في لقاء له مع قناة الجزيرة كشف خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن الحركة قد أبرقت برسالة لجميع الحكام العرب طالبتهم بتبني إستراتيجية جديدة للحد من استعلاء "إسرائيل"، وتحتوي الرسالة على نقاط خمس، طالبت الحركة القمة العربية المنعقدة أواخر هذا الشهر في ليبيا باعتمادها، ويظهر صراحة من هذه النقاط والمطالبات أن حماس قد أسقطت مناشدتها لجيوش المسلمين ولا سيما جيوش دول الطوق، بالتحرك لنصرة فلسطين والأقصى وتخليصهما من براثن يهود، حيث دعت حماس إلى إعادة النظر في المواقف العربية لا إلى إعلان الحرب وفق كلام مشعل وتعبيره، حيث قال ما نصه : "نحن اليوم لا نعلن الحرب ولكن نقول نحن نعيد النظر في خياراتنا" ودعت كذلك إلى دعم المقدسيين وتسخير الاقتصاد العربي لإشعار أمريكا و"إسرائيل" بجدية المساعي العربية، ودعت الحكومات العربية إلى دعم المقاومة.
إن السيد مشعل قد أسقط من نقاطه أو مناشداته للحكام طلب تحريك الجيوش أو إعلان الحرب صراحة، وهي الطريقة الوحيدة لتحرير فلسطين، فلا يخفى على السيد مشعل أن المقاومة إن وجدت ما هي إلا فتيل حرب تستدعي تدخل قوى الأمة العسكرية لحسم المعركة واستئصال شأفة العدو والقضاء على دولته. أما إسقاط خيار الحرب وتحريك الجيوش فهو يرمي إلى تسخير المقاومة كعامل تحسين وتعضيد للمواقف السياسية التفاوضية فحسب، ويبدو أن السيد مشعل بات يتحدث بلغة يحلو للحكام أن يسموها واقعية، وإن كانت مما يصنفونه بالممانعة لكنها ضمن السرب ولا تغرد خارجه.
إن إرسال رسالة لقمة عربية، دون تحميل هؤلاء الحكام المنتهية صلاحيتهم مسئولية تضييع فلسطين، يعد دعامة لإسناد أنظمتهم المهترئة، فبدل أن يدعو السيد مشعل الشعوب للانقضاض على تلك العروش التي تآمرت على الأمة وعلى فلسطين، وكان لها الباع الأطول في إقامة كيان يهود وحفظ أمنه طوال العقود المنصرمة، يأتي ليجعل من هؤلاء الأموات محلاً للمناشدة والرجاء!!!
إن الأنظمة الجاثمة على صدر الأمة هي العائق الوحيد في سبيل تحرير فلسطين والقضاء على كيان يهود، وبطش هذه الأنظمة بكل من يفكر بنصرة فلسطين ولو بصورة فردية ماثل للعيان، والهدوء الذي تشهده حدود دول الطوق مع كيان يهود من دول الممانعة والموالاة برهان على ذلك، ولا نظن أن السيد مشعل يجهل هذه الحقيقة التي باتت كالشمس في الربع الخالي، ولكنها قواعد اللعبة السياسية التي تملي على اللاعبين فيها حزمة من المواقف بل والتصريحات وحتى مفردات الكلام.
إن فلسطين لا تستجدي أمواتاً ولا خونة ولا متآمرين، ولا تجعل قضيتها بيد من باعوها رخيصة في سوق النخاسة وتآمروا مع أعدائها عليها، إن فلسطين تستصرخ أحفاد خالد وأبو عبيدة وصلاح الدين، فلسطين تستصرخ حمية الإسلام لدى جيوش الأمة ولا تتعلق بمبادرة عربية ولا مشاريع دولية، وهي بريئة من كل الأنظمة والحكام الذين لم يرقبوا فيها ولا في أهلها إلاً ولا ذمة.
إن تحرير فلسطين وتطهيرها من رجس يهود وحفظها شرف عظيم لم ينله عبر التاريخ سوى الصفوة أمثال الفاروق وصلاح الدين وعبد الحميد، فلن يناله اليوم من أفنى عمره تابعاً ذليلاً للكافرين، وسيأتي الله عما قريب بقوم يحبهم ويحبونه يأخذون على عاتقهم تحرير هذه الأرض المقدسة تحت راية التوحيد فينالوا هذا الشرف العظيم. وإن غدا لناظره لقريب.
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) 4-5 الروم
24/3/2010