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية".
فلم تشمل المفاوضات أي شيء، وكانت نتيجتها صفرا كبيرا كما وصفها محمد دحلان. وقبل القبول بالبدء بالمفاوضات المباشرة اشترط عريقات قائلا: "نحن نريد محادثات مباشرة بجدول أعمال محدد وسقف زمني محدد، وأن تقوم إسرائيل بوقف الاستيطان بما يشمل القدس، وقبول مرجعية الدولتين على حدود العام 1967 مع تبادل متفق عليه."
 وبدون أي مرجعيات أو شروط أو سقف زمني بلع عريقات تصريحاته، وبدأ بحزم أمتعته هو ورجال السلطة متوجهين صوب واشنطن بعد استدعائهم من وزيرة الخارجية للبدء في المفاوضات المباشرة.
 فكيف لأي متابع بعد هذا الوصف وذلك المسلسل من التصريحات المتناقضة، أن يأخذ تصريحات عريقات ورجال السلطة مأخذ الجد ؟!!
إن السلطة لا تعدو كونها شركة أمنية تقوم بحراسة الكيان اليهودي، وتضطلع بعبء التوقيع زوراً باسم أهل فلسطين على صكوك التنازل عن الأرض والمقدسات ليهود، ولا دور لهم غير ذلك وإن كثرت التصريحات.
لقد آن للأمة الإسلامية ان تعمل على اقتلاع الأنظمة العميلة للغرب، وان تبرز للعالم قادة منها كأبي بكر، والفاروق، وصلاح الدين والمعتصم وهارون الرشيد، قادة تهتز لهم الدنيا إن صرحوا أو ألمحوا بإعلان الجهاد وهددوا بفتح البلاد، فقد كان لقسم قتيبة بن مسلم الباهلي أن يطأ بقدمه تراب الصين، وقعه المزلزل على ملك الصين الذي بعث بطبق من ذهب فيه تراب من الصين، قائلاً: اجعلوا أميركم قتيبة يطأه بقدميه فيبر قسمهُ.
فتلك قيادات تصرح وتقسم وتحرك الجيوش وتملك القرار السياسي، والأنظمة في العالم الإسلامي ومن خلفها السلطة الفلسطينية وكبير مفاوضيها لا يملكون إلا الكتابة على الماء.
 
22-8-2010م