علماء أجانب يتحدثون عن حزب التحرير بنزاهة
 
نشر موقع "نيو يوراسيا" مقالا للعالم "برونو ديكورديير" من جامعة "غينت" في بلجيكا بتاريخ 16/3/2011 تحت عنوان "توضيح وتفسير سبب إصرار واستمرارية حزب التحرير في العمل."
 
بدأ العالم مقاله بملاحظة له، حيث قال أنّ حزب التحرير الأصولي ربما يكون من أكثر الأحزاب المنبوذة رسميا في منطقة آسيا الوسطى وفي أماكن أخرى، وأنّه على الرغم من قمعه في كل مكان إلا أنّه ما زال يعمل بنشاط كبير. يرى العالم "برونو" أنّ إصرار واستمرار حزب التحرير يرجع إلى العقيدة التي يؤمن بها، وأنه -أي الحزب- يعمل على إيجاد سخط حقيقي وطموح لدى الشعوب، وأنّ الحزب يمثل في جوهره شكل ونظام بديل عن نظام العولمة.
 
يقول "برونو" واصفا الحزب بأنّه حركة يتم الحديث عنها كثيرا، وأنّ التغطية والحديث عن الحزب وعن الخلافة التي يهدف إلى إعادة بنائها تغطية خجولة وحديث غامض، ويضيف قائلا أنّ هناك صعوبة في تحديد عدد أعضاء الحزب في العالم بدقة، أو مدى انتشاره في البلاد الإسلامية، وتحديدا في دول مثل أوزبكستان وحتى وقت قريب في ليبيا، إلا أنّه يعترف بأنّ هناك إقبال على أفكار الحزب وأنّ الحزب استطاع وبقي صامدا بالرغم من المحاولات المتكررة لقمعه، ويُرجع "برونو" سبب ذلك إلى مواقف الحزب التي يعمل من خلالها لإيجاد سخط حقيقي وطموح عند الشعوب، موضحا ذلك بأنّ هذه المواقف التي يقفها الحزب ما هي إلا إجابات حقيقية للمشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الموجودة على الأرض واصفا هذه الحلول بأنها أفضل من التي تقدمها منظمات حقوق الإنسان العلمانية.
 
يشير العالم "برونو" إلى كتاب –بزوغ نظام عالمي والخلافة الإسلامية- لأحد شباب الحزب على موقع خلافة، حيث يقول أنّ الكتاب يناقش ويستشهد بآيات من القران وأحاديث وأقوال لفلاسفة غربيين بالإضافة إلى مجموعة من الإحصاءات، وتركيز الكاتب على التشكيل الجيواستراتيجي لمناطق المسلمين الجغرافية وتوزيعها، وأنّ الموارد الطبيعية والإمكانيات الاقتصادية والصناعية والقوة العسكرية والعامل السكاني والأيديولوجي ستصنع قوة عظمى في "النظام العالمي الجديد"، والتي ستولد حسب فهم الحزب بالتزامن مع التراجع والتقهقر المستمر للهيمنة الغربية الطويلة الأمد على بلاد المسلمين. وأنّ العقبة الرئيسية التي تحول دون الاستفادة من تلك الإمكانات حسب ما جاء في الكتاب هو تقسيم المسلمين إلى 56 دويلة، التي كان السبب في وجودها الاستعمار والاحتلال والتقسيم واستيراد الأفكار العلمانية مثل القومية والاشتراكية والحرية. وأنّ حكام هذه الدول مجرمون بسبب تنفيذهم سياسات لخدمة مصالح الغرب.
 
ثم ينوه "برونو" إلى أنّ الخليفة حسب وجهة نظر الحزب يجب أن يكون منتخبا وأنّه قائد في الدنيا، سيحكم بالإسلام وأنّه ليس معصوما عن الخطأ، وأنّ الخليفة حسب فهم الحزب الذي يخالف الكثيرين ليس هو المهدي.
 
ثم يقر العالم "برونو" بأنّ إنشاء كيان ضخم يمتد من الرباط إلى "مندانو" –أكبر مدينة في الفلبين- أمر واقعي، ويتساءل مستنكرا فيما إذا كان مبدأ حزب التحرير منفصل عن الواقع كما يدعي البعض.
 
وفي تشخيصه لما يجري في البلاد العربية فإنّه يتحدث عن وجود إحباط عميق من الأنظمة التي تتمتع بنفوذ كبير في العالم الإسلامي على غير إرادة الحزب، ويضيف قائلا أنّ هذه الثورات العربية المستمرة دافعها الإحباط والظلم الاجتماعي أكثر منه أيديولوجي، وأنّ أقل ما يقال عن هذه الثورات أنها ستساعد على انتشار الأجندة الإسلامية، وأنّ حزب التحرير يرى في هذه الثورات ويعتبرها تطورا واعدا من جهة أنها موجهة ضد المدعومين غربيا مثل الرئيس مبارك أو ضد المعادين للإسلام مثل نظام القذافي الذي ظلم المسلمين لفترة طويلة، وأنّ حزب التحرير يشعر بأنّ انهيار هذه الأنظمة بمثابة فتح مجالات جديدة له لمناقشة فكرة الخلافة بشكل أوضح. وهذا ليس من الضروري أن يكون سذاجة نظراً لأنّ السخط الذي أجج هذه الثورات كانت بسبب سياسات الليبرالية الجديدة، وبالتالي فإنّ مفهوم "التغريب" و "الحداثة" ينظر إليها على أنها جزء من المشكلة وليست الحل.
 
