"كالفارس المغوار"، وهو بعيد عن هذا الوصف بعد المشرق عن المغرب، يمتطي نتنياهو صهوة الإيباك ليعلن من على منبرها أن القدس الشرقية والغربية هي عاصمة ما يسمى "بإسرائيل"، وأن البناء فيها مستمر بلا توقف ضارب جذوره في عمق التاريخ منذ ثلاثة آلاف عام، يأتي خطاب نتنياهو بعد أن سبقت وزيرة الخارجية الأمريكية هذا الخطاب بخطاب طلب الود والمحبة، حيث أكدت أن من يمس أمن "إسرائيل" فهو قد مس أمن أمريكا، ولم يفت كلينتون أن تندد بالأصوات التي نددت بتشييد يهود لحجر بناء الهيكل المزعوم عبر إعمار وإعادة بناء ما يعرف بكنيس الخراب.  ووفق كلينتون فالفلسطينيون الذين ثاروا في وجه إجرام يهود هم متطرفون يحرضون على العنف والإرهاب.
وإزاء مواقف نتنياهو وكلينتون، ماذا بقي لرجالات السلطة أن يعقدوا لأجله لقاءات ثنائية أو ثلاثية أو رباعية أو أممية، سواء مع ميتشل أو بان كي مون أو اللجنة الرباعية أو حتى البرازيل أو الإتحاد الأوروبي؟!! وأين هي شعاراتهم الكاذبة التي طالما تغنوا بها تجاه القدس وفلسطين؟!! وما هي بدائل المفاوضون تجاه الصلف والتعنت اليهودي؟!! هل هو قلب لمجريات الأحداث؟!! أم زيادة في الذل والخنوع؟!! وماذا بقي للحكام المتخاذلين ولجنة المبادرة العربية ومجلس وزراء الخارجية والقمم العربية والمؤتمرات الدورية وغير الدورية؟!! سوى الخزي والعار.
إن مواقف يهود من المساعي الأمريكية، التي ترمي في سلم أولوياتها إلى ضمان أمن ربيبتها "إسرائيل" وصيانة مصالحها، يزيد يوماً بعد يوم من إحراج الحكومات والأنظمة الجاثمة على صدر الأمة، والتي شرّعت أبوابها للمفاوضات ومبادرات "السلام" وأسقطت جذر حرب أو جيش وكل مشتقاتهما من قاموسها، وباتت لغتها لا تتكون إلا من جذر واحد وهو فاوض وكل من اشتق منه من مشتقات كالمفاوضات والتفاوض والمفاوضات غير المباشرة والمفاوضات المكوكية، ومفاوضات المرحلة الدائمة ومفاوضة الحل النهائي حتى باتت الحياة لدى هؤلاء مفاوضات!!!! قاتلهم الله أنى يؤفكون.
إن صلف يهود يزداد يوماً بعد يوم، ينميه، تخاذل أو قل انبطاح أو استسلام الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي بأسره وركون هذه الأنظمة إلى أمريكا عدوة الإسلام والمسلمين، وإن يهود لن يثنيهم عن غيهم وصلفهم سوى من يرد الكلمة والإهانة بالسيف، ومن يبادر لتحرير مغتصبات المسلمين لا فرق بين تل الربيع وجبل أبو غنيم، ولا بين القدس شرقيها وغربيها، ولا بين صفد ورام الله.
إن ما أقدم عليه كيان يهود من جرائم وإهانات لأمة تربو على المليار والنصف كفيلة لأن تحرك هذه الأمة فيغلي الدم في عروقها فتحرك أبناءها الجيوش لتقول لأهل فلسطين نصرتم، ولتقول ليهود الجواب ما ترون لا ما تسمعون، فتلقنهم درساً ينسيهم وساوس الشيطان وتستأصل شأفتهم وتدمر دولتهم، وتعيد فلسطين إلى حضن الأمة الإسلامية، ولكن العائق أمام هذا العلا هو أنظمة تابعة خانعة ذليلة، فهّلا أسقطتموها أيها المسلمون وأقمتم على أنقاضها خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة!
إنها الخلافة يا قوم، حياتكم، عزكم وسؤددكم، تحمي حياضكم وترد كيد الكائدين عنكم، بها تعزون وبها تنصرون وبها تحملون الخير للعالمين.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8)) سورة محمد.
23/3/2010