بسم الله الرحمن الرحيم

الخلافة على منهاج النبوة هي ميراث النبوة التي بها نقيم الدين

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ» رواه البخاري، فرسول اللهصلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، أقام دولة الإسلام وجاهد في الله حق جهاده، والخلافة هي ميراثه، فهي حراسة للدين وسياسة للدنيا به، والإسلام دين منه الدولة، ومن يفهم الدين فهماً صحيحاً فلابد أن يعمل لإيجاد الخلافة، والخلفاء هم من ورثوا محمداً صلى الله عليه وسلم بحراسة الدين وسياسة الدنيا به، فهذا أبو بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم حارب المرتدين ومدعي النبوة ومانعي الزكاة وهو القائل: "والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه"، وهذا السلطان عبد الحميد هدد فرنسا بالحرب فمنع عرض مسرحية تسيء للمصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو من حفظ الأرض المباركة فلسطين عندما راوده هرتزل عليها ليسمح بهجرة اليهود إليها تمهيداً لتصبح وطناً لهم.

    فالخلافة هي الفرض الذي به تنفذ الفروض، وهي الطريقة الشرعية لحفظ العقيدة وتنفيذ اﻷحكام وحمل اﻹسلام رسالة عالمية، لتصبح كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.

    أيها المسلمون: منذ أن قضى الكافر المستعمر بمعاونة خونة العرب والترك على دولتكم دولة الخلافة، والأمة تعيش في غربة عن أحكام الإسلام، وعن نظام الخلافة وأحكامها، وعمل الكافر على نشر قيمه ومفاهيمه الطاغوتية القائمة على أساس فصل الدين عن الحياة مثل الدولة المدنية العلمانية، والديمقراطية، والحريات، والسيادة للأمة وغيرها، ونصب حكاماً عملاء يقومون على تنفيذها وأنشأ حركات وأحزاب مضبوعة بثقافته ليكرس هذه المفاهيم فازدادت غربة الإسلام في الأمة، مما أورثها مزيداً من الذل والهوان والفرقة والتبعية للكافر، وإن اعتماد من يقودون الثورات اليوم على نفس مفاهيم الغرب سيصل به حتماً إلى دويلات ممزقة، تقوم على أسس طائفية بغيضة متنافرة، ستكون أسوأ من تقسيمات سايكس بيكو المشؤومة.

إن الغرب الكافر عدوٌ بفكره، ويعمل جاهداً مسخراً في ذلك عملاءه من حكام المسلمين وأتباعهم من المفكرين والإعلاميين وعلماء السلاطين للصد عن سبيل الله، ويعملون جاهدين لمنع قيام دولة الخلافة، ذلك المشروع الحضاري العظيم الذي يهدد مصالحهم في بلاد المسلمين!.

    من هنا يجب على المسلمين -وقد قاموا ضد الأنظمة العلمانية- أن يكفروا بمفاهيم الغرب وأن يقطعوا كل الحبال معه، وأن يأخذوا على يد كل من تسول له نفسه أن يستعين بالغرب من أجل حرف بوصلة الثورات عن مسارها الصحيح، وإعادة إفراز الأنظمة العميلة من جديد، يقول تعالى: )قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ(.

    ويجب على الأمة كذلك أن تتلمس طريقها للعودة إلى ميراث النبوة من جديد، وهي خلافة راشدة على منهاج النبوة، خاصة بعد أن أصبحت الخلافة مطلباً عاماً عند عموم المسلمين، وبات المسلمون يشعرون أن الحكم الجبري قد أوشك على الانهيار، وبعد أن رأى الكافر المستعمر قوة الرأي العام الصادح بعودة الخلافة، وبعد أن بين له مفكروه أن دولة الخلافة قد أظل زمانها، وأن جيوش العالم أجمع لن تمنع فكرة آن أوانها!.

    أيها المسلمون: أنيبوا إلى ربكم وأسلموا له، واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم، بالعمل لإقامة الخلافة على منهاج النبوة، لتعيشوا شرفاء وتموتوا كرماء، ولتجعلوا لأنفسكم وزناً وقيمةً في زمن أخسرت فيه الموازين وضاعت فيه القيم، ولتعودوا بأمتكم إلى مكانها الطبيعي خير أمة أخرجت للناس، اللهم اجعلنا من جنودها وشهودها والعاملين المخلصين لها.

)وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(.

26 من رجب 1436هـ                                                                                                                                                حزب التحرير

15/5/2015م                                                                                                                                                   الأرض المباركة فلسطين