تداولت وسائل الإعلام لا سيما الصحافة "الإسرائيلية" بشكل مقصود خبر الإهانة التي وجهها نائب وزير خارجية يهود (داني أيلون) للسفير التركي لدى الكيان اليهودي (احمت تشليكول)، وذلك عبر إستدعائه لمقر الوزارة وإجلاسه على كرسي لا يليق بسفير ودون كرسي أيلون حيث أنّبه الأخير ووبخه جراء بث التلفزيون التركي لمسلسل تلفزيوني تدّعي "إسرائيل" أنه معادٍ للسامية، وجراء إنزعاج ساسة يهود من المشاكسات والفرقعات الإعلامية التي يختلقها أردوغان بين الفينة والأخرى في محاولة منه للضغط على كيان يهود ليسير ضمن المخطط الأمريكي للمنطقة بلا مراوغات ومتاعب، وآخرها تصريحاته ضد امتلاك يهود للقنابل النووية وأن تركيا لن تبقى صامتة جراء عدم إنصياع "إسرائيل" للقرارات الدولية، كما رفض أردوغان في تصريحاته هذه توجيه ضربة عسكرية لإيران وهو توجه الإدارة الأمريكية الحقيقي.
وقالت الخارجية "الإسرائيلية" في بيان لها إنها تستنكر ما وصفته بالانفلات غير المكبوح لأردوغان، معتبرة انتقاده العلني قد يعرض العلاقات الثنائية للخطر.
 
وقال البيان إن الأتراك هم آخر من يمكنه توجيه موعظة أخلاقية "لإسرائيل".
 
ما كان ليهود ليجرأوا على هكذا تصرفات مذلة ومهينة لتركيا لولا أنهم يدركون مدى ما وصل إليه حكامها من تبعية وذلة للغرب الكافر ولا سيما لأمريكا، فيهود يدركون حجم غرق حكام تركيا في مستنقع العمالة، ولإدراكهم أن تصريحات أردوغان لم تأت من رجولة هذا الرجل أو شهامته فهو صاحب مقولة (من السهل على الأعزب أن يطلق زوجه) في إشارة منه لإلتزام بلده بالعلاقات الدبلوماسية والعسكرية مع يهود وبعدم إمكانية قطعها.
 
إن أردوغان يُصنع أمريكياً -عبر هذه التصرفات والتصريحات التي تداعب رغبات وهوى الشعوب- للعب دور رئيسي في المنطقة لصالح الأجندات الأمريكية، فهو من استطاع كبح النفوذ الإنجليزي في تركيا والمتمثل بالمؤسسة العسكرية هناك، وهو سمسار مفاوضات الخيانة بين يهود وسوريا، ويطمع للعب الدور نفسه بين الفلسطينيين ويهود، وهو ركيزة من ركائز دعم الإحتلال الأمريكي في العراق عبر تسخيره لقواعد وأجواء تركيا لأمريكا.
 
إن إهانة تركيا بإهانة سفيرها لم تلاق رداً يذكر من النظام التركي، فلو كانت تصريحات أردوغان نابعة من سيادة وتوجه مستقل لسحب سفيره من "إسرائيل"، أو لأوقف العمل بالإتفاقيات العسكرية المخزية بين تركيا ويهود، ولكان رفض زيارة وزير دفاع يهود مجرم الحرب (باراك) لتركيا الأسبوع القادم، ولو كان أردوغان صادقاً في لهجته لكان ردّه رداً عزيزاً كردّ العثمانيين، الذي يتغنى بالإنتساب لهم، والذين فتحوا القسطنطينة وأجزاء كبيرة من أوروبا فكانوا سادة للدنيا لا أذلاء وأتباع صاغرين، ولكان ردّه بنصف كلمة ولحرك الجيش التركي للقضاء على كيان غاصب معتد وهو على ذلك بقادر، وإذا كان شتم أمرأة مسلمة أو التعرض لها بسوء استأهل من المعتصم تسيير جيش أوله في عمورية وآخره في بغداد، فاحتلال فلسطين وتدنيس المسجد الأقصى وقتل أهله وتشريدهم وحصارهم يستأهل جيشاً لا يبقي من أثر يهود ولا يذر لو كانوا صادقين.
 
ولكن لقد أسمعت لو ناديت حياً أو حراً أو كريماً أو عزيزاً ولكن لا حياة لمن تنادي.
12-1-2010