جاء في مقررات مجلس الوزراء لحكومة رام الله الاثنين 15/2/2010 قراراً ينسّب لرئيس السلطة مشروع قانون لغرض وقف العمل بالقانون المخفف المتعلق بشأن "الجرائم" على خلفية الدفاع عن الأعراض.
 
وجاء في نص القرار: (التنسيب إلى الرئيس بتعليق العمل بالمواد المتعلقة بالعذر المحل والمخفف في قانوني العقوبات السارية في شطري الوطن بشأن الجرائم الواقعة على خلفية ما يسمى "بشرف العائلة"، وإرجاعها إلى الأصل العام، واعتبارها جريمة قتل عادية، لأنه لا يجوز أخذ القانون باليد ولا القتل على شبهة، والأخذ بمبدأ المساواة والعدالة في الجريمة ليتوافق والقانون الأساسي الفلسطيني ووثيقة الاستقلال الفلسطينية والتزام السلطة الوطنية الفلسطينية بالمواثيق والمعاهدات الدولية.)
 
إن العرض والشرف كانا ولا زالا خطاً أحمر لدى المسلمين منذ بعثة الرسول عليه السلام حتى يومنا هذا، فالمسلم الغيور على دينه وعرضه يستميت ويقدم روحه رخيصة في الدفاع عن شرفه.
 
فلقد طلب الله من المسلمين أن يدافعوا عن أعراضهم ولو أدى ذلك إلى أن يقتلوا في سبيله، قال صلى الله عليه وسلم (من قتل دون أهله فهو شهيد) وكلمة أهل كما جاءت في القرآن في آيات متعددة تشمل الزوجة وتشمل الأخت والأم والبنت وغيرهن من الأقارب، والمراد هنا من قتل دون عرضه فهو شهيد لأن الدفاع عن الأهل يعني الدفاع عن العرض.
 
وعلى ذلك فإن من وجد رجلاً مع أهله سواء أكانت زوجته أم أخته أم بنته أم أية امرأة تعتبر عرضا له وقتل الرجل وقتل المرأة إن لم تكن مكرهة فإنه لا شيء عليه في قتلهما حسب الشرع، أو علم أن رجلا معينا اعتدى على عرضه سواء برضاها أو جبرا عنها وقتله فإنه لا شيء عليه في كل ذلك، ولو قُتل في ذلك كان شهيدا من الشهداء .
 
هذا هو الحكم الشرعي المنقول عن الصحابة والفقهاء، فقد نقل المغني "وَإِذَا وَجَدَ رَجُلًا يَزْنِي بِامْرَأَتِهِ فَقَتَلَهُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَلَا دِيَةَ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَمَا هُوَ يَتَغَدَّى يَوْمًا، إذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ يَعْدُو، وَمَعَهُ سَيْفٌ مُجَرَّدٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ، فَجَاءَ حَتَّى قَعَدَ مَعَ عُمَرَ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ، وَأَقْبَل جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ، فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنَّ هَذَا قَتَلَ صَاحِبَنَا مَعَ امْرَأَتِهِ فَقَالَ عُمَرُ : مَا يَقُول هَؤُلَاءِ؟ قَالَ : ضَرَبَ الْآخَرُ فَخِذَيْ امْرَأَتِهِ بِالسَّيْفِ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ فَقَدْ قَتَله. فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ : مَا يَقُولُ؟ قَالُوا ضَرَبَ بِسَيْفِهِ، فَقَطَعَ فَخِذَيْ امْرَأَتِهِ، فَأَصَابَ وَسَطَ الرَّجُلِ، فَقَطَعَهُ بِاثْنَيْنِ .فَقَالَ عُمَرُ : إنْ عَادُوا فَعُدْ".
 
 فإن المسألة مسألة دفاع عن العرض وكل حالة من الحالات التي يصدق عليها الدفاع ينطبق عليها هذا الحكم، وهي مسألة منفصلة عن موضوع العقوبات والحدود فهي تتعلق بدفاع المسلم عن عرضه لا برفع قضية لمجلس قضاء أو لسلطان ليقيم الحد الشرعي المعتبر.
 
ولا يعني هذا الحكم كذلك تشريع القتل جزافاً بالظن والشبهة دون تحقق أو يقين ناتج عن المشاهدة بالعين المجردة أو بالاعتراف والإقرار دون إكراه.
 
لكن السلطة تسعى تحت مسميات الحرية الشخصية وحقوق الإنسان والتزاما منها بالمواثيق الدولية الفاسدة والمخالفة لأحكام الإسلام، إلى ملاحقة من تدفعه حميته دفاعاً عن عرضه وشرفه وإيقاع أقصى العقوبات بحقه، لكي تطفأ جذوة الغيرة على العرض وحمية الدين التي تدفع المسلم للدفاع عن شرفه. فمما لاشك فيه أن مفهوم الحفاظ على الشرف والدفاع عنه يعيق السلطة عن تنفيذ مشاريعها الهابطة كمسابقة "ملكة جمال" فلسطين والحفلات المختلطة ومباريات كرة القدم النسائية وحفلات الغناء والرقص تحت مسميات ثقافية مزورة، فلا غرو والحال كذلك أن تسعى هذه السلطة لإقرار مثل هذا القانون وهم الذين يعيثون في فلسطين الفساد ويرعون الرذيلة ويحاربون العفة والفضيلة، وملفات فسادهم أزكمت رائحتها الأنوف واشمأزت منها النفوس.
 
إن السلطة تسعى لكي تكون السبّاقة في كل سوء، وليس ذلك غريباً على سلطة قد فرّطت بمقدسات الأمة وبقضاياها بدراهم بخسة ومعونات مشبوهة فكيف تحفظ أعراضها وحرماتها؟!
 
إن واجب المسلمين أن يدركوا أن هذه السلطة وبقية الأنظمة في البلاد العربية والإسلامية هي أداة لحرف المسلمين عن دينهم وبث سموم الغرب الفكرية وشذوذهم السلوكي في عروقهم، وهم بذلك كانوا أدوات شيطانية تأمر بالفحشاء والمنكر. إن واجب المسلمين أن ينفضوا عن هذه الأنظمة بل ويسارعوا في الإجهاز عليها والأخذ بحلاقيهما لتستبدل الأمة بها خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة، فتقيم فيهم شرع الله وتذود عن حرماتهم وأعراضهم وتصون دماءهم وخيراتهم وتحمل الخير والهدى للعالمين.
 
(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
18-2-2010