نص كلمة المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين التي ألقاها الدكتور مصعب أبو عرقوب في اجتماع العشائر رفضا لاتفاقية سيداو الذي انعقد في ديوان آل التميميمي مساء اليوم السبت 21-12-2019

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، الهادي الأمين، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد أيها الحضور الكريم:

أيها الغيارى على أعراضكم ودينكم وأمتكم:

إنّ ما تتعرض له المرأة المسلمة في الأرض المباركة فلسطين هو هجمة شرسة ممنهجة غايتها خبيثة ملعونة، وهي أبعد ما تكون عن غايات مناصرة المرأة أو الحرص على مصلحتها.

إن توقيع السلطة على اتفاقية سيداو عام 2014م ومن ثم على الملحق الاختياري لها، وإطلاقها العنان لمؤسسات نسوية وبرامج ونشاطات وإعلام يوطد لتشريع قوانين تبارز الله بالعداوة وتناقض الإسلام العظيم تحت حجج ومبررات واهية يكذبها الواقع ويدحضها كتاب الله المقدس، كل ذلك يأتي في سياق حملة شرسة يُراد منها النيل من المرأة المسلمة ومحاربة العفة والطهارة والفضيلة في المجتمع من أجل ترسيخ الاستعمار وأفكاره في الأرض المحتلة لإدامة احتلالها وبقائها تحت أقدام الاستعمار، وللحيلولة دون نهضة الأمة واستعادة حريتها على أساس الإسلام العظيم.

فمنذ سنوات والمتآمرون يعمدون إلى تضليل الرأي العام تمهيدا لتشريع الانحلال والانعتاق من رباط الإسلام وأحكام العفة، فيسلطون الضوء على حوادث مبتورة تكاد تحصى على أصابع اليد الواحدة فيضخمونها ويوهمون الرأي العام بأنها خطر داهم لا بد من التنبه له، ويحرّفون الحقائق وينسجون قصصا وتفاصيل لا أساس لها من الصحة من أجل تبرير "تشريع" قوانين الكفر في المجتمع تحت ذريعة حماية المرأة من المجتمع الذكوري!

إنّ ما تتعرض له المرأة في فلسطين، من ظلم أو اضطهاد مزعوم، يكاد لا يُرى بالعين المجردة مقارنة بما تتعرض له المرأة في الغرب، ولكنهم يعمون على الناس مأساة المرأة الغربية في ظل حضارة الانحلال والفجور، ويشيطنون المجتمعات في بلاد المسلمين لغاياتهم الخبيثة. والأهم من ذلك أن النزر اليسير من الظلم الذي تتعرض له المرأة في فلسطين هو حالات شاذة يرفضها المجتمع وهي ليست حالات عامة أو سمة غالبة كما يدعي الأفاكون المتآمرون، وهو يحدث بسبب غياب الإسلام عن التطبيق في الدولة، فالإسلام، والإسلام وحده، هو الذي كرم المرأة وأنصفها بعد طول ظلم وعذاب، وهو من صانها وجعل منها انسانة عزيزة وبوأها مكانة تحسدها عليها كل نساء الدنيا، وما ظُلمت المرأة إلا عندما غاب الإسلام وطبقت الرأسمالية والديمقراطية وشرائع الغرب الكافر في بلاد المسلمين، لذلك فإنه من كان حريصا على المرأة رؤوفا بها فليدعو إلى عودة الإسلام وتطبيقه كاملا على المرأة والرجل، فهو دين العدل والرحمة، أما الدعوة إلى تطبيق أفكار الديمقراطية والحريات الغربية فهي دعوة إلى جحيم المرأة وظلمها ودوام امتهانها.

