بسم الله الرحمن الرحيم

حمد طبيب ( أبو المعتصم )
لم تفلح كل الجهود التي قامت بها أمريكا في السنوات السبعة الماضية، - من سنة 2003 إلى سنة 2010 _ لم تفلح خلالها أمريكا في السيطرة على أفغانستان، والقضاء على المقاومة الأفغانية، وزاد الطين بلّة في السنوات الأخيرة إقحام الجيش الباكستاني في هذه المعركة الخاسرة، فكانت هذه الخطوة بمثابة المقامرة العسكرية والسياسية بالنسبة لأمريكا وعملائها في باكستان وخاصة في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بباكستان.. وقد أدركت أمريكا خطورة الوضع فأرادت أن تنقذ الوضع المتأزم فتجازف المجازفة الأخيرة في هذه الحرب، فإما أن تكون نتيجة الوضع الانتصار والخروج من هذا المأزق المؤرّق وإما أن تحمّل نفسها هزيمة منكرة جديدة تضاف إلى الهزائم السابقة.. ولا أظن أن أمريكا ستخرج منتصرة من مثل هذه الحرب الطويلة المنهكة وإنما ستكون النتيجة مريرة تماما كما كانت مع سلفها الاتحاد السوفيتي ومن قبل مع الانجليز !!!.
فما هو السبب الذي دعا أمريكا إلى هذه المقامرة الخطرة؟
 
إن هناك عدة أسباب دعت أمريكا، بل اضطرتها إلى هذا العمل العسكري الكبير نذكرها ضمن النقاط التالية:-
1- طول أمد الحرب والتململ الحاصل داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية، والتململ أيضا داخل فئات الشعب الأمريكي وخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة وتعالي الأصوات بضرورة انسحاب الجيش الأمريكي وتخفيف أعباء الحرب الاقتصادية فخافت أمريكا من ازدياد الأمور إلى الأسوأ وذلك لطول أمد الحرب واضطرارها في نهاية المطاف إلى الانسحاب دون تحقيق الأهداف، بل على العكس من ذلك أن تسجل للمقاومة الأفغانية برئاسة طالبان انتصار عسكري كبير والسيطرة من ثم على أفغانستان مرة أخرى وإحراج أمريكا أمام الشعب وأمام المؤسسة السياسية والعسكرية !!..
 
2- ما حصل من دول حلف الأطلسي وخاصة بعد أن قويت شوكة طالبان وزادت من نفوذها وسيطرتها وبعد الخسائر التي أوقعتها حركة المقاومة في صفوف هذه القوات، وهذا الأمر قد برز بشكل لافت للنظر في تصريحات قادة القوات البريطانية حيث أخذت تتعالى الأصوات بضرورة سحب القوات، وقد نهجَ نهْج بريطانيا دول أخرى أخذت تنادي بضرورة الانسحاب وعدم جدوى هذه الحرب، ودول أخرى أخذت تنادي هي أيضا بضرورة إجراء محادثات مع قوات طالبان لأنه لا يمكن حسم الأمور عن طريق القوة والحرب، ولذلك خافت أمريكيا من تعالي هذه الأحداث والوصول في نهاية المطاف إلى قرار بسحب القوات كما يحصل في العراق، وبالتالي وضعها في وضع محرج وخطير في نفس الوقت، لذلك أدركت أمريكا ضرورة الاستعجال في الحسم العسكري بهذه المقامرة الخطيرة.
 
 3- امتداد نفوذ طالبان وازدياد انتصاراتها وتوسع سيطرتها على مناطق جديدة في الأراضي الأفغانية وهذا بالتالي جعل الشعب الأفغاني ينظر من جديد لحكم طالبان، وزادت الكراهية للحكومة الأفغانية بقيادة كارازاي، فهذا الأمر جعل أمريكا تفكر جديا بالحسم العسكري لوضع حد لهذا الأمر الخطير الذي يهدد نفوذها وجيشها بالخطر الداهم !! 
 
3- الخوف على وضع باكستان من هذه الحرب، فهذه الحرب هي بمثابة النار الموضوعة تحت القدر الذي يغلي فتحرك الشارع الباكستاني، ويؤثر على قادة المؤسسة العسكرية الباكستانية، وخاصة أن الوضع في باكستان ينحدر إلى الأسوأ في ظل القيادة الحالية، من الناحية الاقتصادية والسياسية، والأمر الأخطر على باكستان هو إدخال الجيش الباكستاني في هذه الحرب القذرة الخائنة للمسلمين ولجهادهم ضد الكفار.
 
فالجيش الباكستاني أبدى امتعاضاً عدة مرات من إقحامه في هذه الحرب القذرة بدل أن يكون أداة نصرةٍ لإخوانه المجاهدين، وقد عمدت أمريكا عدة مرات لضرب القوات الباكستانية في مناطق تواجدها في معسكراتها، ودلك بتآمر مع القادة السياسيين في باكستان بسبب معارضة بعض القادة لهذه الحرب، ولتحريضهم أيضا على المجاهدين عن طريق افتعال بعض التفجيرات في المراكز العسكرية، ولكن القادة العسكريين وخاصّة الواعين منهم أدركوا هذه الحيل والألاعيب المقصودة.
 
4- الخوف من عدم تحقيق الحسم العسكري يعتبر كارثياً لأمريكا على جميع المستويات، ويهدد وجودها في منطقة وسط آسيا بالزوال، ويعرض مصالحها للخطر، بل للاندثار وبالتالي ذهاب السنوات السبعة الماضية هباء منثوراً، لذلك جنّ جنون أمريكا وجازفت هذه المجازفة الخطرة !!
 
وفي الختام نقول : إن نهاية هذه الحرب المشتعلة في أفغانستان ستكون هزيمة منكرة لأمريكا بإذن الله، وهي بشارة بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في باكستان وأفغانستان وجميع المناطق المجاورة في جمهوريات آسيا الوسطى وهذه البشارة يصدقها قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) 37/ الأنفال
 
نسأله تعالى بقلوب ضارعة راجية مستبشرة أن يكسر شوكة الكفر ويرفع صرح الإيمان في القريب العاجل، بقيام دولة الإسلام ليعزّ فيها الإسلام وأهله ويذل فيها الكفر..... آمين يا رب العالمين ويا ناصر المؤمنين المستضعفين ..... يا من قلت وقولك حق وصدق: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) 6/ القصص.
 
18/2/2010