إنّ الشرك الذي وقعت فيه حركة حماس بدخولها الانتخابات ومن ثم السلطة، هو ما حرص عليه الغرب وسلطة عباس، من أجل استغلال إسلامية الحركة لتحيي السلطة بعد أن كانت قد بليت وفاحت رائحتها النتنة. وكانوا يعلمون بأنّ الحركة بمجرد دخولها إلى هذا النفق سيحتم عليها ذلك تقديم التنازلات والسير وراء استحقاقات المرحلة والدور الجديد.
وهذا ما كان، فمنذ أن استلمت حماس للسلطة وهي تسير وراء سراب الدولة والأستوزار، وتحاول أن تبرهن للغرب على أنّها الشريك المناسب والمقبول للتعامل معه، مما دفعها إلى مخالفة ثوابتها ومناقضتها، فضلاً عن الثوابت الشرعية التي لم تعد ثوابت أو مرجعا لديها.
فقد طالب أحمد يوسف وكيل وزارة الخارجية في سلطة حماس في غزة بفتح حوار مباشر مع الإدارة الأمريكية والمجتمع الأمريكي .
جاء ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوسف مع الوفد الأمريكي الذي يزور قطاع غزة في أعقاب اللقاء الذي جمع بين الوفد ورئيس وزراء حماس إسماعيل هنية.
وحمل يوسف الوفد رسالة لحركة فتح وللإدارة الأمريكية قائلا "نحن مع شراكة حقيقة بين فتح وحماس في إدارة الشأن الفلسطيني شراكة يتحقق فيها جهد الجميع وعطاء الجميع لأن هذه القضية لن تتحرك بدون شراكة حقيقة بين فتح و حماس
و أضاف يوسف إننا نؤمن بالانتخابات البرلمانية و بالتعددية السياسية وبالتداول السلمي للسلطة و نحن شعب نحب السلام و نريد العالم أن يساعدنا في تحقيق حلم شعبنا في دولة حرة مستقلة.
*****
إن فتح حوار مباشر مع الإدارة الأمريكية ذات الأطماع المعروفة في فلسطين وصاحبة الأجندة الاستعمارية هو مساومة لأمريكا لتحقيق بعض من مصالحها لتقبل بحكومة حماس وتغض الطرف عنها أو تعدها جزءً من أية عملية تسوية مقبلة كما عبر عن ذلك رئيس جمهورية روسيا ميدفيديف الذي اعتبر بأنه لا يمكن تحقيق السلام بدون حماس .
فلم يعد خافياً على أحد أن المشروع الأمريكي المعروف بحل الدولتين يرمي إلى تحقيق أمن كيان يهود وفق الرؤية الأمريكية لا "الإسرائيلية"، ويرمي إلى إيجاد قاعدة للقوات الأمريكية باسم قوات الناتو وقوات فصل بين الطرفين كما أشيع مؤخراً عن موافقة السلطة على هذا الأمر. فلأي شأن ولأجل ماذا تريد سلطة غزة أن تفتح حواراً مباشراً مع طامع بل مع عدو؟!! أليست أمريكا هي من تمد يهود بالسلاح والعتاد والدعم المالي والسياسي؟! أليس كيان يهود هو ابن أمريكا المدلل؟! ثم أليست المعركة والتي تعد فلسطين ساحة من ساحاتها هي بين القوى الغربية الاستعمارية قاطبة بما فيها أمريكا وقاعدتها العسكرية المتقدمة في بلاد المسلمين كيان يهود وبين الأمة الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها؟! فلماذا يُفصل ويُفرق بين أمريكا ويهود؟! ثم أليست أمريكا وعبر أتباعها النظام المصري هي من يضيق الخناق والحصار على غزة وأهلها؟!
إن طلب حكومة حماس فتح حوار مباشر مع الإدارة الأمريكية بشأن المصالحة وقضية فلسطين هو اعتراف صريح بل وعملي بأن خيوط القضية بيد أمريكا مما يعد انتحارا سياسيا ومخالفة شرعية لقول الله سبحانه (ولن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا).
إن حديث يوسف عن أن أهل فلسطين شعب محب للسلام ويريد من العالم أن يساعده على تحقيق حلمه في إقامة دولته الحرة والمستقلة لهو حديث مستنكر ومستهجن ومخالف للواقع، ففلسطين لا تتطلع إلى إقامة دويلة هزيلة تابعة ذليلة كحال دول الضرار المحيطة بفلسطين بل أقل شأناً منها، ولا تحلم بالسلام بجوار عدو غاصب سواء اعترفت حماس بشرعيته بصريح العبارة أو بشبهها بل إنها تتطلع لتحرر على أيدي متوضئة وجيش يستظل براية التوحيد فيعيد فلسطين درة تاج بلاد المسلمين.
إن على يوسف أن يتذكر قول الحق سبحانه: (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا) فيوقن أن خلاص فلسطين على أيدي المحررين أحفاد الفاروق وصلاح الدين وعبد الحميد قادم لا ريب فيه فينحاز هو وحركته لمشروع الأمة وينفضوا عن القوى الغربية الاستعمارية من أمريكان وأوروبيين وأزلامهم وأتباعهم من الأنظمة العربية العميلة لا أن يرضوا بأن يكونوا جزءً من اللعبة السياسية الغربية وركناً في مشاريعهم من حيث علموا أو جهلوا.
 
22-5-2010