بيان صحفي

تحرير فلسطين بكاملها هو الحل الإسلامي للقدس

(مترجم)

دموع التماسيح والاحتجاجات الهزيلة التي صدرت من بعض الأنظمة العربية والجماعات الفلسطينية لن تغير نصف قرن من الغدر. فبينما يقوم الرئيس الأمريكي ترامب بالتحدي ثم بالفعل الإعلان أنه قد حان الوقت للاعتراف بالقدس عاصمة لكيان يهود، تتذكر القيادات الفلسطينية والعربية فجأة مدى أهمية هذه الأرض المباركة، وتتغنى بتمجيدها، وتتحدث عن خطوط حمراء على وشك تجاوزها!

 

نعم، القدس هي أرض مباركة، وكذلك المسجد الأقصى، قبلة المسلمين الأولى، وأرض الإسراء. لذلك فإن أي ادعاء بحب القدس يستوجب الدعوة لتحريرها كاملة من احتلال الصهاينة، وليس من أجل تقسيمها إلى أجزاء شرقية وأجزاء غربية.

 

عندما أنشئت حركة فتح في منتصف الستينات، أعلنت أنها ستشكل حركة مقاومة لتحرير فلسطين، شرقها وغربها (من النهر إلى البحر). لكن هذا الشعار سرعان ما تبخر، فسلمت النهر في الشرق، والبحر في الغرب، وجميع الأراضي الواقعة بينهما.

 

أصدر حزب التحرير نشرة في عام 1964 حذر فيها علنا من أن منظمة التحرير الفلسطينية، التي تشكل فتح جزءا منها، هي جزء من خطة أمريكية لإقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية، وفي نهاية المطاف الاعتراف بكيان يهود. وقد ورد في النشرة ما يلي:

 

"الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام، وجعل مقياس أعمالنا الحلال والحرام، وصلّ اللهمّ وسلم وبارك على نبينا محمد الذي أرسله الله تعالى بالهدى، وجعله خاتم الأنبياء والمرسلين. لقد ثبت دون أدنى شك أن الهدف من إنشاء منظمة "التحرير" الفلسطينية، التي يرأسها أحمد الشقيري، هو فصل الضفة الغربية عن الأردن، وإنشاء كيان مستقل فيها ليصبح دولة أخرى لا تشمل القدس أو بيت لحم. (كان هذا قبل أن يسلم ملك الأردن الضفة الغربية عام 1967)... وهذا يتعارض مع ما أمر الله تعالى به من وجوب وحدة جميع البلاد الإسلامية. ولذلك، فإن هدف منظمة "التحرير" هذه هو ارتكاب خطيئة كبرى، وعمل حرام وجريمة مروعة."

 

حافظ حزب التحرير على موقفه الثابت القائم على الشريعة الإسلامية في عشرات المنشورات الصادرة خلال الستينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وحتى الآن، موضحا هدف إنشاء هذه الفصائل الفلسطينية، وكيف أنها ليست سوى عملاء للدول الاستعمارية.

 

عندما أنشئت حماس أعلنت أيضا أنها ستشكل حركة مقاومة، وأنها ستحرر فلسطين من النهر إلى البحر. ثم قبلت حماس أيضا فكرة إقامة دولة فلسطينية ضمن أراضي 1967، جنبا إلى جنب مع كيان يهود في كل فلسطين تقريبا.

 

في عام 1991 حذر حزب التحرير من أن هدف أمريكا هو إقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة ترتبط بالأردن من خلال اتحاد فدرالي أو كونفدرالي لفترة انتقالية، حيث يتم خلالها إقامة حكومة فلسطينية ذات حكم ذاتي واستقلال إداري، في حين يتمتع كيان يهود بالسلطة، والمسؤولية عن السياسة الخارجية والأمن. كما حذر الحزب من أن أمريكا تهدف إلى توقيع الدول العربية على معاهدة سلام، ومن ثم تطبيع العلاقات مع الكيان الغاصب.

 

من الأفضل للمسلمين أن تظل فلسطين محتلة من قبل يهود لعشرات السنين بدل التوقيع على معاهدة سلام معهم يتنازلون بها رسميا عن الأرض المقدسة. احتل الصليبيون فلسطين وأنشأوا فيها ممالك صليبية لمائة عام، ولكن المسلمين لم يعقدوا أي معاهدة سلام معهم، ولم يتخلوا عن شبر واحد من البلاد الإسلامية التي احتلوها كما يريد حكام العرب والقادة الفلسطينيون القيام به اليوم. بل استمر المسلمون في محاربة الصليبيين حتى هزموهم وأخرجوهم من جميع البلاد الإسلامية التي احتلوها. لقد حرروا القدس وأرض فلسطين منهم، ودمروا الممالك التي أقاموها في أرض الشام.

 

إن الاعتراف بدولتين في فلسطين، سواء أكانت القدس موحدة أم مجزأة، لن يجعل كيان يهود شرعيا في نظر الإسلام. ثم إن فتح وحماس وبقية الأنظمة العربية والإسلامية لا تمثل الإسلام والمسلمين، بل هم جزء صغير من القافلة التي ضلّت الطريق. أما فلسطين فهي أرض إسلامية مباركة ملك للأمة الإسلامية.

 

القدس هي القدس كلها، وليس فقط الجزء الشرقي منها، وفقا لمراسيم الأمم المتحدة الاستعمارية. إن فلسطين كلها، بما فيها القدس، ليست أرضا إقطاعية تابعة لحركة فتح أو أي فصيل فلسطيني آخر، حتى يتسنى لها بيعها للعدو، متى رغبت في ذلك. كما أنها ليست ملكاً للأنظمة الفاسدة في العالم الإسلامي كي تتنازل عنها أيضا ليهود، خضوعاً لأسيادهم الغربيين. فلسطين هي الأرض المقدسة كما جاء وصفها في القرآن الكريم وسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وعلاوة على ذلك، فإنها أرض إسلامية سلمها النصارى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حتى يقيم فيهم عدل الإسلام.

 

هذه هي فلسطين، ولن يكون حلها باليد الممدودة لأمريكا بالتفاوض حول حل الدولتين، ولا بالتفاوض مع كيان يهود. إن أي شبر من أرض فلسطين المحتلة عام 1948 وأي شبر من فلسطين المحتلة عام 1967، كلاهما في نظر الإسلام سواء. لقد جرى تجاوز الخطوط الحمراء التي كان أردوغان وعباس يتحدثان عنها منذ قرن من الزمان قبل عام 1917، عندما نفذ المستعمرون البريطانيون خطتهم البشعة لتقسيم البلاد الإسلامية، وتدمير الخلافة، و"إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين".

 

إننا نتوكل على الله ونتصرف حسب أوامره، والله وليّ من يتوكل عليه، وسينجز لنا وعده عما قريب إن شاء الله.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27]

 

يحيى نسبت

الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا

للمزيد من التفاصيل