بسم الله الرحمن الرحيم

تعرضوا لنفحات رحمة الله

أخرج الطبراني بإسناد حسن عن أنس بن مالك  رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله عز و جل نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله عز وجل أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم(

هذه العشر الأواخر من رمضان كان يجتهد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في العبادة ما لا يجتهده في غيرها، أخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله علية وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره) وفيها ليلة خير من ألف شهر عظمها الله تعظيماً للقرآن الكريم (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وروى أحمد عن أبي سعيد أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ (اطْلُبُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ(

أيها المسلمون في الأرض المباركة:

إنها أيام مباركة ونفحات من الرحمن مرسلة، فتعرضوا لها بالعمل لإقامة الدين وحمل دعوة الإسلام، اجتهدوا فيها بمزيد من الطاعات والقربات، اجتهدوا على صلاح أنفسكم وأهليكم ولا تمكنوا الكافر من إفساد أبنائكم فإنه قد سخر كل طاقاته لإفسادهم، انظروا في لباسهم وأقوالهم، انظروا في اهتماماتهم وتطلعاتهم واستجيبوا لقول الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(.

رمضان أقبل عليكم يحمل إليكم نفحات من الرحمن، نفحات من بدر وعين جالوت، نفحات تستنهض عزائمكم للوقوف في وجه الظالمين وحكام الطاغوت وأولياء الشيطان الذين عطلوا الدين وفرقوا جماعة المسلمين، فاشغلوا المسلمين بحروب وهمية وأعداء افتراضيين صنعهم الغرب على عين بصيرة، فقسم الغرب وعملاؤه المسلمين إلى سنة وشيعة، ومتطرفين ومعتدلين، وإرهابيين ومسالمين، وأوقع بينهم العداوة والبغضاء، وكل ذلك حتى يبقى المسلمون في فرقة وعذاب وحتى لا تصفوا أذهانهم فيدركوا خصمهم وسبب مصابهم.

يا أهل الأرض المباركة:

لقد أكرمكم الله فأسكنكم الأرض المباركة، أرضاً محفوظة بحفظ الله، لا يعمر فيها ظالم ولا يدوم فيها ملك جائر، وهي عرين الإسلام والطائفة الظاهرة على الحق، واليهود فيها لن يطول بهم مقام حتى يتحقق فيهم وعد الله وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه اليهودي يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله(

وسيخزي الله كل من تآمر على هذه الأرض وسعى إلى تثبيت كيان يهود عليها، وما كيد الكافرين وتآمر الخائنين إلا في تباب، فأنتم على موعد مع الخلافة على منهاج النبوة، فلا يهولنكم ما يعصف بالمسلمين ولا يرهبنكم ما عند الغرب من سلاح وعتاد، فالإسلام قد شق طريقه إلى الناس كافة ليخرجهم من ظلمات الرأسمالية والكفر والضلال إلى نور الإسلام وعدله وطمأنينته، وليؤلفن الله بين قلوب المسلمين كما ألف بين الأوس والخزرج، وليبلغن أمر الدين ما بلغ الليل والنهار، روى أحمد في مسنده عن تميم الداري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر الا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر(..

ثقوا بالله القوي العزيز، ووثقوا صلتكم به، وأجعلوا شهر رمضان هذا شهرا تستنصرون به الحق سبحانه بإخلاص خالص، ضارعين إليه أن يشرح صدور المسلمين لنصرة دينه وإقامة شرعه ومبايعة خليفة للمسلمين يقيم فيهم الدين كما أقامه رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون.. ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا﴾

23رمضان 1436هـ                                                      حزب التحرير

10/7/2015م                                                      الأرض المباركة فلسطين