بسم الله الرحمن الرحيم 

فاجعة قلقيلية التي راح ضحيتها فجر الأحد 31/5/2009 اثنان من كتائب القسام وثلاثة من أفراد الأمن وآخرون بين قتيل وجريح، ليست حدثاً منعزلاً عن سياقه السياسي والأمني، بل هو نتاج طبيعي لوضع السلطة وعلاقتها بالناس وبالفصائل الفلسطينية، فالسلطة منذ نشأت وهي تجتهد أكثر من وسعها لترضي اليهود والأطراف الدولية، لعل هذه الأطراف الدولية تجود عليها بمال أو بمجاملات سياسية أو دبلوماسية مسمومة كرؤية جورج بوش لحل الدولتين، أو مطالبة أوباما بوقف النشاط الاستيطاني.

 لقد تزامنت فاجعة قلقيلية وما سبقها من نشاطات للأجهزة الأمنية مع عودة الرئيس عباس من أمريكا، فكأن هذه الحادثة كانت الترجمة العملية لطلبات أوباما ولتصريحات الرئيس عباس خلال تلك الزيارة.

 أما أوباما فقد قال (إن على الفلسطينيين كبح العنف والتحريض ضد الاسرائيليين). وأملى أوباما على عباس بعض التفاصيل المطلوب منه تنفيذها فقال (إن على الفلسطينيين أن يقوموا بواجبهم بتوفير الأمن في الضفة الغربية وتقليص التحريض ضد الاسرائيليين في المدارس والمساجد). 

أما جواب محمود عباس على طلبات أوباما فقد جاء واضحاً لا لبس فيه (إننا ملتزمون بخطة خارطة الطريق بالكامل من الألف إلى الياء، وان تنفيذ ما ورد في خطة خارطة الطريق هو السبيل الوحيد للوصول إلى السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط) [وكالة معاً، 29/5] . وحتى يتضح المعنى الحقيقي للألف والياء التي أشار إليها عباس إليكم بعض ما جاء في خارطة الطريق الإجرامية المشينة:

·     يعلن الفلسطينيون بشكل لا لبس فيه وقف العنف والإرهاب ويقومون بجهود ظاهرة للعيان على الأرض لاعتقال وتوقيف وشل حركة الأشخاص والجماعات التي تشن وتخطط لهجمات عنيفة ضد الإسرائيليين في اي مكان.

 ·     يبدأ الجهاز الأمني للسلطة الفلسطينية الذي أعيد بناؤه وتوجيهه عمليات متواصلة وموجهة وفعالة تهدف إلى التصدي لكل المشاركين في الإرهاب وتفكيك القدرات والبنى التحتية الإرهابية. ويشمل ذلك بدء مصادرة الأسلحة غير المشروعة وتعزيز سلطة الأمن التي تخلو من أي ارتباط بالإرهاب أو الفساد.............

.·     يستأنف مسؤولو أجهزة الأمن الفلسطينية التي سيتم إعادة بنائها وإعادة تدريبها ونظرائهم في الجيش الإسرائيلي بصورة مطردة التعاون الأمني وغيره من الالتزامات تطبيقا لخطة تينت بما في ذلك الاجتماعات الدورية على مستوى رفيع بمشاركة مسؤولين أمنيين أمريكيين. ........ انتهى.

 وهكذا يتضح أن التزام السلطة بخارطة الطريق لا يمكن إلاّ أن ينتج عنه أحداث مثل أحداث قلقيلية، لأن من الطبيعي أن تنشأ تحت الاحتلال حركاتُ مقاومة، وخارطة الطريق تُلزم السلطة بالقضاء على هذه المقاومة. ولذلك فإن السلطة الفلسطينية وخارطة الطريق التي تتخذها السلطة كأنها قرآن يتلى هي المسئولة عما حصل في قلقيلية، وهي تتحمل وزر دماء المسلمين التي سالت في تلك الفاجعة، سواءٌ من أبناء الأجهزة الأمنية أم من أبناء حركة حماس، ولا يعفيها من المسئولية الفذلكات والتبريرات الواهية التي صدرت عنها. إن إصرار السلطة الفلسطينية على الالتزام بخارطة الطريق وما شابهها من اتفاقات مع اليهود والأطراف الدولية لهو كارثة عظمى: كارثة تحل بفلسطين فتضيعها وكارثة تحل بأهل فلسطين فتريق دماءهم.

  أيها المسلمون في فلسطين،

إن ما جرى في قلقيلية ينذر باقتتال جديد وشر مستطير، وإن على العقلاء والمخصلين في جماهير الناس وأبناء التنظيمات جميعها أن يتداركوا الأمر قبل فوات الأوان، فيحولوا دون اندلاع اقتتال جديد، ومن أخطر المداخل للاقتتال استنفار وتجييش التنظيمات في هذه القضية، فإن زج التنظيمات فيها يعني زج عامة الناس، ووضعهم على شفير الهاوية وفتنة لا يعلم إلاّ الله أين تنتهي. كما أن على الناس جميعاً أفراداً وتنظيمات أن يضغطوا على السلطة حتى تتراجع عن سيرها الأعمى فيما يمليه اليهود والأمريكان، وعليهم أن يُفهموا أبناءهم ومن لهم عليهم دالّة من الأجهزة الأمنية أن الله سبحانه سيحاسبهم على كل انتهاك لحرمة مسلم، وليُفهموهم أن الفاقة خير من تسخير اليهود لهم ضد شعبهم، وطعامٍ معجون بدماء المسلمين وأعراضهم، قال r (مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْلَةً فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ مِثْلَهَا مِنْ جَهَنَّمَ وَمَنْ كُسِيَ ثَوْبًا بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَكْسُوهُ مِثْلَهُ مِنْ جَهَنَّمَ).

 والسلطة قد بدأت بتجييش التنظيمات فقد أُلقيت بيانات تحريضية عبر مكبرات المآذن في مساجد كل من قلقيلية وجنين، وقد اتسمت هذه البيانات بلغة تستجلب الشقاق والنـزاع والاحتراب، فاستنكرها الناس بمن فيهم الشرفاء المخلصون من أبناء حركة فتح. فلتتوقف السلطة عن هذا النهج الخطر، وليحذر الناس هذا الأسلوب الذي يوردهم المهالك والفتن.

 أيها المسلمون في فلسطين،

إن الله تعالى قد حرم دماءكم عليكم فقال r (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُه)، وقال r (مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ). وإن اليهود والأمريكان وغيرهم يكيدون لكم ويريدون لكم أن تكونوا وقوداً لمخططاتهم، فردوا كيدهم إلى نحرهم, وإياكم أن تجرّكم إلى سفك دمائكم ودماء أبنائكم شرذمةٌ قليلون من أولياء اليهود.

 أيها المسلمون،

 أن دولة الخلافة القائمة قريباً بإذن الله تعالى، والتي ندعوكم لتساهموا معنا في شرف إقامتها، ستقتص من كل من يوقع بين المسلمين ويسفك دماءهم، وكل من يتآمر عليهم وعلى بلادهم.

 (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين)

حزب التحرير - فلسطين

‏08‏ جمادى الثانية‏، 1430 الموافق  ‏01‏/06‏/2009