أقرت حكومة سلام فياض الاثنين الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية لعام 2010 بمبلغ 3.9 مليار دولار.
وقالت الحكومة في بيان عقب اجتماعها الأسبوعي إنه تم إقرار الموازنة بالقراءة الثانية خلال جلسة الحكومة في رام الله، لافتة إلى أن الموازنة أعدت لتحقيق "أهداف السلطة الوطنية في استكمال بناء مؤسسات الدولة وبنيتها التحتية".
وأوضحت أن الموازنة العامة لهذا العام تهدف لتعزيز القدرات الذاتية الفلسطينية وذلك من خلال العمل على رفع الإيرادات المحلية بنسبة 20% خلال العام الجاري، لتغطي 65% من النفقات الجارية والاستمرار في ضبط النفقات الجارية.
وكانت حكومة فياض قد أقرت هذه الميزانية في قراءتها الأولى في الثامن من الشهر الجاري، وتجدر الإشارة إلى أن مصدر الزيادة في إيرادات السلطة هو نتيجة "الإصلاحات الإدارية" في عملية تحصيل الضرائب. فقد ارتفعت نسبة تحصيلات ضريبة الدخل بنسبة 58% خلال النصف الثاني من عام 2009، مقارنة بنفس الفترة من العام 2008، كما ارتفعت إيرادات ضريبة القيمة المضافة المحلية بنسبة 35%.
*****
من الغريب أن تتحدث حكومة فياض عن موازنة مهما كانت بنودها، ومهما كانت بروتوكولات إقرارها التي سجلت سابقة في هذا المجال، وهي لم تغادر نهج التسول منذ لحظة ولادة السلطة إلى يومنا الراهن، وتجارب أزمات الرواتب خير برهان على إفلاس السلطة وعدم مقدرتها على دفع رواتب موظفيها في حالة انقطاع شريان الحياة الذي يغذيها من الدول الغربية والمسماة بالدول المانحة وما هي سوى دول استعمارية طامعة.
 ثم ما هي تلك الموازنة التي تعد تحت الاحتلال؟! والاحتلال يسيطر على كافة مفارق ومرافق الحياة والاقتصاد في فلسطين؟! بل أي موازنة هذه التي تقرها حكومة فياض وهي عاجزة عن اتخاذ قرار بتعبيد شارع خارج منطقة "أ" بغير إذن الاحتلال!!
إن المدقق في تفاصيل هذه الموازنة يرى كيف أثقلت السلطة كاهل الناس عبر الضرائب من ضريبة دخل وضريبة القيمة المضافة والجمارك، وأن جني أموال الناس الفقراء هو مصدر "النمو الاقتصادي" الكاذب لحكومة فياض.
أما ما تسميه حكومة فياض باستكمال بناء مؤسسات "الدولة!" القادمة وتجهيز بنيتها التحتية، فهي لا تخرج عن تعزيز مقدرة الأجهزة الأمنية وتسليحها وتدريبها وإغراقها بالمال لشراء الذمم ولتدفع الحكومة تلك الأجهزة للقيام بالمهام القذرة لقاء دراهم معدودة، فالدولة المرتقبة التي يطمع فياض بإقامتها ليس لها سوى مهام أمنية لدولة الجوار (كيان يهود) والتي تحدها من الجو والأرض ومن الجهات الأربعة، لذا فلا تخرج البنية التحتية عن الاهتمام وزيادة الإنفاق على هذا القطاع دون سواه، أما بقية القطاعات فحظها الإهمال أو الإهمال التام، وقطاع التعليم الذي دائما ما يشهد إضرابات متكررة جراء إهمال حكومة فياض لهذا القطاع خير مثال على ذلك.
كما أن المناطق التي تسيطر عليها السلطة سيطرة وهمية لم تشهد البتة نمواً اقتصادياً كما يزعم فياض وحكومته، فلم نر المصانع تشيّد ولم نر فرص العمل تزداد وتتكاثر ولم نر السلطة مصدّراً هاماً لأي مادة خام أو منتج مميز، ولم تعد التجارة حتى على مستوى الأفراد في عهد السلطة تجارة رابحة أو ناجحة بسبب القيود التي تفرضها السلطة على التجار والامتيازات التي تستأثر بها لرجالاتها وحفنة المنتفعين الفاسدين المحيطين بها.
والأنكى من ذلك كله أن حكومة فياض تسخر الأموال التي تجبيها من عرق الناس وكدهم لتقوي الأجهزة الأمنية التي تبطش بهم صباح مساء، كما تسخر هذه الأموال لتنفيذ أجندات أمريكا عبر محاولة تركيز مشروع حل الدولتين الأمريكي والذي بات في مهب الريح جراء صلف يهود ورفضهم الانصياع للمخططات الأمريكية والتي ترمي لحفظ أمن يهود من منظور أمريكي.
 إن الحديث عن الاقتصاد في ظل الاحتلال هو تكريس له، وإشغال للناس عن أصل قضيتهم وهي تحرير فلسطين لا المنافسة على فتات مال ملوث.
إن السير خلف المشاريع الغربية، لم ولن يورث أهل فلسطين سوى الخراب والدمار وضنك العيش كيف لا ورب العزة قد أنبأنا عن ذلك بقوله: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ).
إن فلسطين كما هي بقية بلدان العالم الإسلامي على موعد مع دولة الخلافة الراشدة المرتقبة والتي ستطبق النظام الاقتصادي الإسلامي المنبثق من الكتاب والسنة والذي سيحيل حياة الناس من الضنك الذي يعانوه إلى حياة آمنة مطمئنة يحثو فيها أمير المؤمنين المال حثواً ولا يعده عداً.
(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا)
31-3-2010