يشير "برونو" إلى أنّ مفهوم دولة الخلافة الإسلامية المرتبطة بحزب التحرير، لا يبدو عليها أنها ترفض الانجازات التكنولوجية الحديثة بل إنّها تريد أن تكرس هذه الانجازات في خدمة ما يراه الحزب انعتاقا من الغرب والنهوض بالعالم الإسلامي. وأنّ حزب التحرير يسعى إلى بلورة إطار إيديولوجي عالمي وإيجاد وعي من خلال استخدام وسائل الإعلام الحديثة وتقنيات الاتصال بالإضافة إلى شبكات الهجرة وفلسفة السياسة المعاصرة. ويضيف قائلا أنّه عند النظر إلى فهم الحزب للإسلام وتوضيح رؤيتهم للنظام الاجتماعي البديل، فإنّك تجد أنهم يقومون بذلك عن طريق التحليل العملي لمجموعة واسعة من الأحداث الحاصلة، وفي ملاحظة لعدم تفريق الكاتب بين الحضارة والمدنية، تجده يقول أنّه على الرغم من أنهم قد يكونون ضد الحداثة إلا أنهم متطورون جدا واستخدامهم للانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي دليل على ذلك.
 
يقول "برونو" أنّ مفهوم خلافة حزب التحرير يعكس ما أعتقد أنّه فهم مميز لضرورة التكامل الاقتصادي الحقيقي في العالم الإسلامي. هناك شعور بأنّ وجود جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الاقتصادي، غير قادرة على إحداث تغيير حقيقي لأنها جميعها فاسدة فهي تابعة لحكومات ولأنظمة تعادي الإسلام وهذه الأنظمة تابعة لأجندات دول كبرى، وهذا يُعتبر المشكلة والمعضلة الرئيسية في العالم الإسلامي، وأنّ هناك دعوة لإزالة الحدود بين الدول والمجتمعات.
 
ويؤكد "برونو" مرة أخرى على أنّ حزب التحرير ليس ساذجا كما قد يظهر، فالحاجة إلى الشعور بالانتماء أو وجود هدف مشترك في العالم الإسلامي هو أمر ضروري، وأنّه كحركة لا يوجد لها موطن فإنّ حزب التحرير يروج لنفسه بنشاط على أنه يعمل على توحيد الهوية ومركزية الهدف والتكامل بين المناطق في العمل، ويضيف ولكن من جهة أخرى ومن وجهة نظري فإنّ حزب التحرير لا يبدو أنّه يعمل لأن يكون حركة جماهيرية ولا يبدو أنه يسعى لإقامة خلافة من الصفر أو من لا شيء، وأنّه كحزب يريد أن يحشد وينشر أفكاره بين الفئات المجتمعية والمؤسسات، وأنهم بالتأكيد يستهدفون العناصر الاجتماعية التي لها نفوذ حقيقي وقوة مؤثرة وضرورية لإحداث التغيير، مثل القوات المسلحة وأجهزة الاستخبارات والمحترفين.
 
وفي لفتة منه يقول أنّه على النقيض من الجماعات التي روّجت للصراع الطائفي الدموي بين السنة والشيعة، يُعتبر حزب التحرير من بين الأحزاب السنية الإسلامية القليلة التي تَعتبر الشيعة مسلمين تماما. وأنهم ينظرون إلى الشيعة على أنهم جزء من العالم الإسلامي، ولأنّ حزب التحرير يعتبر الطائفية سياسة لقاعدة فرق تَسُدْ التي أوجدها أعداء الإسلام فإنه لا يجب على المرء أن يقلل من التطبيق العملي لهذا المفهوم من حيث توسيع ساحة الكسب لصالح الحزب.
 
ويختم العالم "برونو" مقاله بالقول أنّ حزب التحرير قد سلط الضوء على غياب دولة تكون مرجع وذات مصداقية وأنها ستكون كما كانت تقف لحماية العالم الإسلامي، وأنّ منظمة المؤتمر الإسلامي في نظر الكثير من العالم الإسلامي قادرة لكنها لا تلعب ذلك الدور، وعندما حاول قادة مثل صدام حسين والقذافي العزف على وتر الإسلام من خلال أنظمتهم العلمانية لحشد الشعوب، يُنظر إليهم الآن على أنهم انتهازيون، لذلك إنّ ما ننظر إليه في حزب التحرير ومفهومه لدولة الخلافة الإسلامية، أعتقد أنّه يمثل أساسا لنموذج بديل عن نظام العولمة.  
 
27-3-2011