التاريخ: 16 من شوال 1430 هـ                                                                                          الرقم:ص/ب ن32/009

  الموافق: 5/10/2009م        
بيان صحفي
اليهود يقتحمون المسجد الأقصى ويقصفون غزة
والسلطة تحرسهم وترعى مصالحهم في المحافل الدولية !
  بينما يستمر الاحتلال في تكرار جرائمه ضد المسجد الأقصى وأهله من خلال الحفريات والاقتحام والتدنيس وقتل وجرح زائريه،  وضد سكان قطاع غزة وخاصة القصف المتكرر للأنفاق في رفح واغتيال نشطاء المقاومة، تتعالى أصوات السياسيين في فلسطين ويتبادلون الاتهامات، ويطالبون بالتحقيق في طلب السلطة الفلسطينية تأجيل مناقشة تقرير جولدستون (المكلّف من قبل الأمم المتحدة بالتحقيق بحرب غزة) في جلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف يوم الجمعة الماضية، وسحب السلطة دعمها لمشروع قرار يحث "مجلس الأمن على تقديم هذه الادعاءات إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إذا لم تحقق السلطات "الإسرائيلية" أو الفلسطينية على حد سواء مع المشتبه بتورطهم في هذه الجرائم وتقدمهم للقضاء في غضون ستة أشهر"، وإزاء هذه الأحداث فإننا في حزب التحرير نقول:
إن دولة الاحتلال اليهودي التي تعودّت أن تبطش بلا رقيب ولا حسيب لغياب الرادع، لم تقبل بأن توجه لها أي تهمة، وهي - بدعم من أمريكا - تعتبر نفسها فوق أي قانون، فأمرت دولةُ اليهود السلطة التي توصف بأنها "وطنية فلسطينية" أن تدعم موقف اليهود الرافض للتقرير، ففعلت السلطة بلا خجل ولا حياء، كعادتها في رعاية مصالح الاحتلال وأمنه، وجاء ذلك بعد زيارة القنصل العام الأميركي لرئيس السلطة يوم الخميس الماضي، ونقلت الجزيرة نت أخبار صفقة تتضمن هذا الموقف من قبل السلطة مقابل السماح لشركة اتصالات فلسطينية جديدة بالعمل وإعطائها الترددات اللازمة. ولما تصاعد الموقف إعلاميا وافتضح مستوى انحطاط السلطة في رعاية مصالح الاحتلال اليهودي وفي الاتجار بمواقفها السياسية صار لابد من كبش فداء يحفظ ماء الوجه للكبراء والأسياد الذين يبدلون مواقفهم بإشارة واحدة من أمريكا ودولة اليهود، فصدر القرار بتشكيل لجنة تحقيق.
إن تشكيل لجنة التحقيق هذه هو عمل رخيص، واستخفاف بعقول الناس وإهانة لهم، فما دامت السلطة، برئاستها ورئاسة وزرائها قد قررت طلب تأجيل النظر في التقرير المذكور، فمع من سيكون التحقيق، وفيم سيكون التحقيق، وهل هناك أمور غيبية غامضة من المنتظر أن يكشف عنها التحقيق، ما لكم كيف تحكمون.
ومما يزيد العار عارا على السلطة ورجالاتها، أن يتم طلب التأجيل هذا في الوقت الذي يستمر فيه قصف يهود لمناطق الأنفاق في غزة، وفي الوقت الذي يحاول فيه اليهود بحراسة من جيشهم تدنيس المسجد الأقصى مرة تلو الأخرى، وفي حين يبطش الجيش بالناس على مداخل المسجد الأقصى، وبينما تصدر نداءات استغاثة من قبل المعتكفين فيه، لمنع اليهود المحتشدين على أبوابه من اقتحامه، حين يجري كل هذا تقف السلطة ومن ورائها كل الأنظمة في العالم الإسلامي صامتة ساكنة أمام كل تلك الأعمال الوحشية من يهود.
إن التحقيق مع الزعامات والقيادات التي تسير بالقضية الفلسطينية من هاوية إلى هاوية منذ نصبت نفسها ممثلة لهذه القضية، ستقوم به الأمة الإسلامية وستقتص منهم عندما تحقق غايتها بعودة الإسلام في ظل دولة الخلافة التي ترعى مصالح الأمة.
وعلى صعيد آخر، أليس من المستغرب أن تعلو الأصوات السياسية أيضا في غزة ودمشق مطالبة بالتقرير، وهو يكيل لها تهم ارتكاب جرائم حرب، ويساوي بين المعتدي والمعتدى عليه، ومتناسية أيضاً أن الأمم المتحدة هي التي أصدرت قرار تقسيم فلسطين منذ ستة عقود، وأن مجلس الأمن هو الذي كان قد وصف القتل والقصف الوحشي على غزة بأنه اقتتال بين طرفين، على عادته من المساواة بين الجلّاد اليهودي والضحية المسلم.
إن ذلك الاستخذاء ورعاية السلطة لمصالح الاحتلال في المحافل الدولية، ليس مستغربا على سلطة تسير حسب اتفاقيات سياسية مذلة، وتُسخّر أجهزتها الأمنية لتحمي أمن الاحتلال بينما تلاحق الناس الذين يرفضون الاحتلال ويقاومونه، وإن ذلك التواطؤ والتآمر ليس مستبعدا على سلطة تنسّق مع قادة الاحتلال وتعقد معهم الاتفاقيات المباشرة وعبر "الوسطاء" بينما تشاهده يقصف أبناء شعبها في غزة ويحرس اليهود في اقتحامهم وتدنيسهم للمسجد الأقصى. وهو احتلال لا يحفظ لها ماء وجهها فيكافئها على مواقفها المتخاذلة تلك بمزيد من الذل والعار، ولا يأبه بها حتى في توقيت القصف والتدنيس.
لقد آن لأهل فلسطين أن يلفظوا هذه السلطة ورجالاتها لفظ النواة بعدما برهنوا مرة تلو الأخرى أنهم يحرسون مشروعا أمنيا للاحتلال، بينما يستبيحون القتل والاقتتال على هذه السلطة الهزيلة، وآن لأهل فلسطين أن يدركوا أن حل قضية فلسطين لا يكون إلاّ بإناطة مهمة التحرير للجهة الوحيدة القادرة على أدائها وهي جيوش المسلمين.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ)