في موقفٍ رخيصٍ من الحزب الوطني الحاكم بمصر قام 150 نائباً من الحزب يوم أول أمس الأحد باستغلال عضويتهم في مجلس الشعب لإيجاد العداوة بين الأخوة في غزة ومصر، وذلك باستغلال مقتل الجندي المصري في الأحداث الأخيرة، حيث طالب نواب الحزب الحاكم في مجلس الشعب حركة حماس بتسليم قاتل أحمد شعبان، الجندي المصري الذي قتل في المواجهات التي شهدتها الحدود المصرية الفلسطينية أو الاستعداد لعمل عسكري.
 
ووصل الأمر بأحمد عز، أمين التنظيم في الحزب الحاكم بالتهديد بعمل عسكري من أجل القصاص ممن وصفهم بـ "ميليشيات فلسطينية " قامت بقتل الجندي شعبان.
 
بينما لم نر الحزب نفسه يستأسد على دولة يهود لقتلها الجنود المصريين الثلاثة بقذيفة على الحدود مع رفح يوم 18-11-2004، واكتفت الحكومة المصرية وحزبها الحاكم يومها بتوبيخ الجيش "الإسرائيلي" لمن اعتبرهم مسئولين عن مقتل الجنود المصريين. ولم يخجل حينها محمد بسيوني رئيس لجنة الشؤون العربية والأمن القومي بمجلس الشورى المصري من القول أنه ما زال من المبكر الحديث عن رد فعل رسمي عن الحكومة المصرية قبل تسلم تقرير لجنة التحقيق "الإسرائيلية".!!
 
وغيرها من الحوادث التي يذهب ضحيتها جنود مصريون على أيدي قوات يهود بين الفينة والأخرى، كالجندي المصري الذي أصابته دورية "إسرائيلية" أثناء قيامه بدورية شمال منتجع طابا على خليج العقبة، وذلك في أغسطس 2009. ولم نسمع أيضاً الحزب الحاكم حينها يطالب بالانتقام من يهود، رغم أنّهم ألد أعداء الأمة.
 
ومن الواضح أنّ قول أمين التنظيم في الحزب الحاكم " أنّ صبر مصر ينفد لأن دم أحد أبنائها أهدر وأنّ مقتل الجندي المصري أوجع قلوب المصريين جميعاً وأبكاهم فرادى وجماعات". هو محاولة يائسة من النظام المصري من خلال حزبه لإشعال نار الغضب والكره عند المصريين تجاه إخوانهم في غزة. وقطعاً ليس الأمر حرصا منه على سيادة مصر التي تنتهك صباح مساء من قبل يهود وعملياتهم على الحدود، ولا حباً منه للجنود المصريين الذي جعل منهم النظام حراساً لحدود سايكس- بيكو، ولأمن يهود.
 
ولكنّها محاولة لامتطاء الحادثة البشعة التي يرفضها المسلمون في مصر وفي غزة بلا شك، استغلال الحادثة من أجل تبرير أفعال النظام المصري المخزية، كبناء الجدار الفولاذي مؤخراً، وكوقوفه مع دولة يهود في حصار أهل غزة والتضييق على المسلمين أطفالاً ونساء وشيوخاً.
 
فالنظام في مصر يشعر بالقلق البالغ إزاء التعاطف الشديد من الشعب المصري مع إخوانهم في غزة، فوجد في هذه الحادثة ضالته من أجل التفريق بين أهل مصر وغزة الذين يعتبر كل واحد منهم نفسه أخاً وشقيقاً للآخر، وذلك حفظاً لوجه النظام المصري المقيت عند المسلمين عامة وعند أهل مصر خاصة.
 
فالنظام المصري يريد أن يرسخ فكرة الشعبين، اللذين يحمل كل واحد منهما همومه وتطلعاته المختلفة عن الآخر، ليفرغ بذلك صفحته من وجوب تحركه لنصرة أهل غزة المظلومين بعد أن يبرهن للشعب المصري بأنّ غزة قد تصبح عدوة لهم إن لم يتخذ النظام المصري كافة احتياطاته.
 
هذه هي الغاية الدنيئة التي يريد النظام المصري تحقيقها والتي تصدر لها حزبه في مجلس الشعب الذي رضي لنفسه أن يصبح عدواً للفلسطينيين كما النظام نفسه الذي يسابق يهود في التآمر على أهل فلسطين.
 
ولكن نسي هؤلاء أنّ الأمة الإسلامية رغم الحدود التي حرص الغرب وحكام المسلمين على ترسيخها، ما زالت هذه الأمة تنبض بنبض واحدٍ، تستشعر بين اللحظة والثانية أنّها أمة واحدة يجمعها دين واحد ونبي واحد، وستجمعها دولة واحدة في القريب. وهذا ما يقلق الأنظمة ويهددها.
 
19-1-2010