LogoHT3

الجمعة 16/ ذو الحجة 1443هـ                                                               15/7/2022م                                                         رقم الاصدار: ب/ص -20

أعلنت نقابة المحامين عن إضرابها يومي الأربعاء والخميس والاعتصام أمام مجمع المحاكم في رام الله، مع احتمالية تصعيد الإجراءات رفضا لبدء سريان مفعول تعديلات على ما يسمى قوانين "التنفيذ وأصول المحاكمات المدنية والتجارية والإجراءات الجزائية"، الصادرة عن رئيس السلطة من خلال "قرارات بقوانين" في آذار الماضي، وعدم قبول السلطة أية إجراءات للتعديل عليها، فيما أغلقت الشرطة الفلسطينية الأربعاء محيط مجمع المحاكم، وذلك استباقا لاعتصام المحامين الذين أعلنوا أنهم سيعتصمون في المكان ضمن احتجاجهم ضد تلك القرارات.
يأتي هذا الاعتصام للمحامين، وهم الفئة التي تمثل الناس في قضايا الحقوق والمظالم والخصومات أمام المحاكم، كرد على ما تقوم به السلطة من سنّ جائر لقوانين ظالمة تُضيّع الحقوق، وهم الذين قاموا بإجراءات احتجاجية من قبلُ رداً على التسلط والعبث في الناحية القضائية، عندما سعت السلطة - ولا زالت - إلى جعل القضاء أداة لحماية كبار المجرمين وغطاء لجرائمها بحق أهل فلسطين، كتشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي، وتعيين رئيسه الذي أُعطيَ صلاحية تعديل القوانين ومن ثم إعادة تعيين نفسه، وكذلك من خلال ما يُسمى "القرارات بقوانين" والتي باتت تصدرها السلطة أو الجهات النافذة فيها بكثرة.
لقد جاءت تلك "القرارات بقوانين" بتعديلات أقل ما يقال فيها إنها تعقيد وتضييع لحقوق الناس بدل صيانتها، وإذكاءٌ للخصومات بينهم بدلاً من حلها، وفتحت نوافذ عدة لحماية المجرمين من خلال ما تتيحه تلك القوانين الجديدة من إمكانية سقوط الدعاوى، كما أنها وفرت الغطاء لأجهزة السلطة لتمديد مدة التوقيف دون عرض على المحكمة، أي وفرت الغطاء للأجهزة الأمنية الفاسدة لتوقيف من تشاء بغض النظر عما يوجبه القانون من حماية للأفراد وعدم احتجازهم إلا بقرار قضائي، وأمور أخرى ذكرها المحامون في احتجاجاتهم، كتكليف المدّعي بمهمة إحضار الشهود، والتبليغ الإلكتروني بالدعاوى أو عبر الهاتف، وكذلك وقف تنفيذ المطالبات المالية للشيكات والكمبيالات بدعوى التزوير وتكليف المدعي بإثبات صحتها، والرسوم الباهظة لاستغلال حاجة الناس للادّعاء والتقاضي لأغراض جبائية وغير ذلك...
إن ما ذُكر من قوانين جديدة، قد بدأ سريان العمل بها، وستدفع الناس إلى الفوضى والاقتتال لأنهم لن يجدوا قضاء وقوانين تحمي حقوقهم، وهذه التعديلات ستضرب الثقة بين الناس في معاملاتهم المالية، وستدفعهم للتعامل من خلال البنوك الربوية، وسيكون المستفيد من هذه التعديلات قطاع البنوك وكبار الرأسماليين الذين لا يبالون بالحلال والحرام، وستكون النتيجة إغراق المجتمع في مستنقع الديون الذي لن يجني منه الناس إلا حربا من الله ورسوله، ورهن مقدراتهم للبنوك.
وهكذا تمضي السلطة في تدمير المجتمع وإفساده، وتريد تسخير القضاء كأداة وغطاء لتنفيذ جرائمها، والقاصي والداني يعلم الفساد المستشري في مؤسساتها وخصوصاً أن أجهزتها الأمنية هي أبرز من يخالف القضاء ويتجاهل قراراته.
يا أهل الأرض المباركة:
إن السلطة الفلسطينية تنفذ سياسات أعداء الإسلام التي تهدف إلى تدميركم وجعل الأرض المباركة لقمة سائغة لكيان يهود، وإن جرائمها بحقكم لم تقف عند تنازلها عن البلاد ليهود، أشد الناس عداوة للمؤمنين، بل تعدت ذلك إلى توفير كل الأسباب والظروف التي تمكن كيان يهود من إحكام قبضته على الأرض المباركة، والتي من أبرزها تدمير المجتمع وهدم قيمه، فالمستهدف الآن ليس أرضكم لأنه قد تم التنازل عنها، وإنما المستهدف هو أنتم وأسركم وأبناؤكم، فالهجمة شاملة تستهدف التعليم والأسرة، والاقتصاد والقضاء والإعلام، ونحسب أنكم تلاحظون آثارها المدمرة على أسركم ومصالحكم، حتى أضحى للشواذ جنسيا نواد معلنة ومسيرات يرفعون فيها أعلامهم في تحد صارخ لقيم العفة والطهارة.
لقد أصبحت السلطة الفلسطينية بدورها الأمني المخزي وسياساتها الاقتصادية والضرائبية، ورعايتها للفساد وانحدار الأخلاق، سكيناً ينحر أهل فلسطين وعصا تفت في عضدهم، وتقتل فيهم روحهم الثائرة وقدرتهم على الصمود في وجه كيان يهود المحتل، وهي تكمل حلقة الفساد بمزيد من الإفساد والظلم في القضاء والقوانين، وإنّ وقوف أهل فلسطين ضد تغول السلطة وإفسادها لكافة مناحي حياتهم، ودعمهم لكل من يقف ضد ظلمها وتضييعها لحقوق الناس كما يفعل المحامون الآن، هو جزء من تعزيز صمودهم وقدرتهم على البقاء في أرضهم إلى أن يأذن الله بالنصر والتحرير وتستعيد الأمة وجيوشها دورها وتحرر مسرى نبيها، وإنْ تقاعس الناس عن ذلك فلن يخسروا أرضهم ومقدساتهم ليهود فقط بل سيخسرون كرامتهم وأبناءهم وأزواجهم وأشدها خسارة دينهم والتزامهم بشرع ربهم، وذلك الخسران المبين.
يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾، ويقول الرسول ﷺ: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بالْمَعْرُوفِ، ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّه أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلا يُسْتَجابُ لَكُمْ».

المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في الأرض المباركة – فلسطين