أما مبررات الاستجابة للمعايير والمواثيق الدولية نزوعا نحو الدولة الموعودة، فهي مبررات أقبح من ذنب، فمتى كانت الدول تنال بالتمني والترجي؟! وهل الدول ذات السيادة تنال بالخضوع لمواثيق الدول الاستعمارية وحضارتها البهيمية؟! ومنذ متى يبيع المرء دينه وثقافته وحضارته ليقيم دولة وسلطان؟! وما قيمة الدول إن لم تكن أداة لخدمة دين الأمة وتطبيق تشريعاتها؟! فما وعود الاستعمار إلا كوعود الشيطان، قال تعالى: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾، ولئن ظن المتآمرون على المرأة بأنه سيرضون الاستعمار فينظر إليهم بعين الرأفة فهم حالمون، قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾، فما يريده الاستعمار منا أن نخلع عنا إيماننا وعفتنا وطهارتنا لنساويهم ولنكون لهم ندا، بل لنكون لهم تبعا ونبقى تحت أقدامهم إلى يوم يبعثون.

ثم إن الأحرار يموتون ولا يعطون الدنية في دينهم وعرضهم، فالحرة كما قالت العرب تموت ولا تأكل بثدييها، فحريٌ بأولئك الحالمون بدولة على الورق أن يستفيقوا من سكرتهم، وأن يوقفوا مسلسل الاسترزاق بأعراض المسلمين، قبل أن تلعنهم الناس ويلعنهم اللاعنون إلى يوم الدين.

أيها الحضور الكريم:

إن توقيع السلطة على اتفاقية سيداو وتشريع قانون رفع سن الزواج إلى 18 عاما، له ما بعده، وهو أول المشوار نحو إفساد المرأة ومحاربة العفة والطهارة في المجتمع، والسكوت عن ذلك يمهد الطريق أمام المجرمين العابثين إلى مواصلة المسير نحو تغريب المجتمع وجعل قبلته واشنطن ولندن وباريس، بدلا من الكعبة المشرفة، وها قد سمعتم مؤخرا عن التوصيات التي انتشرت والمخططات التي كُشفت ورأيتم كيف أنهم يريدون محاربة الإسلام وأحكام النظام الاجتماعي صراحة دون مواربة، فيريدون اباحة الزنا واللواط والشذوذ وجعل ذلك حرية، ويريدون مساواة المرأة في الميراث مع الرجل وإلغاء قوامة الرجل على المرأة والغاء الولي، والغاء عدة المرأة المطلقة وإباحة الاجهاض واختلاط الأنساب، وغير ذلك مما يغضب الله ويستدعي الرذيلة.

لذلك كله كان لا بد من الوقوف في وجه أولئك المجرمين العابثين بأعراض المسلمين، وكان لا بد أن يستدعي ذلك رفع الصوت عاليا جدا في وجه السلطة وكل أدواتها وداعميها ومؤيديها في مشاريع الإفساد والانحلال، حتى يكفوا عن غيهم وإجرامهم.

الأخوة الحضور:

إنّ هذه الاتفاقية المشؤمة التي يرعاها الغرب المستعمر تهدف إلى اختراق آخر حصوننا، وهو حصن الأسرة، لتفكيكها وانشاء جيل لا قيم فيه ولا مقدسات لديه يدافع عنها، ليسهل بعدها ترويضه وتطويعه لكل الحلول الاستسلامية، بل ولتفكيك الأمة كلها ومنعها من الوحدة واستعادة سلطانها المسلوب بإقامة الخلافة الراشدة.

الحضور الكريم:

الله الله في أعراضكم ...الله الله في دينكم وثقافتكم، بوركتم في مسعاكم هذا الرافض لاتفاقية سيداو ومخرجاتها، وبارك الله في عائلة التميمي على دعوتها واستضافتها لهذا الحشد الرافض لاتفاقية سيداو المتمسك بشرع الله وأحكامه.

ومن هنا وبناء على ما اقترحتم من مسيرة في الخليل الاسبوع القادم، فإنّ حزب التحرير يعلن وبكل وضوح مشاركته الفاعلة في المسيرة وتقدمه الصفوف للذود عن حياض الإسلام وأعراض المسلمين كما عودكم دائما في كل قضية للأمة.

بارك الله لكم في جمعكم وجعل أعمالكم في صحائفكم يوم القيامة وحفظكم الله وحفظ بكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

المكتب الاعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين

21-12-2019